في إفراز طبيعي لحكم العسكر؛ باتت مصر والمصريون يتجرعون يوميا حصاد قبولهم بحكم العسكر، غلاء فاحشا في كل شيء ونقصا حادا في السلع، التي يعتمدون عليها في حياتهم.
ولكن الأغرب من كل ذلك هو النقص الحاد في محصول الأرز بالأسواق حتى خلال موسم الحصاد الذي من المفترض أن يشهد وفرة وتراجعا في الأسعار، كالأرز الذي بات نادر العثور عليه نادرا في المحال التجارية والمولات وسلاسل التوزيع وارتفاع جنوني في أسعاره حاليا، على إثر قرارات عسكرية من لواء سابق بالجيش يتولى مسؤولية وزارة التموين بفرض تسعيرة جبرية لا تتناسب مع تكلفة الإنتاج وفرض إتاوات على المضارب ، ما دفع التجار وأصحاب المضارب ومن ثم المزارعين عن توريد الأرز ، ومن ثم ارتفاعه .
ولعل ما يعانيه المصريون مع سلعة أخرى تعجز حكومة الانقلاب عن توفيرها وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها، كالسكر، الذي يشهد زيادات يومية هو الآخر، ما يفاقم مرارة حياة المصريين.
وشهدت أسعار بيع السكر الأبيض ارتفاعا جنونيا في أسواق مصر خلال الأيام الأخيرة، نتيجة الزيادات المتوالية في أسعاره لدى تجار الجملة، والتي بلغت 1250 جنيها في الطن خلال يومين فقط، ليسجل سعر الطن من السكر 16 ألفا و750 جنيها، مقابل 15 ألفا و500 جنيه لسعر الطن.
وقفز سعر كيلو السكر الأبيض في متاجر التجزئة إلى 23 جنيها لنوع "الضحى" الأكثر مبيعا، بينما تراوح ما بين 18 و21 جنيها للأنواع الأقل جودة، وسط توقعات بمزيد من الزيادة في الأسعار، بسبب نقص المعروض في الأسواق، وعدم الإفراج عن شحنات السكر الخام المحتجزة في الموانئ، بفعل أزمة نقص الدولار التي تشهدها البلاد.
ووفق تصريحات صحفية لرئيس شعبة السكر في غرفة الصناعات الغذائية، حسن الفندي، فإن ارتفاع سعر السكر في الفترة الحالية يعود إلى حالة الغموض المسيطرة على السوق، نتيجة قلة المعروض من السكر، وتوافره لدى التجار بكميات محدودة، مشيرا إلى وجود فجوة بين حجم الإنتاج والاستهلاك في السوق المصري تقدر بنحو 600 ألف طن من السكر.
وأوضح أن حجم الإنتاج الفعلي لا يتجاوز 2.6 مليون طن، مقابل حجم استهلاك يصل إلى حوالي 3.2 ملايين طن سنويا، وهو ما يجري تعويضه باستيراد هيئة السلع التموينية، والقطاع الخاص، للكميات المطلوبة من السكر الخام (غير مكرر) لسد الفجوة، إلا أن ذلك يتزامن مع فترة توقف مصانع التكرير، عقب انتهاء موسم البنجر المصري.
ندرة الأرز بموسم الحصاد!
وفي غضون ذلك، وعلى طريقة القمح الذي يواجه فيه الشعب أزمة حادة تهدد لقمة عيشهم، أشعلت وزارة التموين بحكومة الانقلاب أزمة الأرز الجديدة، بإصدار قرار نهاية أغسطس الماضي، يجبر مزارعي الأرز على توريد طن من الأرز عن كل فدان، بما يزيد عن 25% من إنتاج المحصول. وتبلغ إنتاجية الفدان 3.5 أطنان بالمتوسط، وفقا لإحصاءات وزارة الزراعة.
وجاء القرار المباغت للفلاحين مع صدور قرار مواز من وزارة التجارة، يقضي بعدم تصدير الأرز والسلع الغذائية الاستراتيجية للخارج، وفرض تسعيرة جبرية على البيع، حددتها الحكومة بنحو 12 جنيها للمستهلك ، في حين أن تكلفة إنتاجه تصل إلى 15 جنيها في المتوسط.
وتجاهلت حكومة الانقلاب حقوق المزارعين ومصالح التجار، واستعانت بقوات الأمن ومفتشي التموين، لملاحقة بائعي الأرز خارج التسعيرة الرسمية، وهو ما أسفر عن ضبط شرطة التموين 1429 قضية بتهمة حجب السلع الاستراتيجية عن الجمهور، الشهر الماضي، ومن بينها الأرز.
وتقوم الحكومة بمصادرة الأرز وتحرير محاضر للحائزين عليه بدون إثبات سند الشراء والممتنعين عن توريد حصتهم لوزارة التموين.
ولم تحصل "تموين الانقلاب" على الكمية التي حددتها بنحو 1.5 مليون طن، من مزارع خططت وزارة الزراعة مساحتها بنحو 1.074 مليون فدان العام الحالي، واقتصرت الكمية التي استلمتها الوزارة على 140 ألف طن فقط، منذ بدء موسم التوريد في سبتمبر ، وأملت أن تستكمل طلبياتها قبل غلق موعد توريد الأرز، منتصف ديسمبر المقبل.
تداول سري للأرز!
وتسببت الهجمة الرسمية للحكومة في ارتباك الأسواق، فعادة ما تتراجع أسعار الأرز في فترة الحصاد، حيث يتخلص التجار من مخزونهم الراكد، استعدادا لتخزين المحصول الجديد، الذي يبدأ منتصف سبتمبر، أثارت القبضة الأمنية التي اعتمدت الحكومة عليها في السيطرة على الأسواق فزعا لدى المزارعين، الذين يعيشون في محافظات دلتا النيل، وتعتبر الأرز بمثابة المأوى والملاذ الآمن للغذاء يوميا ومصدرا لأعلاف مواشيهم.
رفض الفلاحون الانصياع لقرار توريد الأرز وفضل أغلبهم الاحتفاظ بالإنتاج في منازلهم، ارتفعت أسعار الأزر بالأسواق إلى أكثر من 18 جنيها للكيلو، بينما تصر الحكومة على توريد الأرز من المزارعين بسعر 7 آلاف جنيه للطن، وبيع الطن الأبيض بـ 10 آلاف جنيه.
ويتداول المصريون الأرز بسعر يتراوح ما بين 18 إلى 23 جنيها، بعد إضافة تكاليف التشغيل والنقل، والمخاطر التي يتحملها المقامرون بتجارته. وتتهم الحكومة التجار بأنهم تسببوا بالأزمة، وتصفهم بـ"المتاجرين بقوت الشعب واستغلال الأزمات".
وأمام المشهد العبثي قي سوق الغذاء المصري من المتوقع حدوث الكثير من الأزمات والكوارث التي تدفع ملايين المصريين نحو المجاعة والفقر.