يشهد سوق السيارات حالة من التخبط وعدم الاتزان بسبب قرارات حكومة الانقلاب بإلغاء مستندات التحصيل والتعامل بالاعتمادات المستندية بجانب أزمة الدولار وتراجع قيمة الجنيه المصرى ما أدى إلى توقف استيراد الطرازات الجديدة من السيارات بالإضافة إلى توقف استيراد قطع الغيار .
هذه التطورات تسببت في توقف حركة مبيعات السيارات نتيجة قلة المعروض منها وانتشار ظاهرة الأوفر برايس نتيجة عدم توافر كميات من السيارات تلبي احتياجات العملاء ، مما جعل بعض الموزعين والتجار يفرضون زيادات في الأسعار أعلى من السعر المعلن من قبل الوكيل.
كما تسببت في ارتفاع أسعار قطع الغيار بنسبة تصل إلى 120% لبعض السيارات نتيجة عدم قدرة الشركات على تلبية احتياجات المستهلكين المتزايدة ، وهو ما يعني تعطل السيارات وتكهينها وتحميل مالكي السيارات خسائر كبيرة .
الخبراء وصفوا الأزمة الجديدة التي يواجهها سوق السيارات في مصر بـ"النفق المظلم" موضحين أن هذه الأزمة تتمثل في اختفاء بعض أنواع قطع الغيار، مما يعرض مالكي السيارات لمخاطر كبيرة حال تعطل مركباتهم .
وأكد الخبراء أن سوق قطع غيار وإطارات السيارات، يشهد أزمة نقص بسبب بطء إجراءات الاستيراد من خلال فتح الاعتمادات المستندية إضافة للأزمات العالمية في بلدان المنشأ، سواء بسبب إغلاقات جائحة كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية.
أزمة حقيقية
من جانبه قال المهندس شلبي غالب، عضو شعبة قطع غيار السيارات بالغرف التجارية، إن "مصر تواجه أزمة حقيقية في توافر قطع غيار السيارات ، مما أدى إلى زيادة الأسعار بنسبة وصلت إلى 120% في بعض الأنواع".
وأضاف غالب في تصريحات صحفية، أن المصانع العالمية كانت تعمل بـ 35% من طاقتها الإنتاجية في ظل أزمة كورونا ، وبالتالي هذه الفترة كانت بداية أزمة نقص قطع الغيار في الأسواق، ثم تفاقمت الأزمة مؤخرا بعد قرار البنك المركزي المصري بوقف التعامل بمستندات التحصيل في كل العمليات الاستيرادية والعمل بالاعتمادات المستندية بدلا منها.
وأشار إلى أنه رغم استنثاء مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من الإجراءات التي تم تطبيقها مؤخرا على عملية الاستيراد، وذلك بالعودة إلى النظام القديم من خلال مستندات التحصيل، إلا أن أزمة قطع غيار السيارات ما زالت مستمرة وتهدد أصحاب ومالكي السيارات.
وأوضح غالب أن أبرز الأصناف التي اختفت من السوق المصرية تتمثل في المساعدين وسير الكاتينا وتيل الفرامل وفلتر الزيت والحساسات ، محذرا من أن هناك أصنافا أخرى ستختفي قريبا.
وأكد أن أسعار قطع الغيار ارتفعت بنسبة 50% وبعض الأنواع وصلت إلى 120% بسبب زيادة الدولار وأسعار الشحن عالميا وزيادة الأسعار في المصانع عالميا، بالإضافة إلى قلة المعروض بالسوق المصرية.
وحذر غالب من تفاقم الأزمة خلال الأيام المقبلة مشيرا إلى أن السيارات بدأت تتعطل في الشوراع ومفيش قطع غيار لها، والمخزون لا يكفي أكثر من 4 أشهر فقط.
وكشف أن مصر تستورد من 500 إلى 600 مليون دولار قطع غيار سيارات سنويا، تخدم 4 مليون و800 ألف سيارة ملاكي منهم 900 ألف تاكسي وكريم وأوبر وحوالي 900 مركبة نقل.
تكاليف الشحن
وقال المهندس مجدي توفيق استشاري هندسة السيارات ومراكز الخدمة، إن "قطاع السيارات يمر بأزمة نقص قطع الغيار والتي تسببت في حالة من الارتباك، حيث جاء ذلك تزامنا مع طرح سيارات جديدة بالسوق المصري رسميا في أواخر عام 2021 ثم توقف باب الحجز عليها وتم ظهور ظاهرة الأوفر برايس من جديد في السوق".
وأكد توفيق في تصريحات صحفية أن قطع الغيار في مصر تعرضت إلى أزمات متتالية على مدار عامي 2021/2022 حيث تشمل هذه الأزمات: نقص هذه القطع وندرتها في مصر، والأزمات العالمية المتتالية التي بدأت مع انتشار فيروس كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع الدولار، والحروب الخارجية حتى الآن، وقلة البضاعة المشحونة، وارتفاع تكاليف الشحن على الشركات، مؤكدا أن كل ذلك أدى إلى نقص قطع الغيار وزيادة أسعارها في السوق المصرية.
وأشار إلى أن هناك بعض قطع الغيار بالسيارة تستهلك بمرور الوقت ويجب تغييرها بصورة دورية للحفاظ على السيارة، محذرا من أن عدم وجود قطع الغيار سوف يؤدي إلى التأثير على سلامة وأمان السيارات بجانب التأثير السلبي على البيئة.
وذكر توفيق أن مصر كانت تستورد قطع غيار سيارات في العام الواحد ما بين 500 و550 مليون دولار لكن انخفض معدل الاستيراد في أول 4 أشهر من هذا العام 2022 إلى نسبة 12% منها 54 مليون دولار تقريبا في يناير فقط و53 مليون دولار في فبراير و62 مليون دولار في مارس و43 مليون دولار في أبريل 2022.
وكشف أن من أهم هذه القطع التي لم تكن متوفرة بالقدر الكافي بالسوق المصرية خلال العام الماضي "أطقم البساتم – أطقم الشنابر – بعض أجزاء السيارة الخارجية"، مما يؤدي إلى انتهاء المخزون وعدم تعويضه للسوق المصرية.
حركة البيع
وقال منتصر زيتون عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن "نقص قطع غيار السيارات في السوق المصرية له تأثير كبير على حركة البيع والشراء سواء للسيارات الجديدة أو المستعملة".
وأضاف زيتون في تصريحات صحفية أن مشكلة استيراد قطع الغيار حاليًا ستدفع بعض الشركات إلى التوجه نحو التصنيع بدلا من الشراء من الخارج، لافتا إلى أن أزمة نقص المعروض من قطع الغيار دفعت التجار إلى رفع الأسعار بنسب خيالية.
وأكد أن سوق السيارات يمر حاليا بحالة من التخبط وعدم الاتزان بسبب التطورات الأخيرة التي طرأت عليه ، موضحا أن مبيعات السيارات شبه متوقفة الآن نتيجة قلة المعروض منها .
وأشار زيتون إلى أن ظاهرة الأوفر برايس سببها الرئيسي هو نقص المعروض من السيارات وعدم توافرها بكميات تلبي احتياجات العملاء ، مما جعل بعض الموزعين والتجار يفرضون زيادات في الأسعار أعلى من السعر المعلن من قبل الوكيل.