طالبت وزارة العدل من وزارة المالية زيادة بدلات القضاة ، المتعلقة بغلاء المعيشة إلى 4 آلاف جنيه، تحت مسمى جبر الضرر، الناجم عن تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة الأسعار ، وهو الطلب الذي ما زالت وزارة المالية تدرسه، وهو ما تسبب تأخير إقراره بتململ في أوساط القضاة.
إذ تسود حالة من الاستياء الأوساط القضائية، مع ارتفاع نبرة الشكاوى من أوضاع مالية سيئة.
وتقدمت وزارة العدل بطلب لزيادة بدلات القضاة تحت مسمى “جبر الضرر” بعد ما لحقت أضرار بالمستوى المعيشي لعموم القضاة، نتيجة ارتفاع الأسعار، وفق ما قالت.
ومبدأ “جبر الضرر” يعني في العرف القضائي “درء الأضرار المادية الواقعة على القضاة” بعد أن استجدت أوضاع اقتصادية أضرت بقطاع عريض منهم.
وانخفضت الدخول المادية واقعيا لشرائح واسعة من المصريين، عقب تخفيض قيمة الجنيه مقابل العملات الرئيسية الأخرى، بنسبة تزيد عن 56% كم قيمتها، إذ ارتفع سعر الدولار لأكثر من 24,5 جنيها، قفز من 15 جنيها مطلع العام الحالي، بالتوازي مع ارتفاع كبير في الأسعار، ترافق مع شح بعض السلع الأساسية مثل الأرز والسكر.
وبرر مسؤولو وزارة المالية إرجاء البت في الزيادات بارتفاع قيمتها البالغة أربعة آلاف جنيه، وهو الحد الأدنى الذي رأت وزارة العدل أنه مكافئ لزيادات الأسعار، للحفاظ على المستوى المعيشي للقضاة بما يليق بهم، ويعينهم على ممارستهم لمهامهم.
وتسود حالة من الاستياء في الأوساط القضائية، مع ارتفاع نبرة الشكاوى من أوضاع مالية سيئة تعاني منها الأغلبية الساحقة من القضاة.
يشار إلى أن رواتب القضاة من الفئات المميزة في مصر، كالعسكريين ورجال الشرطة والقضاة، على خلاف الموظفين المدنيين المصريين، الذين يلتاعون بسوط الغلاء وارتفاع الأسعار.
يشار إلى أن النقاش بين القضاة انتقل من مجموعات “واتساب” المغلقة إلى الكيانات الجامعة لهم والمعنية بأمورهم، ومنها المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للهيئات القضائية ونادي القضاة والمجلس الخاص التابع لمجلس الدولة، لتنتقل حالة الاستياء من تراجع الأوضاع المالية للقضاة إلى العلن.
ونوقشت خلال اجتماعات لهذه الكيانات مقترحات متعددة لمواجهة تردي الأوضاع المالية للقضاة، من بينها صرف منح وحوافز مالية للتغلب على معدلات التضخم القياسية، تبلغ قيمتها نحو 4000 جنيه.
ورفع وزير العدل المستشار عمر مروان طلبا بهذا المعنى لوزارة المالية، التي أرجأت البت في الطلب، نظرا لأن “الظروف الاقتصادية للبلاد لا تسمح حاليا بصرف هذا البدل، فضلا عن أنه سيفتح الباب على مصراعيه أمام مطالب من فئات أخرى تضررت من التعويم الجديد للجنيه”.
واستدعى الجدل بين الوزارتين حول سبل تحسين الأوضاع المالية للقضاء تدخل جهات عليا، اقترحت إخضاع الأمر للدراسة ، في محاولة للتوفيق بين مطالب القضاة واحتياجاتهم، وبين حدود الموازنة العامة للدولة.
وتعد رواتب القضاة بين أعلى الفئات في مصر، إلى جانب الجيش والشرطة، فضلا عن امتيازات أخرى تجعل من الالتحاق بالسلك القضائي أملا لخريجي كليات الحقوق، والمعروف في مصر أن أبناء القضاة هم الأكثر حظا في الالتحاق بوظائف آبائهم.
وكانت حكومة السيسي أقرت زيادة 300 جنيه كزيادة استثنائية لغلاء المعيشة تصرف مع راتب نوفمبر الجاري، لموظفي الحكومة، فيما يستثنى منها نحو 30 مليون موظف بالقطاع الخاص، جرى استثناءهم من تلك الزيادة، بعدما تقدمت نحو 8 آلاف مؤسسة خاصة باستثنائها من تلك الزيادة، بسبب تعثر الشركت إثر قيود الاسيراد وتعطل الإنتاج.
وهو ما يفاقم الفقر بين عموم المصريين فيما يستثنى القضاة والعسكريين ورجال الشرطة وبعض رجال إعلام السيسي من ذلك، إثر سلسلة من الزيادات والبدلات المالية التي تقر بين الفينة والأخرى، منذ انقلاب السيسي على الرئيس محمد مرسي، والتي جاءت بمثابة شراء للضمائر والذمم ، من أجل الاصطفاف جوار السيسي وقراراته الغاشمة ضد معارضيه وعموم الشعب المصري.
من جانب آخر، تعبر شكوى القضاة من الغلاء رسالة مسموعة لدى نظام السيسي، إثر الغلاء في عموم طبقات وفئات المجتمع المصري، حيث باتت الأسواق تعمل بلا رقابة حكومية وتزيد الأسعار في اليوم الواحد أكثر من مرة، سواء أسعار الطعام والخضروات والأرز والسكر والمواصلات والخدمات الحكومية وأسعار مواد البناء والملابس بنسب تزيد عن 60%، فيما وصل سعر الدواجن الحية نحو 50 حنيه وكيلو اللحوم لأكثر من 220 جنيها والأسماك لأكثر من 60 جنيها لأنواع البلطي والسمك الشعبي.
وأمام ما سبق فإن زيادة بدلات القضاة التي يرونها مستحقة ، يجب أن تعمم على جميع المصريين، من باب العدل المفقود في مصر،على الرغم من تمايز رواتب القضاة وبدلاتهم ومصايفهم ومكافات رمضان والعام الجديد والإجازة الصيفية وغيرها ، فيما المواطن العادي بات أقرب للشحاتة والتسول.