قالت ورقة بحثية إن " البعد السياسي حاضر مع تعزيز علاقات السيسي مع قطر يمكن النظام من موازنة ومقاومة النفوذ الإماراتي داخل مصر، لا سيما وأن هناك أطرافا داخل دولاب الدولة المصرية تبدي استياء وقلقا من الأنشطة الإماراتية داخل مصر".
وأضافت الورقة التي كانت بعنوان (زيارة السيسي لقطر.. دوافع اقتصادية وموازنات سياسية) ونشرها (موقع المسار للدراسات) أنه إضافة لهذا البعد يبقي العامل الاقتصادي هو العامل الحفاز الأكثر فعالية لدفع العلاقات المصرية القطرية قدما، نظرا لما يمكن أن تقدمه الدوحة للقاهرة من دعم مادي، على هيئة استحواذ على أصول أو استثمارات مباشرة، يمكنها من تخطي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها نظام السيسي حاليا".
النفوذ الإماراتي
وقالت الورقة إنه " في السنوات الأخيرة شهدت توترا وخلافا مكتوما بين مصر وحلفائها الخليجيين بشكل أو آخر، حيث إن كلا من هذه الدول يتعامل مع القضايا المختلفة من منطق مصلحته الضيقة، وقد يتخذ مواقف أحادية بغض النظر عن موقف ومصلحة البلدان الأخرى، وهناك عدد من الشواهد التي من الممكن الاستدلال بها على هذه النتيجة".
وعن أبرز الشواهد، لفتت الورقة إلى أن "الموقف السعودي والإماراتي من قضية سد النهضة الإثيوبي، الذي تعتبره القاهرة ملف أمن قومي بالنسبة لها، حيث تستثمر الدولتان في المشاريع المرتبطة بالسد، رغم ضرره البالغ بالأمن القومي المائي للشعب المصري، كذلك دعمت أبو ظبي رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في حربه ضد خصومه المحليين، رغم أن ذلك ليس من مصلحة مصر أيضا، وهو الموقف الذي أزعج النظام المصري بلا شك، وبالإضافة إلى ذلك، حاولت الإمارات خلال السنوات الأخيرة تصدير رسالة مفادها أن مركز ثقل القرار العربي متركز في أبو ظبي، وليس في الرياض أو القاهرة كما كان سابقا، وهو بالتأكيد ما لا يروق لمراكز القوة واتخاذ القرار داخل مصر والسعودية".
تطبيع أبوظبي
ورأت الورقة أن تخطي السيسي والقاهرة في هوجة التطبيع المتسارع الإماراتي مع الكيان الصهيوني أفقد مصر جزءا ليس قليلا من أهميتها الإقليمية والدولية التي كانت تتمتع بها سابقا، حيث استمرت مصر على مدار عقود كوسيط شبه وحيد بين العرب والكيان الصهيوني.
وأضافت أن الخطوة جعلت مصر تشعر بالخطر على مكانتها، وأن محاولة التحرك بفاعلية أكبر في الملف الفلسطيني هو سعي مصري لإرسال رسالة مفادها أن الوجود المصري لا يزال مهما للحفاظ على أمن الكيان الصهيوني واستقراره، وأنه لا ينبغي تخطي الدور المصري أو تجاهله بأي حال من الأحوال.
تململ داخلي
وتحدثت الورقة "عن استياء أو قلق متنام داخل دولاب الدولة من الأنشطة الإماراتية داخل مصر، بسبب الحجم الضخم لاستحواذاتها في الآونة الأخيرة، لا سيما فيما يخص الأراضي القريبة من قناة السويس، إضافة إلى سخط دفين يعزى إلى رفض الإمارات توفير دعم غير مشروط كما كان الوضع سابقا، ومحاولة استغلال الوضع الراهن في شراء أصول رابحة من الدولة المصرية، فضلا عن الأنباء التي تشير إلى رفض الإمارات لأن تلعب دور الضامن أمام صندوق النقد الدولي، كما حدث في قروض عامي 2016 و2020".
واعتبرت أن السلوكيات الإماراتية، "يمكن وصفها بأنها عدائية تجاه مصر، كانت نتاجا لكونها الداعم الخارجي شبه الوحيد أو الأكثر أهمية بالنسبة للنظام الانقلابي المصري، خصوصا فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، وبالتالي، قد يكون أحد دوافع التقارب مع قطر هو تعزيز القدرة على مقاومة النفوذ الإماراتي، وخلق نوع من التوازن في العلاقات مع الجانب الإماراتي".
وأوضحت أن للمال الخليجي دورا ذا أهمية في المشهد السياسي المصري، حيث دعمت كل من السعودية والإمارات الثورة المضادة في مصر، وعززوا من إمكانات الساعيين للانقلاب على اختيارات الشعب المصري، وبعد الانقلاب، كانت الدولتان الخليجيتان الداعميْن الأكثر نفوذا وتأثيرا للنظام الانقلابي، والذي ترجم من خلال الإنفاق السخي الذي بذل لدعم الانقلاب وتثبيت أركانه وتسويقه داخليا وخارجيا، وعلى النقيض من ذلك، تموضعت قطر في الصف المناهض لتحركات الدولتين الجارتين، وبناء على هذه المعطيات، باتت السعودية والإمارات حلفاء النظام المصري في المنطقة، بينما اعتبرت القاهرة الدوحة الداعم الرئيس لمن يسميهم السيسي وأذرعه الإعلامية أهل الشر، وهو ما تغير مؤخرا بطبيعة الحال.
أزمة اقتصادية خانقة
واشارت الورقة إلى السيسي ونظامه يتسجلبون الدعم عن طريق الدول الخليجية، لكن هذه المرة لن يكون عن طريق ودائع أو منح أو غيرها من أشكال الدعم التي كان يتلقاها النظام سابقا، فذلك لم يعد متاحا في الوقت الآني بذات الحجم الذي كان متاحا به في السابق.
وأضافت أنه لذلك لجأت حكومة السيسي إلى الإسراع في إعلان بيع أصولها، بهدف توفير السيولة الدولارية اللازمة لسداد التزاماتها العاجلة، حتى لا تضطر في النهاية إلى إعلان تعثرها عن السداد، وللمضي قدما في هذه السياسة أي سياسة بيع الأصول وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلالها، أعلنت الحكومة برنامجا يحوي تفاصيل خطة واسعة لبيع أصول مملوكة للدولة.
وأبانت أن الاتفاقيات مع أبرز الدول الخليجية وأكثرها تأثيرا في المنطقة؛ السعودية والإمارات وقطر، لإنشاء صناديق استثمارية وشراكات بمليارات الدولارات، وتتنافس الصناديق السيادية للدول الثلاث على شراء حصص في الشركات والأصول التي طرحتها الحكومة المصرية للبيع.
وأوضحت أن لذلك "أهمية التعجيل في تحسين وتطوير العلاقة مع قطر بالنسبة للنظام المصري، باعتبارها واحدة من الدول الثرية القادرة على دعم الاقتصاد المصري، جنبا إلى جنب مع الإمارات والسعودية".