«صفوان ثابت».. لماذا اعتُقل ولماذا أُفرج عنه وكيف يسترد حقه من العصابة؟

- ‎فيتقارير

الإفراج عن أي معتقل شيء مفرح ومبهج، ولكن من يستطيع إعادة ما سُلب منه ويستحيل رجوعه، وفي حالة رجل الأعمال صفوان ثابت صاحب شركة جهينة، أول شيء لا يستطيع الجنرال الظالم إعادته إليه زوجته التي ماتت حسرة وكمدا بعدما اشتد عليها مرض السرطان ، جراء مناشدتها لعصابة الانقلاب بالإفراج عن زوجها ونجلها.

اختطاف الرهائن للمساومة والابتزاز، ثم الإفراج عنها بعد أخذ المراد ، سياسة العصابات وليس النظم، ولكن هذا واقع مؤسف ومُخزٍ تعيشه مصر بعد انقلاب 30 يونيو 2013 والدليل صفوان ثابت وابنه بعد عامين من الحبس الاحتياطي وبدون إحالة للمحاكمة، دون رد اعتبار وتكذيب للاتهامات التي طاردت الرجلين بدون وجه حق، لكن آثار الظلم مستمرة والعدل يقتضي أن تنتهي قرارات تجميد الأموال ومنع السفر.

 

تعذيب

أفرجت عصابة الانقلاب تحت ضغط من صندوق النقد الدولي عن رجل الأعمال صفوان ثابت وابنه بعدما أمضيا قرابة عامين في الحبس الاحتياطي بتهم تتعلق بالإرهاب، وفق ما قالت مريم ابنة المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لمجموعة “جهينة” للصناعات الغذائية دون تحديد متى تم إطلاق سراحهما.

وكان توقيف صفوان ثابت وابنه المطول قبل المحاكمة ووضعهما في الحبس الانفرادي أثار انتقادات منظمات حقوقية، وقالت منظمة العفو الدولية إنه “يرقى إلى مستوى التعذيب”.

انتهاكات واسعة مارستها عصابة الانقلاب بحق عدد من رجال الأعمال بدأت منذ 2015، حين أصدر ذراع السفاح السيسي القضائية قرارا بالتحفظ على أموال وممتلكات 1345 شخصية مقربة من جماعة الإخوان المسلمين، وأكثر من 100 مدرسة، ونحو 60 شركة، و500 مقر، تصل قيمتهم السوقية نحو 50 مليار جنيه وفق أقل التقديرات.

من جهته يقول الدكتور محمد الصغير، الأمين العام للهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام، وعضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين  استطاعت مريم ثابت بكل مثابرة، أن تجعل القضية حاضرة، حتى تم الإفراج عن والدها  صفوان ثابت وشقيقها سيف، بعد أكثر من عامين من الظلم، والعاقبة لكل المظلومين الذين يقاسون شدة البرد في عنابر الموت وزنازين القتل البطيء”.

وكانت 2021 استمرارا لمسلسل القمع، حيث وجهت عصابة الانقلاب تهما لبعض رجال الأعمال البارزين بعضها تعلق بدعم الإرهاب، ولم يقتصر الأمر على التحفظ على أموالهم وغلق أنشطتهم التجارية المستمرة لعقود، بل امتد لانتهاكات تتعلق بأسرهم، مما أثار تساؤلات عدة حول من هم؟ وما التهم الموجهة لهم؟ وما الرسالة التي يريد السفاح إيصالها؟

أبرز من كالت له عصابة الانقلاب التهم وتعرض هو وأسرته للقمع، كان رجل الأعمال “صفوان ثابت” مالك شركة جهينة للألبان والمشروبات، الذي اعتُقل منذ 5 ديسمبر 2020 بزعم تمويله جماعة إرهابية أسست على خلاف القانون.

ولم يكن صفوان ثابت معارضا للعصابة الحاكمة، بل حضر اجتماعا في 2014 مع السفاح السيسي ضمن عدد من رجال الأعمال لبحث آلية دعم مشاريع عصابة الانقلاب، وتبرع بمبلغ 50 مليون جنيه لصندوق تحيا مصر، لكن بعد فترة تم رفع اسمه من قائمة رجال الأعمال الوطنيين والحق بقائمة الإرهابيين، في تحول جذري غير مفهوم حتى اللحظة.

وفي يونيو2018، وقَّع سيف نجل صفوان ثابت قرار تبرع جهينة بـ15 مليون جنيه لصندوق العسكر المسمي بـ “تحيا مصر” لدعم حملة القضاء على فيروس سي، وهي المساهمة التي حصلت الشركة بعدها على درع تكريم تسلمه سيف بنفسه من هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، بحسب بيان إعلامي لجهينة.

كما ساهمت جهينة بالعمل في مبادرات وفعاليات بالتعاون مع عدد من الوزارات، كان من بينها الإسهام في توفير الواقيات للأطقم الطبية في بداية جائحة كورونا، بالتعاون مع وزارة الصحة، وأيضا المشاركة المستمرة لسنوات في معارض ترعاها وتنظمها وزارة التموين لتوفير مستلزمات الأسرة بأسعار مخفضة، بما في ذلك معارض “أهلا مدارس وأهلا رمضان”.

