قال الباحث الأمريكي ربرت سبرنجبورج إن "الجيش أصبح خطرا يهدد بقاء السيسي، بعدما تغولت المؤسسة العسكرية بشكل هائل اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وأنه تركهم يسرقون و يفسدون و اشتراهم بالمال كالساقطات حتي فقد السيطرة، مردفا أن دول الخليج من جانب ثاني لا تثق في السيسي ، لأنهم يعلمون أنه يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية، وما يريدونه هو إبقائه رهن قيدهم، ولو بادر بتحديهم لقطعوا عنه المعونات".
وأضاف أنه يفضل دول الخليج الإمارات والسعودية ، وإلى حد ما الكويت الذين تبحث عن شراء الأصول دون الالتفات إلى العوائد التكنولوجية مثل شراء الحقول الخضراء البحرية، بخلاف الصينيين الذين لديهم مشروع تاريخي كطريق الحرير يريدون استعادته لذلك يتابعون استثماراتهم بشكل جيد.
وأشار الخبير الاقتصادي الأمريكي "سبرنبورج" الذي خصص له باحثون منهم علاء بيومي عدة حلقات على يوتيوب لمناقشة كتبه عن مصر أن خطورة الجيش على بقاء السيسي مستمرة.
وأضاف في لقاء مع برنامج "آخر كلام" والمذيع د. أسامة جاويش أن "بيع السيسي لأصول مصر هو القشة التي ستقصم ظهر البعير ، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والقسوة التي يعامل السيسي بها الناس؛ تجعل المصري العادي يشعر بالإقصاء، وفي نفس الوقت ثمة نظام قمع مرعب حتى الموت".
وأوضح أن "الجيش المصري صار خطرا يُهدد رخاء البلد والقيادة نفسها، فقد غدا قويا بشكل هائل اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ولا يوجد مجال إلا والجيش الفاعل الأبرز فيه".
ولفت إلى أن "السيسي يزدري قطاع الخدمة المدنية منذ وقت طويل؛ لاقتناعه بفكرة أنه متضخم بعدد الموظفين ويتمتع بكثير من الامتيازات بينما أداؤه متردٍ ومنعدم الكفاءة".
وأبان أن "السيسي لن يفي بتعهداته بشأن تقليص سيطرة الجيش على الاقتصاد، بل يوفر التبرير الورقي لصندوق النقد، وهي عبارة عن ستار من الدخان لجذب المستثمرين الأجانب".
واعتبر أن "سوء إدارة الاقتصاد المصري أصبح مؤسساتية، وقيادته أصبحت في الأيدي الخطأ، وليسوا متخصصين، ويأتمرون بأمر الجيش والسيسي".
واستضاف جاويش المقيم في لندن روبرت سبرينجبورج الأربعاء 25 يناير، وناقش معه مواصلة الجنيه الانهيار أمام الدولار، وعن تأثير بيع الأصول على الاقتصاد ، ولماذا يتدخل الجيش المصري في الاقتصاد وهل بات عبئا على البلاد؟ وقال روبرت سبرينجبورج إن "أسوأ إدارة مرت على مصر هي حكومات السيسي ، وأنه في غيبا التدخل السريع من الخليج سيتعاظم الضغط على الجنيه المصري، وأن ما يعتبر أن الأزمة الاقتصادية حلت واهم ، فالأزمة لم تحل والتدخل الخليجي يؤجلها فقط".
وكشف أن السبب هو غياب سياسة اقتصادية مترابطة، موضحا أن مشروعات العاصمة الإدارية والعلمين العقارية هي رموز سياسية وليست رموز اقتصادية وتمثل هدرا لرأس المال على المدى البعيد.
الأوضاع إلى أسوأ
وسبق ونشر روبرت سبرينجبورج، أستاذ الدراسات الدولية المرموق في جامعة سيمون فريزر والباحث في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية ، في 7 يناير 2022 دراسة لـ بعنوان “تتبع مسار المال لتعرف حقيقة مصر السيسي”، تناول فيها كيف أن الاقتصاد المصري، أصبح يعتمد على الدعم الخارجي والقروض أكثر من أي وقت مضى”.
وكشف سبرينجبورج في دراسته أن سياسة السيسي الاقتصادية تعتمد على محاولة تحقيق حالة إبهار مُلفتة من خلال المشاريع الضخمة وشراء الأسلحة لتعزيز شرعيته، حيث جاء إلى السلطة عبر انقلاب على الحكومة الشرعية.
وأوضح أن حكومة السيسي تضغط على المواطنين من خلال التخفيض المستمر للدعم وفرض المزيد من الضرائب وزيادة رسوم الخدمات العامة، بالرغم من الدعم الأجنبي الهائل الذي تلقاه السيسي والاقتراض الكثيف لنظامه من الداخل والخارج، حيث يبلغ إجمالي حجم الدين القومي الآن 370 مليار دولار ، بحيث أصبحت مصر حسب تعبيره دولة متسولة.
