مع تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية التي تضرب مصر، تتجه الأوضاع المعيشية إلى كارثة، قد لا يتحملها المواطنون، وتقود نحو الفوضى الشعبية العارمة.
وفي هذا السياق، قالت “وول ستريت جورنل” في تقرير يوم الجمعة إنه "بات من الصعب بشكل متزايد على المصريين الحصول على الأدوية والجبن والأجهزة الأوروبية ، حيث تقيد الحكومة الواردات للاحتفاظ باحتياطياتها من العملات الأجنبية، ردا على ارتفاع قيمة الدولار الأميركي".
ويجتاح نقص الأدوية والملابس والمواد الغذائية مصر، إذ تعد القاهرة من بين أكثر الدول عرضة للصدمات التي يشعر بها العالم بسبب ارتفاع قيمة الدولار الأميركي والاضطرابات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وفق التقرير.
والسبب الرئيسي بحسب اقتصاديين أن الحكومة تضع عقبات أمام الواردات في محاولة لتخزين احتياطياتها المتضائلة من العملات الأجنبية.
وتشير “وول ستريت جورنل” إلى أن مصر تحتاج إلى دولارات أميركية لسداد نحو 158 مليار دولار من الديون الخارجية في السنوات المقبلة، ولشراء الحبوب التي تشتد الحاجة إليها في الأسواق الدولية ودعم عملتها المتداعية.
وجعلت البنوك من الصعب على العملاء سحب الدولارات، بحسب الصحيفة.
ويخلص التقرير إلى أن الدولار القوي يدفع أسعار الغذاء والغاز والأدوية إلى الارتفاع في جميع أنحاء العالم، مما يتسبب في تأخير الواردات ونقصها في البلدان النامية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وفي مصر، امتد التباطؤ في الواردات إلى طبقة أكثر ثراء وجدت نفسها فجأة غير قادرة على العثور على سلع راقية مثل أدوات المطبخ الأوروبية والجبن الفرنسي والسيارات الأميركية، كما ينقل التقرير.
وتمتد الصعوبة إلى المواد الغذائية الأساسية المصرية مثل الخبز والمكرونة، بحسب الصحيفة، وتضررت صناعة الحبوب الضخمة في مصر بشدة بشكل خاص، حيث لا تستطيع معظم مصانع القطاع الخاص الحصول على الدولار لشراء القمح الذي ارتفع سعره بنسبة 20٪ في الشهر الماضي، وفقا لما ينقل التقرير عن كريم أبو غالي، عضو مجلس إدارة غرفة الحبوب في اتحاد الصناعات المصرية.
وسيذهب جزء كبير من قرض بقيمة 500 مليون دولار من البنك الدولي في يونيو لمساعدة مصر على استيراد القمح وفقا للحكومة.
وتقول الصحيفة إن "العملة المصرية سجلت مستوى قياسيا منخفضا أمام الدولار وهبطت 20٪ منذ بداية العام، وهي واحدة من أسوأ العملات أداء في العالم هذا العام، وأدى ضعف الجنيه إلى تفاقم التضخم بنسبة 15٪ وهو أسرع معدل سنوي في مصر منذ ما يقرب من أربع سنوات".
وارتفع مؤشر وول ستريت جورنال للدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل سلة من 16 عملة، بحسب التقرير بنسبة 17٪ هذا العام، مدفوعا بارتفاع أسعار الفائدة الأميركية والشعور بالاستقرار الذي توفره الولايات المتحدة خلال فترة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
وعلى إثر توجيه السيسي الإنفاق الحكومي نحو مشاريع التهمت الاحتياطي النقدي بصورة كبيرة،ويقول خبراء اقتصاديون إن "البنك المركزي استخدم احتياطيات أجنبية في محاولة لدعم الجنيه لكنه واجه صعوبات لوقف خسائره، وإن مهمته الأساسية هي استهداف التضخم".
الزيوت والصدمة الجديدة
ومن ضمن الصدمات المتوقعة في مصر، والتي تؤثر على أكثر الأغذية والمنتجات الأساسية الغذائية، حيث ارتفع سعر طن زيت الصويا المكرر الذي تستورده مصر 900 جنيه، ليصل إلى 35500 بدلا من 34600 جنيه، وفقا للأسعار الاسترشادية ببورصة السلع، بينما استقر سعر طن زيت الأولين المكرر عند 38000 جنيه، بعد آخر زيادة، والتي بلغت نحو 500 جنيه للطن الواحد، وسجل سعر طن زيت الذرة المكرر نحو 45000 جنيه في الأسواق.
وثبت سعر طن زيت الصويا المنزوع والخام في الأسواق، ليسجل الخام مستوى الـ 33000 جنيه، و33500 جنيه لطن زيت الصويا المنزوع.
فيما ارتفعت أسعار الأعلاف وهو ما يفاقم أزمة الدواجن والبيض، نظرا لعدم قدرة أصحاب المزارع على الاستمرار في الإنتاج ، وهو ما يدفع نحو المجاعة والانفجار الشعبي.