على الطريقة اللبنانية، وبسبب انهيار الجنيه وفقدانه أكثر من 60% من قيمته إثر التعويم للمرة الثالثة خلال عام، قررت العديد من شركات الطيران والسياحة والعقارات والذهب وقف التعامل بالجنيه المصري في دليل على فقدان الثقة بالاقتصاد المصري الذي دخل مرحلة عدم اليقين والشكوك في مستقبل غير المستقر.
وأوقفت شركات الطيران العارض "الشارتر" تعاملاتها بالجنيه المصري، للراغبين في الحجز على الرحلات الدولية والمحلية.
وفرضت الشركات التعامل بالدولار إجباريا، على الراغبين في الحجز عبر وسائل الدفع الإلكتروني وشركات السياحة، مع سداد قيمة التذاكر بالسعر الحقيقي للدولار، الذي يشمل سعر الدولار بالبنوك بالإضافة إلي عمولة البنوك لتدبير العملة الأجنبية.
وارتفع سعر الدولار الخميس في البنوك الحكومية إلى نحو 26.7 جنيها بعد أن كان يدور حتى حول 24.7 جنيها.
كما امتنع أكبر موقع للحجز على الطيران العارض، Sky Scanner الذي يستوعب نحو 70٪ من حركة الطيران الداخلي والمتجه لأوروبا والخليج وتركيا والسعودية والقدس، عن قبول أية طلبات مباشرة من حاملي بطاقات الائتمان بالجنيه.
أوقف الموقع حجز الرحلات على شركات السياحة التي تتعهد بسداد قيمة تذاكر السفر بالدولار فقط، وسارت شركة مصر للطيران الحكومية، على نهج الشركات الدولية، وقررت تحصيل قيمة تذاكر السفر بالدولار، على رحلات الطيران العارض التابعة لها، ومنها Air Cairo.
تحتسب الشركة قيمة الدولار بالإضافة على عمولات تدبيره من البنوك، وفقا للأسعار السائدة، لحظة صدور التذاكر، مع عمولة ارتباط، وفي الوقت ذاته، قررت تحصيل تذاكر سفر المعتمرين على أساس سعر موازي للريال بنحو 8.7 جنيهات، ليقترب من السوق السوداء التي رفعت سعر الريال إلى نحو 10 جنيهات.
فيما لجأت شركات السياحة الكبرى إلى دفع مستحقات تذاكر الطيران، من حسابات مكاتبها بالخارج، لتلافي زيادة تكاليف شراء الدولار محليا، وفضل المتعاملون في رحلات العمرة، اللجوء إلى شركات الطيران السعودية، التي تنافس الشركات المصرية، في تقديم عروض أسعار للطيران منخفض التكلفة، بنحو 800 ريال للرحلات المنتظمة، تصل إلى 600 ريال للطيران العارض، بينما تصل تكلفة التذكرة من السوق المصري، إلى 850 ريالا، مع توقع زيادتها قبل بداية شهر رمضان المقبل.
يشار إلى أن جميع البنوك المحلية أضافت على خدمات تدبير العملة الأجنبية، عمولات تصل إلى 14٪، وتشمل 4٪ تكاليف تدبير عملة، و10٪ عمولة تحويلات في حالة السحب النقدي والشراء للدفع لجهات أجنبية أو أثناء بالسفر بالخارج.
وتلقت إدارة بطاقات الائتمان بالبنوك شكاوى من المسافرين، خلال إجازات رأس السنة وطلاب مقيمين يدرسون بالخارج، من عدم قدرتهم على سحب أكثر من 150 يورو أو مائة دولار، خلال الشهر.
وهو ما حملهم زيادة في قيمة الدولار، مقابل الجنيه، نحو 8 جنيهات، وبلغ سعر الدولار في شاشات البنوك نحو 24.72 جنيها، بينما وصلت التكلفة إلى 33 جنيها، خلال الفترة من 28 ديسمبر الماضي إلى 3 يناير الجاري.
وكانت العديد من شركات العقارات ومحلات الذهب قد أوقفت البيع لفترات، وسط إعادة تقييم الأسعار وفق سعر الدولار، في ضوء التقلبات السعرية المتسارعة.
وقد تصاعدت صدمات أسواق المال والأعمال، مع تراجع حاد في سعر الجنيه مقابل الدولار بأكثر من 7%، وزيادة أسعار الفائدة على شهادات الإيداع إلى معدلات غير مسبوقة بلغت 25%، أصابت المستثمرين باضطراب شديد.
كما تخبطت أسعار السلع، وكأنها جان يتخبطه الشيطان من المس، مع ارتفاعات باهظة وشح في المعروض.
ومع استمرار اعتماد الحكومة على سياسات نقدية متشددة، أدت إلى تراجع قيمة الجنيه، في أقل من عام، بنحو 66% من قيمته، وزيادة معدلات الفائدة، وإلغاء برامج دعم الفائدة الموجهة لإنقاذ المصانع والمشروعات الصغيرة وقطاعي السياحة والعقارات، ما قاد الأسواق إلى خراب وانهيار واسع النطاق.
وتسبب السياسة النقدية التي يتبعها السيسي برفع أسعار الفائدة، لاتجاه رجال الأعمال إلى تصفية مشروعاتهم، وتوجيه ما لديهم من مدخرات لوضعها في البنوك.
فيما وصف خبير الاستثمار حسن أبو سعدة توابع زيادة الفائدة على المدخرات، إلى معدلات غير مسبوقة في التاريخ، بأنه دليل على فشل الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي، مشددا في تصريحات صحفية، على دفعها البلاد إلى ركود حاد مع توقف الدورة الاقتصادية، بداية من التشغيل في المصانع والمشروعات وانتهاء بالبيع والشراء في العقارات والأسواق، مع تفضيل حائزي الأموال توجهيها إلى شهادات ادخار سيتحمل البنك المركزي دعمها، خصما من الموازنة العامة للدولة ، وهكذا تسير الأمور في مصر نحو خراب يفوق ما يحدث في لبنان من انهيار للعملة وفقد العملة الوطنية قيمتها.