حبة الغلال.. أسهل وسيلة لتخلص الشباب من ظلم العسكر

- ‎فيتقارير

تزايدت حالات الانتحار في مصر خلال السنوات الأخيرة مع سيطرة عصابة العسكر على كل قطاعات الحياة وتحكمها في المصريين وتعمدها تجويعهم وإذلالهم وعدم منحهم حقوقهم حتى في العمل والحصول على لقمة العيش وليس فقط في السجون والمعتقلات والتصفية والقتل في الشوارع والإخفاء القسري وانتهاكات حقوق الإنسان ، وغيرها من الجرائم الكثيرة التي يرتكبها نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي ضد المصريين منذ الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في التاريخ المصري الشهيد محمد مرسي في 3 يوليو 2013 .

في ظل هذه الأوضاع المأساوسة تواصل "حبة حفظ الغلال" السامة، الفتك بأجساد الضحايا ولا يكاد يمر يوم إلا ويشهد حالة أو أكثر من حالات الانتحار بهذه الوسيلة والتي تساعد المنتحر على التخلص من حياته التي تحولت إلى قطعة من الجحيم بسبب ظلم العسكر .

يشار إلى أن مركز السموم بكلية الطب جامعة الإسكندرية يستقبل سنويا من 200 إلى 250 حالة انتحار باستخدام الحبة القاتلة من محافظة البحيرة فقط، وتقع تلك النسبة خصوصا بين الشباب من سن 17 إلى 29 عاما.

فيما استقبل مركز السموم بمحافظة المنوفية في عام 2019 وحده 5160 حالة انتحار منها 116 حالة باستخدام حبة حفظ الغلال، وفي عامي 2020 و2021 تم رصد 8 حالات انتحار لشباب ما بين سن 17 إلى 25 عاما بمركز أبوكبير بمحافظة الشرقية.

 

سهولة الشراء

حول دوافع انتحار الشباب بتلك الوسيلة قال  الدكتور فتحي قناوي أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن ظاهرة الانتحار بواسطة حبة الغلال انتشرت بصورة كبيرة خلال السنة الماضية ، موضحا أن هناك عدة عوامل وراء الانتحار بتلك الطريقة من بينها أنها تعد أسهل طريقة مقارنة بالطرق الأخرى مثل الانتحار غرقا أو السقوط من أعلى أو غيرهما من الطرق التي تعد أصعب مقارنة بالانتحار بطريقة تناول الغلال.

وأضاف قناوي في تصريحات صحفية أن  من ضمن أسباب انتشار الانتحار بحبوب الغلال سهولة الحصول عليها، حيث إن شراءها سهل للغاية بسبب الأهداف التي تباع من أجلها تلك الحبوب لحفظ الغلال من التسوس.

 

مشاكل نفسية

وقال الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، أن النسبة الأكبر من المقبلين علي الانتحار لا يكونون في كامل قواهم العقلية، مؤكدا أن غالبية المنتحرين لديهم مشاكل نفسية ، مما يجعلهم يقبلون على تلك الخطوة لإنهاء حياتهم للتخلص من المشاكل التي يواجهونها.

وطالب فرويز في تصريحات صحفية الأسرة بالتدخل ومراقبة أبنائها بصورة جيدة ، وعند ملاحظة أي أفعال غريبة أو اكتئاب نفسي لابد من تدخلهم والوقوف بجانبهم لتخطي تلك المشاكل.

وأرجع زيادة أعداد حالات الانتحار خلال الفترة الماضية إلى البعد عن الوازع الديني والابتعاد عن الله عز وجل ، وهذا سبب رئيسي في الانتحار.

 

موضوع الساعة

وقال الدكتور محمد يوسف أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق إن  "حبة الغلة القاتلة موضوع الساعة وتعتبر قضية رأي عام ، مشيرا إلى أنها تستخدم منذ سنوات طويلة في مكافحة آفات الحبوب المخزونة ومنتجاتها داخل الصوامع والمخازن أو المنازل الريفية بالقرى خاصة سوسة القمح التي تصيب القمح (الغلة) بالتسوس أو سوسة النخيل الحمراء".

وأوضح يوسف في تصريحات صحفية أن قرص الغلة القاتل هو مبيد حشري معروف بين المزارعين وغيرهم باسم (برشامة القمح أو برشامة الغلة أو الحبة الفسفورية أو برشامة السوس واسمه العلمي (فوسفيد الألومنيوم)، ويحمل العديد من الأسماء التجارية حسب الشركة المنتجة، منها 18 منتجا بأسماء تجارية مختلفة ، إلا أن تركيبها واحد واستخدامها واحد مثل سيلفوس فوس، تالونكس، كويك فوس، أقراص الفوستوكسين، وفوسفيم.

وأضاف أن المزارعين يستخدمون هذه الأقراص أثناء تخزين القمح والحبوب عامة عقب موسم الحصاد لمواجهة الحشرات والآفات الضارة وحماية المحصول من التسوس ، موضحا أن قرص الغلة ينتمي إلى نوع مبيدات التدخين التي يخرج منها غاز الفوسفين نتيجة تفاعلها مع رطوبة الجو، وبعدها يتخلل الشقوق للقضاء على الآفات الحشرية، ولهذا فهي تستخدم في الصوامع والمخازن محكمة الغلق لمكافحة آفات الحبوب المخزونة ومنتجاتها ، وتسمى هذه العملية بالتبخير ، وفي النهاية تتبقى بودرة ذات لون رصاصي هى (كربيد الألومنيوم) وهي مادة غير سامة وقد يصل وزن القرص الواحد إلى ثلاثة جرامات وثمنها زهيد جدا ، أي في متناول الجميع ومنتشرة بالأسواق.

وأكد يوسف أن تناول الحبة القاتلة يكون عن طريق الخطأ كما يحدث مع الأطفال وصغار السن وكبار السن، وبالتالي يروح ضحيتها ويموت بسببها الكثير من أبنائنا بالقرى.

وأشار إلى أن البعض يتناولها عمدا ورغبة في الانتحار بسبب المشاجرات العنيفة بين الأزواج داخل الأسرة أو بسبب ارتفاع حالات الطلاق وارتفاع معدلات العنوسة بين الفتيات ، ليس هذا فقط بل توجد أسباب أخرى تجعل الشخص يبتلع حبة الغلة القاتلة مثل الأمراض العصبية والنفسية أو الخلافات بين المقبلين على الزواج أو فقدان الثقة بين الآباء والأبناء داخل الأسرة، مؤكدا أن نحو 75% من حالات الانتحار نتيجة ابتلاع قرص الغلة هم من الشباب المراهقين.

وأعرب يوسف عن أسفه لأنه بمجرد ابتلاع الحبة أو القرص لا يفيد الندم وسرعان ما يحدث التسمم لأن مجرد ملامسة فوسفيد الألومنيوم لعصارة المعدة والرطوبة الزائدة ينبعث منه غاز شديد السمية هو غاز الفوسفين القاتل، الذي يُصيب الجهاز الهضمي ويعقب ذلك إسهال شديد ومغص وفشل الجهاز التنفسي وضيق التنفس ، كما يلحق التسمم الأجهزة الأخرى مثل الكبد والكلى والقلب وتحدث زرقة بالجسم وخلال ساعات تحدث الوفاة.