في تطور سريع لحالة القلق الكبيرة التي يعيشها السيسي، والتي عبر عنها خلال خروجه المتكرر لستة مرات خلال عشرة أيام متحدثا للمصريين، وهو رقم غير مسبوق، عبر عن قلق شديد من تظاهرات وغضب شعبي متنامي بالشارع المصري، يسعى السيسي لتجاوزه عبر الإغراءات المالية الكبيرة للجيش، وبعض حزم المساعدات الاجتماعية غير المجدية للمصريين.
وقد كشف موقع Africa intelligence، الثلاثاء 1 نوفمبر 2022، أن عبد الفتاح السيسي يواجه موجة استقالات من كبار ضباط المخابرات، مشيرا إلى أنهم أعربوا عن عدم رضاهم عن السياسات الاقتصادية المُطبقة في البلاد، والتي تتسبب في حدوث سخط بالشارع.
الموقع الاستخباراتي نقل عن مصادر -لم يسمها- أن ستة من كبار ضباط المخابرات العامة، استقالوا في 23 أكتوبر 2022، بعد اجتماع مع رئيس المخابرات عباس كامل.
ويأتي هذا في لحظة حساسة بالنسبة للسيسي، إذ يواجه تدقيقا في سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، قبيل انعقاد قمة المناخ (كوب 27) في شرم الشيخ، في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر2022.
وكان أربعة من الضباط المستقيلين، من اللواءات المعينين في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك وعملوا مع خالد فوزي، الذي قاد المخابرات العامة من 2014 إلى 2018 والآخران برتبة مقدم.
بحسب الموقع الاستخباراتي، اشتكى ضباط المخابرات من تجاهل السيسي للتقارير المتكررة حول تأثير سياسات التقشف الاقتصادي التي ينتهجها، ونقل الموقع عن مصادر قولها إن "الفريق عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اتصل بالسيسي خلال الاجتماع، واستهان السيسي بمخاوف اللواءات من حالة السخط في الشارع".
لكن الغضب يظهر بشكل واضح على شبكات التواصل الاجتماعي، إذ تنتشر الدعوات للمظاهرات يوم 11 نوفمبر 2022، خلال قمة المناخ، كانت دعوات مماثلة قد أدت في سبتمبر 2019 إلى مسيرات لآلاف الأشخاص في شوارع وسط القاهرة، وقاد تلك الدعوات محمد علي، وهو رجل أعمال مصري يعيش في إسبانيا.
الموقع الاستخباراتي أشار أيضا إلى ما اعتبره خطوة لزيادة الضغط على السيسي، مشيرا بذلك إلى إصدار النائب السابق وزعيم "حزب الإصلاح والتنمية" الليبرالي المعارض محمد أنور السادات، بيانا في 19 أكتوبر 2022، دعا فيه السيسي إلى استبعاد الترشح لولاية ثالثة في الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها في مايو 2024، وسيكون حينها قد مر على السيسي 10 سنوات في السلطة.
على الرغم من أن بيان السادات "صيغ بعبارات تجامل سجل السيسي في السلطة، لكن خطوة السادات ستبدو مستحيلة بدون دعم الأعضاء الأقوياء في أجهزة المخابرات"، وفقا لـ Africa intelligence.
كان السادات وبصفته رئيس مجموعة الحوار الدولي والمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر منذ عام 2021، قد أجرى محادثات مع جهاز المخابرات العامة، وجهاز أمن الدولة، للتفاوض على إطلاق سراح عشرات السجناء السياسيين.
يقول الموقع الاستخباراتي إن "هذه ليست المرة الأولى التي يغضب فيها قادة المخابرات العامة من قرارات السيسي، إذ انزعجوا من بيع أصول الدولة حول قناة السويس الاستراتيجية للمستثمرين الإماراتيين".
كما اشتكى بعض لواءات المخابرات العامة من تدخل الجيش في تسيير الاقتصاد المصري، وهو الدور الذي تعزز في ظل رئاسة السيسي بمشروعات مثل بناء عاصمة إدارية جديدة.
وأمام الغضب الشعبي ، والذي عبرت عنه دعوات التظاهر في 11/11 ، محاولا ابتزاز قيادات عسكرية أصدرت فيتو على مساعي السيسي لبيع أصول مصرية بقيمة 40 مليار دولار للإمارات في مناطق قناة السويس وقلب القاهرة، عبر ترسية التغذية المدرسية للجيش والتي تقدر قيمتها بنحو من 7 مليار دولار إلى 10 مليار دولار، بالأمر المباشر، وقرر عبر بيان للبورصة المصرية بعدم ملائمة طرح أسهم شركتي وطنية وصافي بالبورصة، وهما التابعتين للجيش، كما أجرى السيسي تعديلات وحركة إقالات وتنقلات في الأجهزة الأمنية والمخابرات الحربية بشكل سري ومتعجل، قبل تفاقم الغضب الشعبي.
ولكن كل تلك الإجراءات على ما يبدو ما زالت غير مقنعة للجيش، فتوسع السيسي في اعتماده على وزارة الداخلية التي توسعت في إقامة الأكمنة ونشر الارتكازات الأمنية بالشوارع والتوسع في عمليات الاعتقال بين الشباب ، واستعمال تقنيات حديثة لتتبع أجهزة التلفون ووسائل التواصل، لمجابهة أي حراك متوقع بالشارع.
ولكن على ما يبدو فإن في الأمور أمورا، وسط أحاديث عن احتمالات وقوع انقلاب قصر على السيسي، مستغلا تظاهرات 11 نوفمبر ، وتبقى الأيام حبلى بكثير من الأحداث التي قد تغير كثيرا من المشهد المصري.