تشهد الأسواق المصرية ارتفاعات متتالية وغير مسبوقة في أسعار السلع الأساسية والغذائية خاصة الاستراتيجية منها، ووصلت زيادة الأسعار في بعض السلع إلى حوالي 100% حيث قفز سعر لتر الزيت على سبيل المثال إلى 70 جنيها من 37 جنيها خلال الأسبوع الماضي، ما يهدد بتجويع المصريين ونشوب اضطرابات اجتماعية واندلاع ثورة ضد نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي ، خاصة مع اقتراب الذكرى الثانية عشرة لثورة 25 يناير.
كانت حكومة الانقلاب قد أعلنت عن وضع عدة آليات لتسعير السلع والتوسع في المنافذ والمعارض، إضافة إلى توفير السلع والمواد الخام اللازمة والإفراج عن شحنات البضائع المحتجزة في الجمارك منذ شهر فبراير الماضي ، إلا أن هذه الإجراءات لم توقف الزيادات المستمرة في الأسعار .
وقال مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب إنه "تم الإفراج عن بضائع بقيمة 6 مليارات وربع المليار دولار خلال ديسمبر الجاري، منها مليار و236 مليون دولار خلال الأسبوع الأخير من الشهر" وفق تعبيره.
وزعم مدبولي خلال مؤتمر صحفي عقده بميناء الإسكندرية اليوم، أن حكومة الانقلاب وضعت خطة مع البنك المركزي لسداد متأخرات الإفراج الجمركي تباعا، مدعيا أن حكومة الانقلاب لديها خطة لتوفير موارد النقد الأجنبي لعام ميلادي كامل .
كما زعم أن حكومة الانقلاب تسعى خلال الأسابيع القليلة المقبلة إلى الخروج من الأزمة الحالية وحماية المواطنين من جشع التجار بشأن السلع الغذائية.
وأوضح مدبولي أن هناك إجراءات عاجلة ملزمة في كل منافذ البيع، بوضع الأسعار على السلع، بحيث يكون السعر معلنا للجميع، وذلك بالاتفاق مع اتحاد الغرف التجارية خصوصا السلع الاستراتيجية وفق تعبيره.
وأشار إلى أن هناك تكليفات لكل جهات دولة العسكر بالنزول لمراقبة تنفيذ وضع الأسعار على السلع بحسب تصريحاته.
يشار إلى أن المستوردين والصناع كانوا قد عانوا خلال الفترة الماضية من أزمة نقص مستلزمات الإنتاج بسبب التأخر في فتح الاعتمادات المستندية وعدم تدبير العملة الأجنبية من قبل البنوك ، ما أدى إلى نقص المعروض من السلع وارتفاع جنوني في الأسعار .
البنزين والسولار
في هذا السياق تجتمع لجنة التسعير التلقائي لتحديد أسعار المنتجات البترولية خلال الفترة من يناير حتى نهاية مارس المقبل.
وكشفت مصادر بحكومة الانقلاب أن التوقعات تشير إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط عالميا خلال عام 2023 وسط توقعات بتخفيض الإنتاج ، الأمر الذي سيلقى بظلاله على تكلفة الإنتاج خلال العام الجديد وفق تعبيرها.
واعترفت المصادر بأن حالة عدم اليقين مسيطرة بشكل كبير ، وهو ما سيؤثر على موازنة العام الجديد والمتوقع أن تشهد صعود سعر برميل البترول في الموازنة الجديدة.
وأكدت أن قرار لجنة التسعير التلقائي سيأخذ في الحسبان تحركات أسعار الصرف، حيث يشهد سعر الدولار صعودا أمام باقي العملات الأجنبية، فضلا عن ارتفاع سعر برميل البترول ، وهو ما قد يدفع الأسعار للزيادة في حدود 10% خلال الربع الأول من العام الجديد.
وزعمت المصادر أن قرار رفع الأسعار له بعد آخر أن تتحمل حكومة الانقلاب فارق التكلفة بسبب ارتفاع التضخم الفترة الحالية ضمن آليات كبح جماح التضخم المرتفع ولحين توافر السلع بكميات كبيرة في الأسواق وبدء انخفاض الأسعار.
ارتفاعات كبيرة
في المقابل قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب وكيل وزارة التموين والتجارة الداخلية الأسبق ، إن "عام 2022 شهد ارتفاعات كبيرة وملحوظة في أسعار مختلف السلع الأساسية وأيضا أسعار الخدمات، مؤكدا أن هناك أسعار ارتفعت بنسبة تقترب من 100% لبعض السلع مثل الأرز والسكر والقمح والخبز والزيوت".
وأضاف عبدالمطلب في تصريحات صحفية أن هناك سلعا ارتفعت بنسبة تتراوح من 20% إلى 25% منها على سبيل المثال الدواجن واللحوم وبعض السلع الغذائية ذات الاستهلاك اليومي، مشيرا إلى أنه في المجمل شهدت الأسعار لمختلف السلع الأساسية والغذائية نسبة ارتفاع بين 15 إلى 25% على الأقل، وذلك يرجع إلى ارتفاع معدل التضخم ليصل الى 20% حاليا.
وأكد أن حكومة الانقلاب فشلت في تخفيف حدة الأسعار على المواطنين وضبط الأسواق ، ومنها السيطرة على الخبز وبعض السلع الرئيسية، ومحاولة تسعير الأرز مشيرا إلى أن كل الإجراءات الانقلابية لم تتمكن من إحداث تخفيض في الأسعار، إضافة إلى التوسع في عرض السلع في منافذ ومراكز مخصصة ومتعددة، ولكن هذه المراكز أيضا ليست موجودة في كل المحافظات أو متاحة بشكل كامل لغالبية المواطنين في المدن والقرى.
وتوقع عبد المطلب استمرار ارتفاع الأسعار خلال العام الجديد 2032 طالما استمر معدل التضخم في الارتفاع ، مؤكدا أن حكومة الانقلاب لن تتمكن من السيطرة على ارتفاع الأسعار بالأسواق.
الدولار
وتوقع متى بشاي، رئيس لجنة التموين بشعبة المستوردين بالغرف التجارية استمرار ارتفاع الأسعار، معتبرا أن كلمة السر لحل الأزمة هو تدبير الدولار للمستوردين، وبدء الإفراج عن البضائع الموجودة بالموانئ.
وقال بشاي في تصريحات صحفية إن "قرار البنك المركزي المصري بالعودة للعمل بمستندات التحصيل، جاء بعد طلبات مستمرة من المستوردين لحل أزمة التأخر في فتح الاعتمادات المستندية، والبطء في تدبير العملة من قبل البنوك".
وأكد أنه مع توفير الدولار للمستوردين، ستنخفض الأسعار بشكل مباشر، موضحا أن سعر الدولار في البنوك نحو 25 جنيها، وهو أقل من السوق الموازي الذي كانت تسعر التجار السلع من خلاله، والذي وصل حتى 31 جنيها الفترة الماضية.
وأشار إلى أن فعالية القرار لخفض الأسعار تتوقف على توفير الدولار للمستوردين للإفراج عن البضائع، محذرا من أنه بدون توفير العملة الصعبة ستظل الأزمة قائمة.