تواجه الصناعة المصرية أزمات عديدة بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام ووقف الاستيراد وأزمة الدولار وغيرها؛ ما يهدد بانهيار الصناعة خاصة عقب إغلاق آلاف المصانع والشركات أبوابها وتوقفها عن الإنتاج وتسريح العمالة .
وتزايدت تلك الأزمات والتهديدات مع استمرار أزمة نقص خامات ومستلزمات الإنتاج ، منذ صدور تعليمات البنك المركزي المصري بوقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية وتأخر الإفراج الجمركي، وتأثير ذلك على تشغيل وعمل المصانع وإنتاجها.
البنك المركزي
من جانبه طالب محمد زكي السويدي رئيس اتحاد الصناعات، بعرض القرارات السريعة والمفاجئة التي تصدرها حكومة الانقلاب على القطاعات المستهدفة قبل اتخاذها لمعرفة الأثر الاقتصادي عليها قبل تنفيذها.
وقال السويدي في تصريحات صحفية إن "أزمة كورونا دفعتنا كرجال الصناعة لتنمية القطاع الصناعي، وزيادة القيمة المضافة على الإنتاج، لكن القرارات الأخيرة التي أصدرها البنك المركزي ـ في إشارة إلى التحول نحو فتح الاعتمادات المستندية بدلا من مستندات التحصيل في الاستيراد ـ كانت صادمة لأنها جاءت مفاجئة ولم يستطيع القطاع الصناعي تحملها لاعتماد عدد كبير من الشركات على مستلزمات الإنتاج المستوردة في تصنيع بضائعها".
وأشار إلى أن هذه القرارات السريعة والمفاجئة تؤدي إلى عدم الاستقرار ما يسبب اضطرابا في سلاسل الإمداد ، مؤكدا أن القطاع الصناعي ما يقدرش يتحمل هذه الصدمات والقطاع الصناعي ليس كبيرا، والقيمة المضافة هي عدد العمالة واستخدام خاماتنا.
وكشف السويدي أن هناك تحد آخر، هو القوانين المنظمة والعمالة الفنية، مشيرا إلى وجود نقص شديد في المعامل التي تختبر المنتجات قبل تصديرها، وهذا يتطلب أن تصبح الجامعات جزءا من منظومة المعامل المعتمدة عالميا.
وشدد على ضرورة دعم الصادرات من خلال رد الأعباء، مطالبا بتفعيل قانون 5 لأفضيلة المنتج المحلي ، ويجب أن نعمل على تفعيل هذا القانون ، واللي عاوز يبيع لمصر يجي أهلا وسهلا ، يزود صادراتي يبقى بعدل الميزان التجاري، وسوف أقلل الواردات عند تفعيل قانون 5.
ودعا السويدي وزارة مالية الانقلاب إلى قبول توصية خصم الأموال المستحقة للعملاء قائلا "الشركات يكون لها وعليها ونرجو توصية مباشرة ما دام لي فلوس في وزارة مالية الانقلاب تتخصم من أي وعاء، أنا كعميل ليّ حصيلة يبقى تساعدني بدلا ما أقول لك هاتها، لأ خصمها ليّ في جهة تابعة لوزارة مالية الانقلاب".
حلول سريعة
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر إن "الاقتصاد المصري يمر بأزمات كبيرة خلال الفترة الحالية ، موضحا أن الأزمة الاقتصادية تمر بها كل دول العالم وليس مصر فقط وذلك يرجع إلى عدة أسباب من أهمها فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية".
وطالب عامر في تصريحات صحفية بحلول سريعة لتخطي تلك الأزمة خاصة أن حل مشاكل الصناعة سيعمل بشكل كبير على انعاش الاقتصاد المصري إلى جانب حل مشكلة الدولار وزيادة العملة الصعبة في ظل ارتفاع سعر الدولار واقترابه من حاجز الـ 25 جنيها .
وأشار إلى أن توفير جزء من العملة الصعبة كفيل بانعاش الاقتصاد المصري وتطويره.
"سيستم" جديد
وقال الدكتور عمرو يوسف، خبير التشريعات المالية والضريبية، إن "قطاع الصناعة يجب أن يكون له دور كبير في الارتقاء بالاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة".