ورغم كل ذلك، ظل صفوان ثابت وسيف ثابت الأب والابن على التوالي مدة عامين بحبس انفرادي في ملحق المزرعة، وحبس انفرادي مشدد في سجن طرة، حتى تم الافراج فجأة عنهما.

وفي 20 أغسطس 2015، قررت لجنة التحفظ وإدارة أموال الإخوان للتحفظ على الأموال السائلة والمنقولة والعقارية الخاصة بصفوان ثابت، لم يكن هناك أي تلميح، في أي من السنوات الثلاثين التي عمل فيها صفوان ثابت في مصر، يشير إلى أنه مرتبط بأي شكل من الأشكال بجماعة الإخوان المسلمين.

وفي فبراير 2016، أعلنت لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان بمصر التحفظ على 7.2% من أسهم جهينة التي يمتلكها ثابت، بطريقة غير مباشرة، كانت 40% من أسهم الشركة قد طُرحت في البورصة للمرة الأولى في 2010.

 

ما الجريمة؟

قبل الطرح، كانت أسرة ثابت (الأب والأم وثلاثة أبناء) تمتلك 51.2% من “جهينة” وبعد الطرح، أًصبحت 50.8% من الأسهم لشركة فرعون للاستثمارات المحدودة، التي تمتلك أسرة ثابت أكثر من 72% من أسهمها، مقابل باقي الأسهم في يد مساهمين قدامى وجدد.

وفي يناير 2017 استمرت عصابة الانقلاب في إجراءاتها تجاه ثابت، فأدرجته على قائمة الإرهابيين إلى جانب قيادات الجماعة لمدة 3 سنوات بحكم قضائي من محكمة الجنايات، أيدت خلاله المحكمة اتهامه و1533 آخرين بعدة اتهامات، منها تمويل الجماعات الإرهابية واحتكار الشركات والمؤسسات للبضائع بهدف الإضرار بالاقتصاد الوطني.

وفي ديسمبر 2021 اعتُقل صفوان ثابت ولحقه في فبراير 2021 نجله سيف ثابت الذي تولى بعد والده رئاسة مجلس إدارة جهينة، كان سيف ثابت هو الوحيد بين المتهمين في القضية الذي لم يتم احتجازه بسجن ملحق المزرعة، ولم يُسمح لمحاميه أو أقاربه بمعرفة مكان احتجازه، بحسب والدته بهيرة الشاوي التي اشتكت من عدم تمكنها من زيارة ثابت الأب سوى مرة واحدة، ومن عدم معرفة مكان ثابت الابن منذ القبض عليه في أول فبراير 2021.

نقلت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية عن مصدرين، أن اعتقال “سيف ثابت” جاء في أعقاب اجتماع سابق مع مسؤولين من الأمن الوطني وجهاز المخابرات العامة، رفض فيه التخلي عن حصص أسرته في شركة جهينة لـكيان سيادي، دون تسميته.

وتمتلك جهينة 4 مصانع، وشبكة توزيع ضخمة تغطي أكثر من 136 ألف منفذ تجزئة، فضلا عن مزرعة ألبان تبلغ مساحتها 550 فدانا، وتصل قيمة الشركة في البورصة إلى ما يقرب 7 مليارات جنيه مصري.

وطالت حملات عصابة الانقلاب المستمرة على أصحاب رؤوس الأموال “سيد رجب السويركي” صاحب سلسلة “محال التوحيد والنور” والذي جرى التحفظ على أمواله، وعلى 65 فرعا مملوكا له، وإسناد مهمة إدارتها إلى شركة حكومية، كما اختطف السفاح السيسي قبل صفوان ثابت رجل الأعمال حسن مالك وكان سعر الدولار 8 جنيه بتهمة إنه رفع الدولار، واليوم وصل سعر الدولار 32 جنيها ومالك لا يزال في السجن .

وهناك رجل الأعمال المعروف “صلاح دياب” الذي أجبر هو الآخر على بيع عدد من مشاريعه الخاصة، وعلى رأسها صحيفة “المصري اليوم” لتبعث تلك الوقائع برسالة لرجال الأعمال، مفادها إما أن تكون مع عصابة الانقلاب بشروطها، وأن تتقاسم معها أرباحك، وإلا فالتنكيل في انتظارك.

ويؤكد بروز رجال أعمال آخرين سبق اتهامهم في قضايا كبيرة، كالمدان بالقتل “هشام طلعت مصطفى” والمتهم بالفساد والاحتكار “أحمد عز” والمتهم بالرشوة “أيمن رفعت الجميل” أن الفساد أحيانا والابتزاز أحيانا، والمصالح في أحيان ثالثة، باتت أركان لعبة تجيدها عصابة الانقلاب وأجهزتها السيادية بحق حيتان المال والبيزنس، وأصحاب نادي المليارات في مصر.