مع تزايد معدلات البطالة بسبب وقف التعيينات من جانب نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي وتسريح ملايين العمال ، نتيجة تعثر آلاف المصانع والشركات وإغلاق أبوابها وتعطل قطاع المقاولات عقب ، ما يسمى بقوانين التصالح في المخالفات وتدخل الجيش في مجال البناء والإتجار بالوحدات السكنية والإدارية وغيرها انتشرت مكاتب أو شركات توظيف تمارس النصب على الشباب الراغبين في الحصول على فرصة عمل ، حيث تعلن هذه المكاتب عن فرص عمل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتخدع الشباب بحلم العمل وتربح الملايين من خلال مطالبة الراغبين في العمل بتقديم بياناتهم وسداد الرسوم المطلوبة منهم كشرط للتوظيف ، وفي النهاية يكتشفون أنها مكاتب وشركات وهمية كل هدفها استغلال الشباب وجمع مبالغ مالية منهم.
ورغم تقدم آلاف الشباب ببلاغات إلى الجهات المسئولة بحكومة الانقلاب ، إلا أنها لم تحرك ساكنا وتركت هذه المكاتب والشركات تمارس النصب والاحتيال على حساب الباحثين عن فرصة عمل.
نصب واحتيال
حول هذه المأساة قال صبري الجمال، أحد ضحايا هذه المكاتب إنه “تعرض للنصب من مكاتب التوظيف التي تصطاد الباحثين عن لقمة العيش، وذلك عن طريق إعلان على مواقع التواصل الاجتماعي، ومرفق مع الإعلان رقم هاتف عند الاتصال به ردت فتاة وطلبت مبلغا كمصاريف «أبلكيشن»، ثم عمل لقاء مع مدير الموارد بشرية H.R الذي طلب مبلغا آخر «تأمين» بزعم ضمان أنك لن تترك الوظيفة”.
وأضاف الجمال في تصريحات صحفية أنهم قاموا بمنحه خطابا للتدريب في موعد محدد، وفي الموعد المزعوم تم غلق الهواتف والمكاتب.
وأشار إلى أن المشكلة ليست في الأموال التي حصلوا عليها فقط، ولكن هناك مشكلة أخرى، وهي أن عددا من الشباب المتقدم للوظيفة كانوا من أبناء الأقاليم، الذين دفعوا كل ما يملكون، وتحملوا مصاريف المواصلات ومشقة الطريق، ولم يحصلوا على شيء.
وتساءل الجمال عن الدور الرقابي لأجهزة دولة العسكر ، ولماذا لا تتصدى لهذه الظاهرة المنتشرة في ربوع الجمهورية، ولماذا لا تداهم هذه المكاتب الوهمية التي تمتص دماء شبابنا وتمارس النصب والاحتيال عيانا بيانا في وضح النهار؟ وأين دور الإعلام في تسليط الضوء على هذه الظاهرة، وكشفها أمام الرأي العام ومحاربتها، وتحذير الشباب منها ؟.
سرقة أموال
وقالت جنى أحمد، 23 عاما، إن “مواقع التوظيف الوهمية كثيرة، فقد وقعت في أحد أفخاخها، لافتة إلى أن المسئولين عن هذه المواقع يسرقون الأموال ولا يقومون بالتدريب مثلما يزعمون في إعلاناتهم، بل يرسلون فيديوهات فقط”.
وأضافت جنى أحمد في تصريحات صحفية ، عندما اكتشفت خداعهم طالبتهم برد ثمن التدريب، لكنهم قاموا بعمل بلوك وتهربوا مني.
مكتب وهمي
وأكد محمود فهمي، أنه عثر على أحد إعلانات التوظيف لشركة تسمى «أ.ل.ا» على موقع أوليكس، والمطلوب دفع 500 جنيه للأبلكيشن، وعندما رفض وطلب الذهاب لموقع الشركة، رفض طلبه
بينما قال حسام عادل، من محافظة المنوفية، إنه جاء من محافظته للتقديم في الشركة، إلا أنه تعرض للنصب والاحتيال من مكتب في منطقة فيصل، حيث أعلن المكتب عن وظائف تتبع البريد، وحصل على رسوم تبلغ 500 جنيه للتقديم، وفي النهاية تبين أنه مكتب وهمي.
كما تعرض جودة فارس للنصب من إعلان لشركة تدعى أنها دولية، وتطلب مهندسين للسفر إلى سلطنة عمان، وقال “أرسلت للشركة طلبا منذ ٣ أشهر، وتم التواصل معي من خلال مواطن مصري يدعى إبراهيم جبر، قال إنه المستشار القانوني للمجموعة، وجاء إلى مصر لإنهاء أوراق التعيين الخاصة بي وزملائي، وحدد موعدا للكشف الطبي ومكانه في مكتب الحجر الصحي بالمهندسين، ثم طلب إيداع مبلغ 5100 جنيه في محفظة بإحدى شركات المحمول، مدعيا أنه لن يصرف المبلغ، بل إنه تأمين فقط، ولكن عندما سألت في الشركة ، قيل لى إنه بمجرد الإيداع يمكنه سحب المبلغ، وعندما رفضت امتنع عن التواصل معي”.
