يرى محللون ماليون وخبراء اقتصاديون ضرورة تخفيض الجنيه 20٪ ورفع الفائدة من 4-3 ٪ حتى يعود الاستثمار الأجنبي وليس تثبيت سعر الفائدة كما قرر البنك المركزي الخميس 22 سبتمبر.
وبحسب تصريحات صحفية للخبيرة الاقتصادية منى بدير، فإن سياسات سعر الصرف نقطة محورية في مفاوضات مصر مع صندوق النقد، والصندوق يرى ضرورة تحقيق مرونة في سعر الصرف لتحجيم المخاطر المستقبلية، وعدم تعرض مصر لعدم قدرتها على دفع أقساط وفوائد ديونها.
واعتبرت الخبيرة الاقتصادية يمنى الحماقي، أن وصول سعر الجنيه أمام الدولار إلى 23 جنيه أمر خطير، وله أضرار سلبية على المواطن المصري سواء مستهلك أو مستورد، لأنه سيؤدي لارتفاع أسعار السلع لمستويات قياسية، لن يتحملها الشارع المصري.
وكان معدل التضخم في مصر ارتفع لمستويات كبيرة في شهر يوليو الماضي ووصل إلى 14.6%، وسجل معدل التضخم الأساسي السنوي الذي يستبعد أسعار المواد غير المستقرة إلى 15.6%، وهو أعلى مستوى من 4 سنين ونصف.
وقال المحلل الاقتصادي عمرو عادلي، عبر موقع المنصة، يمكن تجنب ذلك عبر إعادة هيكلة الديون قصيرة الأجل، واستبدالها بديون طويلة المدى، وهذا ما بدأت فيه الحكومة من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي والاستدانة من دول مجلس التعاون الخليجي.
وخفض الجنيه في 2016 ساهم في تجميد العجز في الميزان التجاري السلعي "الفرق بين الصادرات والواردات"، لكن بدأ في الارتفاع منذ 2019.
وشكلت الواردات السلعية أهم بند في المدفوعات بالدولار التي تشكل 75% من إجمالي مدفوعات مصر السنوية بالدولار، أما التزامات الواردات الخدمية تشكل نسبة 14%، و11% لمدفوعات فوائد وأقساط الدين الخارجي.
لكن مدفوعات فوائد وأقساط الديون زادت بنحو 24% خلال العام 2022 والتي تعكس حجم ارتفاع الدين الخارجي، خاصة قصير الأجل منه.
كما ارتفعت مدفوعات الواردات السلعية بنسبة سنوية حوالي 20%.
معضلة التضخم
وقال الباحث الاقتصادي هاني توفيق عبر "فيسبوك": "من المعروف أن التضخم فى مصر ناتج عن جانب العرض وليس الطلب وبالتالى رفع الفائدة غير ذى جدوى. ولكن عدم رفع الفائدة يجعل سعر الفائدة الحقيقى رقما سالباً ، مما قد يخفض من معدل الادخار المحلي اللازم للاستثمار والتشغيل وتخفيض الاعتماد على الخارج.. معضلة بحق".
وطرح ما اسماه "التعويم المدار"، والذي يرى بحسب نتصريحات صحفية أنه قد يكون مفيد للاقتصاد المصري، في حال إحلال الواردات بإنتاج محلي يتم تجويده وتطويره ثم يتجه للتصدير.
ويقترح على البنك المركزي تخفيض قيمة الجنيه بـ20 قرش شهري خلال الفترة المقبلة، ما يعني أن المواطن الذي يدخر مبالغ في البنوك سيخسر 10% من قيمة نقوده سنويًا.
وأشار إلى أنه من خلال التعويم المدار وخفض قيمة الجنيه 10% شهري، سيتم منع الدولرة، التي قد تخسر 5% في حالة حيازة المواطن للدولار، وستتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة بسبب وجود سياسة نقدية واضحة ومرنة، وتكون في صالح الاستثمار بالجنيه المصري.
واستدرك توفيق محذرا مما أسماه التعويم الضار وهي تخفيض قيمة الجنيه مرة واحدة بشكل رئيسي.
التضخم غير المتحكم به
وقال الخبير الاقتصادي د. محمود وهبة إن "رفع سعر الفائدة وانخفاض سعر البترول معادلة أسرع للتحكم بالتضخم"، مشيرا إلى أن "ارتفاع سعر الفائدة لتحجيم التضخم هو ما تفعله البنوك المركزية الآن. ولكن هناك سياسة أخري لتحجيم التضخم: تتمثل في "تخفيض سعر البترول".
ولفت إلى أن هذا ما يحدث هذا الشهر ليس عمداً مضيفا أن التوقعات أن سعر الفائدة قد يرتفع مستوي يؤدي لركود وانخفاض الطلب علي البترول ووصل السعر إلي 86.7دولار/برميل منخفضاً من سعر 130 دولار/برميل.
وتوصل إلى أن التضخم سيزاداد لأن "جشع منتجي البترول بالعالم كله وليس العالم العربي فقط هو مثل من يقتل الدجاجة التي تبيض ذهبا".
تقرير بلومبرج
على هامش فعاليات دورة العام الحالي للجمعية العامة للأمم المتحدة، قال وكالة "بلومبرج" إن وزراء في حكومة السيسي ألمحوا إلى صعوبات في "مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض".
ونسبت إلى محمد معيط وزير المالية بحكومة الانقلاب قوله إنه "بعد تأخر مفاوضات صندوق النقد.. ندرس الحصول على قروض ميسرة من الصين واليابان".
وعقدت "بلومبرج" منتدى عنونته بـ"منتدى بلومبرج للأسواق الناشئة " في نيويورك في 22 سبتمبر 2022.
وقبل يومين قال تقرير لـ"بلومبرج" إن : "مصر مهددة بالإفلاس"وإن "صندوق النقد يسحب حكومة السيسي لمستنقع الديون".
وقدرت "وكالة "بلومبرج" إيكونوميكس، نسبة الخفض المتوقع في سعر الجنيه 23%، في حين قدر المحاضر الاقتصادي في الجامعة الأمريكية هاني جنينة حجم الانخفاض في الجنيه بنسبة 10%.
وقال "معيط" في المنتدى الدولي إن حجم برنامج تمويل صندوق النقد الدولي الجديد لم يتقرر بعد، إذ "عادة ما يتم تحديده في المرحلة النهائية من المفاوضات” وفق ما قاله معيط في مقابلة بنيويورك، وأضاف أنَّ “التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بمثابة رسالة طمأنينة وثقة للأسواق الدولية”.
وتوقع أن تتوصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في غضون شهر أو اثنين.
وقدّرت مجموعة “جولدمان ساكس” و”بنك أوف أميركا” أن تكون مصر بحاجة لتأمين 15 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، على الرغم من أن معيط قال سابقا إن القاهرة تسعى للحصول على مبلغ أقل. وتوقع محللون أن يتراوح الدعم بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار.