فشل خطط الاكتفاء من السلع الاستراتيجية.. الأسعار تخرج عن السيطرة ومصر تواجه أزمة غذاء

- ‎فيتقارير

تواصل أسعار المواد الغذائية والمنتجات المختلفة ارتفاعها في الأسواق المحلية رغم أنها وصلت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، وذلك بتشجيع من حكومة الانقلاب بسبب قرارها بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار ورفع أسعار البنزين والسولار والكهرباء والمياه دون اعتبار للفقراء والغلابة الذين لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم اليومية الضرورية ويزيد من تداعيات الأزمة تراجع المخزون ونقص المعروض في عدد من السلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج عقب قرارات حكومة الانقلاب بوقف الاستيراد وفرض الاعتمادات المستندية بدلا من مستندات التحصيل .

يشار إلى أن السلع الغذائية الاستراتيجية تواجه زيادة كبيرة في الأسعار مثل القمح والأعلاف والزيوت والسكر نتيجة تراجع المخزون بسبب عدم قدرة البنك المركزي المصري على توفير العملة الصعبة للمستوردين في البنوك.

 

أزمة غذاء

حول تأثير موجات الغلاء على مستوى معيشة المصريين في زمن العسكر قال عبد التواب بركات مستشار وزير التموين سابقا إن “الشعب المصري يعاني منذ سنوات من أزمة غذاء وعدم تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع، مشيرا إلى أن الأزمة أصبحت مثل كرة الثلج تكبر يوما تلو الآخر، وامتدت إلى اللحوم البيضاء وبيض المائدة وهما بروتين الفقراء والطبقات المعدمة، وهو مؤشر على وجود أزمة غذائية، نتيجة ارتفاع سعر العلف إلى الضعف من 7 آلاف جنيه إلى 15 ألفا بسبب عدم توافرها بالسوق”.

وكشف بركات في تصريحات صحفية أن الأزمة امتدت إلى السلع الغذائية التي تحقق فيها مصر نسبة اكتفاء ذاتيا مرتفعة مثل الأرز ، حيث ارتفع سعره من مستوى 6 جنيهات العام الماضي إلى 20 جنيها، وهو الغذاء الرئيسي للمصريين بعد رغيف الخبز، إلى جانب رفع أسعار السلع التموينية وخفض حصة المستفيدين من الأرز.

وحذر من استمرار تراجع مخزون القمح لدى القطاع الخاص الذي ينتج الخبز الحر والفينو الخاص بالمدارس، ما دفع المخابز إلى رفع أسعار الخبز وتقليل حجمها لتتناسب مع التكلفة الجديدة، مؤكدا أن لجوء حكومة الانقلاب إلى تدابير تتخذها الحكومات أوقات الحروب مثل التوريد الإجباري للقمح والأرز وفرض سعر متدن لهما يكشف عن مخاوف حقيقية من حدوث أزمة غذاء كبيرة .

وأعرب بركات عن اعتقاده أن سبب الأزمة ليس تداعيات جائحة كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية، وإنما تجاهل دولة العسكر خطط الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الاستراتيجية مثل الحبوب والزيوت واللحوم والتركيز على مشروعات لا علاقة لها بحماية المصريين من تداعيات الجوائح والحروب .

 

شماعة الحرب

وقالت ياسمين محمد، المحللة الاقتصادية بأسواق المال، إن “حكومة الانقلاب والتجار يعلقون ارتفاع الأسعار على شماعة الحرب الروسية الأوكرانية والأسعار العالمية منتقدة حكومة الانقلاب لغياب دورها في مواجهة ارتفاع الأسعار”.

وأكدت ياسمين في تصريحات صحفية أن غلاء الأسعار شمل سلعا كثيرة لا علاقة لها بروسيا ولا أوكرانيا وتنتج محليا مثل الدواجن واللحوم والبيض والأرز والكثير من الخضراوات.

وتساءلت، هل لدى حكومة الانقلاب آليات لضبط الأسعار، وهل هناك مستفيد من عدم تفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وإعمال نص المادة 10 من القانون رقم 3 لسنة 2005 الذي يجيز بقرار من مجلس الوزراء تحديد سعر بيع منتج أساسي أو أكثر لفترة زمنية محددة بعد أخذ رأي الجهاز.

وتوقعت ياسمين أن تشهد الفترة القادمة ارتفاعا آخر في أسعار المنتجات بالسوق المحلية بنسب متفاوتة، نتيجة ارتفاع تكلفة التوريد، موضحة أن الحياة اليومية محكومة بتقلبات الورقة الخضراء، وبالتالي سوف تقفز الأسعار في الفترة القادمة وتخرج عن السيطرة.

وأشارت إلى أن ما تشهده الأسواق وتحريك سعر العملة الذي سمح به البنك المركزي ، هو السبب في ارتفاع الأسعار في الأسواق، موضحة أن هناك محركات لزيادة الأسعار، أهمها تسعير المواد البترولية التي حرصت حكومة الانقلاب على أن تكون بنسبة بسيطة؛ حتى لا تثير غضب المواطنين، ووفقا لقرار لجنة التسعير التلقائي لمنتجات البترول، لم يتم تحريك سعر السولار؛ حتى لا ترتفع أسعار كل الخدمات، والفقراء هم من سيدفعون الفاتورة.

وشددت ياسمين على أن إجراءات الدعم النقدي التي أعلنت عنها حكومة الانقلاب مؤخرا سواء بزيادة الحد الأدنى للأجور أو رفع المعاشات كلها إجراءات غير مجدية، لأنها تغطي فئة بعينها من المواطنين ، بينما ملايين آخرون يتضررون من التضخم المتزايد.

وأضافت أن زعم حكومة الانقلاب بتمسكها بثبات أسعار السولار وعدم زيادته سببه ألا تزيد تكلفة نقل السلع والمواد الغذائية والخضراوات والفاكهة التي ارتفعت أسعارها بالفعل، لكن رفع سعر البنزين، وإن كانت النسبة المعلنة 25 قرشا بسيطة، سيزيد من تكلفة بند المواصلات، مما يسهم في مزيد من الضغوط على الطبقة الوسطى.

 

جشع التجار

وطالب الخبير الاقتصادي علي الإدريسي دولة العسكر بمواجهة جشع التجار وضبط الأسعار التي تشتعل باستمرار من خلال استهداف مبادرات مواجهة الغلاء عن طريق توفير السلع الغذائية في كافة المحافظات.

وشدد الإدريسي في تصريحات صحفية على ضرورة رفع وعي المواطنين لمقاطعة السلع التي ترتفع أسعارها والإبلاغ عن الأسعار التي تنتهك جيوب المصريين، إلي جانب تغليظ العقوبات لتكون رادعة لمن تسول له نفسه أن يبتز ويغالي ويضارب في الأسعار.

وأضاف ، لابد من تعديل الظواهر السلبية والسلوكيات الخاطئة التي ينتهجها بعض المواطنين مثل عمليات الشراء التي يتخذها البعض أسلوبا أو منهج حياة، مثل شراء السلع بكميات أكبر من احتياجات الأسرة، إلى جانب وجود تجار جشعين يرفعون أسعار السلع أضعافا دون وجه حق لتحقيق أكبر ربح مادي ممكن دون اعتبار للأوضاع الاقتصادية .