وتوصلت الدراسة إلى نتائج:
أن مصر أصبحت في عهد السيسي دولة متسوّلة، يعتمد اقتصادها أكثر من أي وقت مضى على تلقي الدعم من الخارج، وأن السيسي يدير السياسة الاقتصادية لمصر كما لو كانت البلاد واحدة من الدول الريعية الغنية بالنفط، على غرار السعودية.
وأشار أن نظام السيسي ليده شراهة لإنفاق المال كبيرة، لكن الكماليات، وليست الضروريات الأساسية، هي التي تلتهم الجزء الأكبر من إيرادات الدولة.
وأوضح أن سداد تكاليف هذا السَّرَف في الإنفاق على تلك المشاريع الضخمة وشراء الأسلحة، تضغط الحكومة على المواطنين من خلال خفض الدعم، والضرائب التنازلية ، حيث تمثل الضريبة التنازلية عبئا أكبر على الفقراء، بالنظر إلى مواردهم مقارنة بالأثرياء ، وزيادة رسوم الخدمات العامة ، والضغط على القطاع الخاص، من خلال أوجه عديدة، بما في ذلك استحواذ الجيش على العديد من المؤسسات الخاصة المربحة.
ورأى أوجه تشابه ملحوظة بين الفشل الذريع الذي آل إليه الاقتصاد اللبناني والوضع المتعثر للاقتصاد المصري حاليا، وأضاف أنه حَريّ بالدول الصديقة لمصر أن تتخذ خطوات تصحيحية لهذا الوضع قبل حدوث ما لا تُحمد عقباه، بدلا من الاستمرار في تكريس دعمها لنظام السيسي.
الطريق الأصعب
وللأكاديمي سبرنجبورج كتاب (مصر .. الطريق الأصعب قادم ) حلل فيه أسباب الفشل المتواصل، فبعد أن كانت دولة متقدمة في القرن ١٩ ثم مرشحة في منتصف القرن ال٢٠ للانتقال من العالم الثالث للأول.
وتناول فيه بالتفصيل الصراعات العنيفة داخل المثلث الذي يحكم منذ ٦٥ عاما (الرئيس/الجيش/الأجهزة الأمنية) وكيف كات إداره عبد الناصر والسادات ثم مبارك والسيسي.
ويطرح الكتاب 3 سيناريوهات محتملة، ليس من بينها العودة لسيناريو ٢٥ يناير الذي يتعاطف معه، ولكنه حلل لماذا كان مقدرا له الفشل حتما حينذاك.
ولكنه عبر عن خشيته أن تنجرف مصر موضوعيا نحو السناريو الثالث الذي يرى أن تندثر فيه كدولة مركزية موحدة، لكنه يأمل أن تحدث معجزة وتسلك السيناريو الأول أو الثاني.
سيناريو ١: الاستمرارية وينجح السيسي في مواجهة داعش سيناء والعنف السياسي في باقي مصر وفي إبرام اتفاق مع الإخوان المسلمين بالتوازي مع اكتشاف آبار جديدة للبترول والغاز وعودة دول الخليج والغرب لدعمه ماديا وسياسيا، سيفوز في الانتخابات، وحينئذ سيعدل الدستور ليكون رئيسا مدي الحياة.
سيناريو ٢: مباركي/ساداتي ، يدرك الجيش أن السيسي فقد شعبيته وصار عبئا عليه فيقرراستبداله بضابط آخر، ربما تجاوبا مع مظاهرات احتجاج، أوقد يتواصل الإصلاحيون في أجهزة الدولة مع النخبة المدنية وربما الإسلاميين أيضا، يتخذ الرئيس الجديد إجرءات ليبرالية مابين تصحيحية السادات وتونس حاليا.
سيناريو ٣ : تفككي تصاعد الإرهاب في سيناء والعنف السياسي في باقي مصر بمستوي غير مسبوق، انتفاضة شعبية يقمعها الجيش بحمام دم كبير فتنتقل قيادة الانتفاضة للمتطرفين ومحبذي العنف، تطور أنماط العنف الموسمية ذات الطابع الطائفي والعرقي والمجتمعي إلي نمط يومي تفاعلي متصاعد.
المشترك في المسارات الاحتمالية للسيناريو الأخيرأن كل منها يؤدي في إلي تفكك أجهزة الدولة العميقة وجيشها، نظرا لفساد وتسوس هذه المؤسسات عبرعقود من إدارة غيررشيدة وقيام بأدوار لم تخلق لها، فضلا عن أن بعض عناصرها سيتنشق عندما يوضعون في مواجهة دامية مع قواعدهم المجتمعية أو الدينية
تضاعف إجمالي الدين القومي لمصر، الذي يبلغ الآن 370 مليار دولار، أي أربع مرات منذ عام 2010 ويلتهم سداد فوائد الدين المحلي والأجنبي أكثر من ثلث ميزانية مصر، أي أكثر من ضعف المبلغ الذي كان يستهلكه في عام 2009.