مواقع مضللة
عن هذه الأزمة قالت الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن، باحثة في الإرشاد النفسي والتربوي بجامعة القاهرة إن “النصب على الشباب باسم التوظيف أو السفر أصبح ظاهرة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى، وعبر المنصات الإلكترونية التي تستغل حاجة الشباب للعمل ليبيعوا لهم أحلاما مزيفة”.
وأضافت ريهام أحمد عبدالرحمن في تصريحات صحفية ، رغم توافر بعض المنصات الرسمية والقانونية المضمونة للحصول على فرصة عمل مناسبة، فإن بعض الشباب أصبح فريسة سهلة لجروبات ومواقع التواصل الاجتماعي المضللة، التي تنشر إعلانات وهمية تقنع فيها الشباب بملء البيانات الشخصية لهم عبر استمارات للتوظيف، أو تحويل بعض الأموال التي يمكن استردادها بمجرد التحاق الشاب بالعمل، خاصة في الوظائف الموجودة بالخارج، ليفاجأ الشباب بأنهم وقعوا فريسة للنصب والاحتيال.
وأشارت إلى أن هناك أسبابا لانسياق الشباب وراء هذه الإعلانات، منها التسرع وعدم حكمة البعض في اتخاذ القرار دون التأكد من هويات أصحاب الإعلان، بالإضافة إلى عدم وجود فرص وظيفية تناسب الشباب خاصة حملة الماجستير والدكتوراة ، ما يجعلهم ينجرفون سريعا وراء هذه الشركات والمنصات الوهمية.
بيانات المستخدمين
وكشف محمد سعد، خبير تكنولوجيا المعلومات واستشاري التسويق الرقمي أن الشركات تقوم بعمل إعلانات عن وظائف وهمية عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت من خلال منشور أو رسالة مرفق بها رابط، وبعد الدخول إلى هذا الرابط تصبح بياناتك في خطر.
وقال سعد في تصريحات صحفية إن “هدف هذه المنشورات والرسائل هو جمع بيانات ومعلومات المستخدمين بريد إلكتروني أو أرقام ، لاستخدامها في قوائم الإعلانات أو بيعها لجهات مستفيدة أخرى، مؤكدا أن إعلانات التوظيف الوهمية تهدف إلى الاحتيال المالي أو إلحاق الضرر، أو جمع بيانات المستخدمين لتحقيق أرباح من خلال اشتراكات لتطبيقات إعلانية يتم من خلالها سحب بعض الرصيد بشكل يومي أو عمل هاكينج على المستخدمين والحصول على كل المعلومات الخاصة بالمستخدم وأهمها بيانات الدفع بالفيزا.
وشدد على ضرورة تعلم كيفية كشف هذه الإعلانات الوهمية، وتمييزها لتجنب الوقوع في مصيدة النصب باسم الوظائف الشاغرة، من خلال عدة أمور، أهمها أن الإعلانات الوهمية غالبا لا تتضمن شروطا أو وصفا وظيفيا ، والوظيفة معروضة للجميع دون تحديد الجنس أو الجنسية أو المؤهل، وأن يكون مصدر الإعلان مجهولا أو مصدرا يفتقد للتنظيم والرقابة مثل المجموعات البريدية ، وقد لا يتوافر اسم صريح للشركة أو وصفها بشركة كبرى أو شركة مرموقة وغيرها من التسميات المبهمة، وعدم توافر بريد رسمي للشركة أو وسائل اتصال رسمية، والاعتماد على عبارات جاذبة مثل وظائف للجميع، وظائف مضمونة أو اعمل من منزلك واكسب الآلاف، وطلب أي رسوم أو مبالغ ولو كانت رمزية قبل تسلم الوظيفة سواء كانت رسوما إدارية رسوم عضوية أو شراء خدمات ومنتجات.
وأشار سعد إلى عدة خطوات للتأكد من الإعلان، منها مراجعة الموقع الرسمي للشركة، والتأكد من طلبها موظفين، وبدلا من الرد على رسائل البريد الإلكتروني المزيفة انتقل إلى صفحة التوظيف الخاصة بالشركة وقدم طلبا مباشرا من خلاله، كما يجب التحقق من أنك ترسل السيرة الذاتية من خلال موقع الويب الفعلي ، وليس من خلال رابط في رسالة بريد إلكتروني وغيرها من بوابات الوظائف عبر الإنترنت.
وحذر من الاستعجال بالضغط على أي روابط أو إعلانات ، إلا بعد التأكد من مسار ووصف الروابط المرفقة بالإعلانات.