وأضاف يوسف، في تصريحات صحفية ، لا بد وأن يكون هناك سيستم ونظام جديد يعمل على تطوير الصناعة المصرية من خلال مصانع ومعدات جديدة ذات كفاءة عالية تعمل على زيادة الإنتاج إلى جانب زيادة الصادرات المصرية للخارج والعمل على الاهتمام بالمناطق الصناعية في محافظات الصعيد والمناطق النائية.
سعر الخردة
وكشف طارق عبد العظيم رئيس مجلس إدارة شركة إحدى شركات صناعة الصلب عن التحديات التي تواجهها هذه الصناعة، مشيرا إلى أن سعر الخردة شهد صعودا كبيرا ، وهي مادة أساسية تستخدم في أفران الصهر الكهربائية ، حيث ارتفع سعرها بمعدل 62% ليصل متوسط السعر في 2021 لحوالي 466 دولارا للطن ، كما ارتفع سعر البيليت خلال عام 2021 بمقدار 228 دولارا 54% ليصل إلى 650 دولاراللطن.
وقال عبد العظيم في تصريحات صحفية "مع بداية عام 2022 استمرت أسعار الصلب في ارتفاعاتها التاريخية مدفوعة بالزيادة في أسعار الطاقة ، حيث كانت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا عند حد 37 دولارا للمليون وحدة حرارية أي 6 أضعاف قيمتها منذ سنة مضت، كما شهدت أسعار الكهرباء أعلى مستوياتها على الإطلاق ، حيث سجلت 20 سنتا يورو للكيلو وات ساعة كما بلغ سعر البترول ضعف قيمته منذ عام بسعر 86 دولارا للبرميل، وهكذا كانت أسعار الطاقة هي المحرك الرئيسي لأسعار الصلب قبل غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي.
وأضاف في ظل هذه الظروف بدأت الحرب الروسية الأوكرانية ، وما تبعها من فرض عقوبات دولية شديدة التأثير على الاقتصاد الروسي ، وأهمها عزل روسيا عن النظام المصرفي الدولي المعروف باسم سويفت وهو الذي يسمح لروسيا بتلقي الأموال وإرسالها من خلال البنوك الدولية، ما يعني شل حركة روسيا في التجارة الدولية وعدم قدرتها على إبرام صفقات تجارية، والعقوبة الثانية هي مقاطعة المنتجات الروسية وعلى رأسها منتجات الصلب ومنعها من دخول الأسواق الاوروبية والأمريكية ، وفي نفس الوقت تم تدمير البنية التحتية والقاعدة الصناعية في أوكرانيا ومنها مصانع صلب، أي أن المعروض العالمي من منتجات الصلب تم خفضه بمقدار إنتاج روسيا وأوكرانيا والذي بلغ 92 مليون طن عام 2020 بما يمثل 5% من الإنتاج العالمي طبقا لإحصاءات منظمة الصلب العالمية، كما تساهم هاتان الدولتان بنسبة الثلث من حجم التجارة الدولية في البيليت والبالغة 54 مليون طن سنويا.
وأوضح أنه على المستوى المحلي كانت روسيا وأوكرانيا المصدر الرئيسي لتوريد البيليت وبنسبة حوالي 80% من الإجمالي خلال السنوات 2019 ــ 2021 ونتج عن ذلك تحول مجرى التجارة العالمية للبيليت من البحر الأسود لتركيا ، وهي من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للصلب ، وإنما أيضا زيادة أسعاره بصورة حادة بلغت نسبتها 30% خلال شهر واحد فقط، من 685 دولارا للطن فوب إلى 890 دولارا للطن فوب، وبناء عليه تبلغ تكلفة استيراد البيليت من تركيا الآن 20 ألف جنيه ، كما ارتفعت أسعار تصدير حديد التسليح وبنفس النسبة، من 740 دولارا للطن فوب إلى 965 دولارا للطن فوب، كما ارتفعت أسعار الخردة بمعدل 30% أيضا نتيجة خروج روسيا وأوكرانيا من السوق العالمي ، حيث ساهمت بنسبة 5% من إجمالي التجارة العالمية والبالغة مائة مليون طن سنويا، حيث ارتفعت من 507 دولارات للطن إلى 659 دولارا.