الشيخ ماجد الدرويش يكتب عن د. عبد العظيم الديب.. الشهادة عندما تصدر عن أهلها

- ‎فيلن ننسى

في عام ١٤٣١ ه‍ ، ٢٠١٠ ميلادي انتقل أستاذنا الكبير العلامة المربي الأصولي الدكتور عبد العظيم الديب رحمه الله تعالى إلى الرفيق الأعلى ، مخلفا وراءه إرثا علميا كبيرا ، ومن هذا الإرث كتاب (الغياثي) للإمام الكبير المجتهد أبي المعالي الجويني، إمام الحرمين، المتوفى سنة ٤٧٨ ه‍ عن ثمانية وخمسين عاما رحمه الله تعالى.

وكان أستاذنا رحمه الله تعالى قد أعاد النظر في الكتاب إعادة كاملة حتى إنه يمكن أن يقال: إنه أعاد تحقيقه ثانية، كما عبر عن ذلك تلميذه الأثير الشيخ علي الحمادي جزاه الله خيرا.

وقد أعيد طبع الكتاب سنة ٢٠١٤ م ، بعد وفاة شيخنا بأربع سنين، وخرجت نشرته المحققة الشرعية الوحيدة عن دار المنهاج في طبعة رائقة وحلة أنيقة ، وبخاصة أن الكتاب في طبعاته السابقة سطا عليه اللصوص ، ضعاف النفوس، وطلاب الفلوس، ففي عام ٢٠٠٠م اتصل بي أستاذنا من قطر ليسألني عن شخص اسمه (خليل منصور) كان قد سطا على التحقيق الأول للكتاب ونشرته إحدى دور النشر في بيروت المشهورة بذلك. 

وبعد البحث والتحري تبين أن الرجل من سكان طرطوس له شقيق برتبة عسكرية كبرى يخدم في بيروت ضمن قوات الردع السورية، (خرجوا من لبنان بعد ذلك سنة ٢٠٠٥ بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري رحمه الله) ، ويوم أخبرت أستاذنا بالتفاصيل سمعت منه دعاءً عليه نادرا، وكلي يقين بأن الله سبحانه قد استجاب دعاء أستاذنا ، لأن المذكور ما عاد يسمع عنه حس.

وبالعودة إلى الطبعة التي نحن بصددها، فقد قدم لها شيخنا علامة العصر وإمامه يوسف القرضاوي رحمه الله تعالى ، مقدمة رائعة، راقية، تنضح حبا ووفاءً وإنصافا، وهي لمثلي توجيهات تربوية وإرشادية عالية الطراز. 

وتظهر فيها مكانة أستاذنا عبد العظيم الديب عن شيخنا القرضاوي، رحمهما الله تعالى.

ومما قاله شيخنا القرضاوي هذه الكلمات التي تنبئ عن جوهر أستاذنا عبد العظيم الديب، رحمهما الله تعالى ، قال:

لم يركض وراء الشهره والمال 

لقد عاش عبد العظيم الديب حياته راهبا ومتفرغا للعلم ، لم يركض وراء الشهرة ، ولم يسع  إلى الأضواء ، مثل كثير من زملائه ، وغير زملائه ، بل الحقيقة أن الأضواء سعت إليه ، وركضت خلفه ، ولكنه أبى أن يستجيب لإغرائها.

 لقد كلمني كثير من أهل العلم أن تتاح لهم الفرصة ليظهروا في برنامج (الشريعه والحياة) الذي أقدمه في قناة الجزيرة ، حين أغيب عنه لسبب أو لآخر ، إلا عبد العظيم الذي ظلت الجزيرة تحاول أن تظفر به في حلقة من الحلقات ، وهو العالم الكفء القدير على إيفاء اي موضوع يختاره حقَّه ، فلم تصل إلى ما تريد ، وقد وسطوني في ذلك لإقناعه ، فلم أستطع ، فقد كان موقفه مبدئيا». انتهى النقل.

وإنما أوردت هذا المقطع ليعرف مقدار الخسارة التي ألمت بالأمة في فقدها لهذين العلمين العالمين الكبيرين… 

اللهم أجرنا في مصيبتنا، وهيء لنا علماء ربانيين يهدوننا سواء السبيل.

………….

أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الجنان. طرابلس، لبنان