ربما لا تعلم كثيرات أن من السهل على المرأة احتواء الرجل، وامتلاكه، وتأهيله للإحسان إليها والتضحية من أجلها -بقليل من الذكاء، والحصافة، والصبر وطول النَفَس. إن الرجال كالإبل، فى حلمها ولينها، يقودها الصبى فتنقاد معه، لكنها لا تُبقى ولا تذر إن غضبت، وتنتقم أشد الانتقام ولو بعد حين ممن أساء إليها أو حمّلها فوق طاقتها. فلِمَ لا تحافظين على بيتك بقليل من التضحيات؟ ولِمَ لا تعيشين السعادة وبيدك مفاتيحها؟ اتبعى طرق ووسائل من سبقنك فى الزواج فقضين حياتهن عزيزات كريمات، ونلن فوق رضا أزواجهن رضا الله وغفرانه.
– لقد خُلقتْ المرأة لتكون سكنًا للرجل، فإن فقد راحته معها بحث عنها عند أخرى، فاحرصى على تهيئة الأجواء لراحته، وتعاهدى وقت طعامه، وتفقدى لحين منامه؛ فإن حرارة الجو ملهبة، وتنغيص حاله مكربة -كما قالت البدوية القديمة.
– ذكِّريه بالله، ونفّريه من المعاصى، وأوصيه بالكسب الحلال، وزنى أمورك معه بموازين الشرع، فإن اختلفتما في شىء فحكمه إلى الله. – صليا سويًّا، وصوما سويًّا، واذكرا الله وادعواه سويًّا، واذكرى الزهراء (رضى الله عنها) وكيف ذكّرها أبوها بفضل التسبيح والتكبير والتهليل فعاشت راضية.. يقول على بن أبى طالب (رضى الله عنه) لأحد التابعين ويدعى ابن أعبد: «ألا أحدثك عنى وعن فاطمة (رضى الله عنها) -بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم- وكانت من أحب أهله إليه، وكانت عندى؟ قلت: بلى، قال: إنها جرَّت بالرحا حتى أثرت فى يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت فى نحرها، وكنست البيت حتى أغبرت ثيابها، فأتى النبى (صلى الله عليه وسلم) خدم، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادمًا، فأتته فوجدت عنده حدثاء فرجعت. فأتاها من الغد فقال: «ما كانت حاجتك؟» فسكتت. فقلت: أنا أحدثك يا رسول الله، جرَّت الرحا حتى أثّرت فى يدها، وحملت بالقربة حتى أثّرت فى نحرها، فلما أن جاء الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادمًا يقيها حر ما هى فيه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقى الله يا فاطمة، وأدى فريضة ربك، واعملى عمل أهلك، وإذا أخذت مضجعك فسبحى ثلاثًا وثلاثين، واحمدى ثلاثًا وثلاثين، وكبرى أربعًا وثلاثين، فتلك مائة، فهو خير لك من خادم». قالت فاطمة: رضيت عن الله وعن رسول الله» [البخارى ومسلم].
– اعملى بنصيحة أمامة بنت الحارث التغلبى: «فلا تغفلى عن نظافة بدنك؛ فإن نظافته تضىء وجهك وتحبب فيك زوجك، وتبعد عنك الأمراض والعلل وتقوِّى جسمك على العمل، فالمرأة التفلة تمجها الطباع وتنبو عنها العيون والأسماع».
– تحمَّلى معه مشاق الحياة، وقدِّرى كدَّه من أجلك ومن أجل أولادك.. واسيه بالكلمة الطيبة، واستقبليه بالابتسامة الجميلة، وخفّفى عنه ما يلقاه خارج البيت وداخله.
– طمئنيه إن أصابه الهمُّ، ودعّميه، وأكسبيه الثقة فى نفسه، وكونى له سندًا عند الملمات.. وإياك أن تخذليه أو تُعرضى عنه، أو تدعيه يغرق فى مشكلاته وأحزانه.
– لا تجعلى الدنيا أكبر همك، ولا تنظرى لما فى يد غيرك، ولا تتطلعى إلى من هو أعلى منك، فربما كان الذى فى أيديهم فتنة لهم، فاحمدى الله واشكريه على نعمه التى لا تُعد، واصحبى زوجك بالقناعة، فإن القناعة جنة الدنيا.
– توكّلى على الله حق توكله، وابتعدى عن الهم والكآبة، وكونى مبشرة، ولا تكونى منفرة، وإياك والشؤم، فإنه بابٌ عريض للخلاف والشقاق، أما الاستبشار ففيه الفرح والأمل، وهو باب لدوام المودة وحسن العشرة، وانظرى إن شئت فى زوجتى إسماعيل -عليه السلام- وكيف تعمر بيوت المتفائلات المحسنات، وكيف تخرب -فى المقابل- بيوت المنفرات الكئيبات.. روى البخارى عن ابن عباس قال: «لقد ذهب إبراهيم يزور ولده إسماعيل فلم يجده ببيته، فسأل امرأته ولم تكن تعرفه: كيف حالكم؟ قالت: نحن فى جهد وشدة وبلاء. قال: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولى له يغير عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل أخبرته فقال: هذا أبى وقد أمرنى بفراقك فالحقي بأهلك. ثم تزوج إسماعيل بأخرى. ثم جاء إبراهيم بعد زمن طويل، فلما سأل المرأة عن حالهم قالت: نحن فى خير وسعة وبركة. قال: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولى له: يثبت عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل أخبرته فقال: هذا أبى وأنت عتبة الباب، وقد أمرنى أن أمسكك».
– اقتصدى فى الإنفاق من ماله، وارعى أولاده ، وازرعى فيهم وازع الدين، وتقدير الأب، وحب الأهل والقرابة.
– لا تحتفظى بالذكريات الأليمة، بل تسامحى، فما تقدمى من خير وعفو تجديه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا.. واعلمى أن الخلاف باقٍ ما بقيت الحياة، لكن يبقى الود ما بقى العتاب، ويبقى الحب ما بقى الاعتذار، فلا تأخذك العزة بالإثم، ولا يجرك الغضب إلي معصية الله وخراب بيتك.
– لا يعلم أحدٌ -كائنًا من كان- أسرار بيتك؛ فإن ذلك مدخل الشر، بل كوني عاقلة، ولا تسمعى لتحريض الآخرين، ولا تغترى بكل ما يقال لك، واستعيذى بالله من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس، من الجنة والناس.. والله الموفق والمستعان.