ما فعلته إدارة شركة «ليوني وإيرينج سيستمز» الألمانية، ضد عمال الشركة تعسف مدعوم بتجاهل وتواطؤ من نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي؛ فالشركة تلوي أيدي العمال وتخيرهم بين الرضا بتدني الأجور أو غلق الشركة والمماطلة في صرف الأجور والمرتبات بما يعني  سوء أوضاع آلاف العمال في ظل الغلاء الفاحش وانهيار مستويات المعيشة.

ويمكن رصد ما جرى داخل الشركة من خلال المشاهد الآتية:

المشهد الأول، بدأ إضراب العمال السبت (28 يناير2023) بشكل تلقائي احتجاجا على تدني الأجور، بعدما صرف العمال أجر شهر يناير يوم الأربعاء (25 يناير)عبر ماكينات الصراف الآلي، واكتشفوا أن أجورهم المصروفة أقل مما وعدوا به، وكانت إدارة الشركة أعلنت في بداية العام الماضي (2022) مستويات الأجور في 2022 و2023 مسبقًا، نتيجة إضراب نظمه العمال نهاية عام 2021 مطالبين بزيادة الأجور. وينقل موقع "مدى مصر" عن أحد العمال قوله إنه قضى بالعمل في الشركة 14 سنة، وكان من المفترض أن يصل أجره الشامل بعد الزيادة في عام 2023 إلى خمسة آلاف و850 جنيهًا، لكنه فوجئ بأن الأجر لم يرتفع، وظل أربعة آلاف و850 جنيهًا، لافتًا إلى أن تفاصيل الأجر لا تزال غائبة، لأن الإدارة تفصل بين صرف الأجر أولًا عبر ماكينات الصرف وتوزيع بيانات الأجر لاحقًا.

المشهد الثاني، إدارة الشركة تعاملت مع إضراب العمال بالعناد والتعسف؛ وبدلا من التفاوض معهم ومناقشة مطالبهم المشروعة، والتوصل إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف، ردت إدارة الشركة في اليوم التالي بأسلوب مستفز؛ فالشركة الألمانية المتخصصة في إنتاج الضفائر الكهربائية للسيارات ردت بوقف العمل في مصانعها العشرة بالمنطقة الحرة في مدينة نصر لأجل غير مسمى؛ وذلك لإجبار العمال  على القبول بالأجور والمرتبات المتدنية في الوقت الذي ارتفعت فيه  أرباح الشركة نتيجة انخفاض قيمة العملة. وأبلغ مدير أحد المصانع التابعة للشركة عماله المحتجين بشكل شفوي بتوقف العمل حتى إشعار آخر، واستفز العمال بتشديده على أن مستويات الأجور لن تُعدّل، ولن تستجيب الشركة لأي مطالب بزيادة الأجور.

المشهد الثالث، كان موقف اللجنة النقابية في الشركة منحازا إلى الإدارة على حساب العمال؛ حيث رفضت اللجنة إضراب العمال واعتبرته عملا غير مشروع يضر بفروع الشركة في مصر، ويقلل من تنافسيته مقابل فروع الشركة الأخرى، مضيفًا أن «بيانات الأجور لم تصدر بعد، ولم يطلع عليها العمال، وكان ينبغي الانتظار حتى الاطلاع عليها أولًا». وحسب عضو باللجنة فإن أقلية فقط من العمال لم تحصل على ما وعدت به من تحسن في أجورها، وأن تكون الغالبية قد قررت استخدام غضب الأقلية هذا أملًا في تحسن إضافي في أجورها.

المشهد الرابع، تعود خلفية المشكلة إلى إضراب العمال في 2021م، والتوافق مع الإدارة بعدها على تعديل الأجور.  في 2022 و2023 هبط سعر الجنيه، بحيث وصل سعر الدولار إلى 30 جنيهًا، بعدما كان لا يزيد على 15 جنيهًا تقريبًا وقتها، ولهذا السبب فقد تقدم العمال مؤخرًا بطلب لإعادة تعديل الأجور دون رد من الإدارة، وبدلًا من ذلك، فوجئ العمال بعدم تنفيذ الوعود السابقة أصلًا. ويواجه عددا محدودا من العمال تهديدات بالفصل من المشرفين المباشرين  بسبب طبيعة عقود عملهم، التي تجدد كل ستة أشهر ويمكن فسخها في أي وقت. وإلى جانب المطالب برفع الأجور والمرتبات المتدنية، يطالب العمال أيضا  بإلغاء نظام العمل الحالي المسمى بـ«لاي أوف»، والذي يمكّن الإدارة من وقف العمل في أي يوم لأي سبب -وغالبًا ما يكون بسبب نقص الخامات- على أن يطلب من العمال لاحقًا العمل وقتًا إضافيًا دون أجر إضافي، يقدر بثماني ساعات لتعويض يوم التوقف الواحد، مشيرًا إلى أن الإدارة ألغت هذا النظام في عام 2021، لكنها عادت وقررت العودة للعمل به قبل أيام.

وتعد شركة ليوني وايرنج سيستمز من كبرى الشركات العالمية العاملة في منتجات وحلول وخدمات إدارة الطاقة والبيانات في قطاع السيارات والصناعات الأخرى. وتمتلك ليوني 13 مصنعًا، منها 10 مصانع في المنطقة الحرة بمدينة نصر، ومصنعان في المنطقة الصناعية بمدينة بدر، ومصنع بمحافظة أسيوط، وتضم شركة ليوني مصر نحو 6700 عامل. ومجموعة «ليوني وايرينج» هي شركة ألمانية مدرجة في بورصة فرانكفورت، وتمتلك فروعًا في أكثر من دولة على مستوى العالم. ولهذا السبب، فقد اعتبر العمال أن تعديل الأجور على نحو يتسق بعض الشيء مع تراجع سعر الجنيه هو أمر بديهي، لأن الشركة تربحت من تراجع سعر الجنيه في صورة تراجع تكلفة الأجور على الأقل. وبوصفها شركة أجنبية فبإمكانها تحويل أموالها إلى دولارات ونقلها إلى الخارج بسهولة على عكس الشركات المملوكة لمستثمرين مصريين والتي لا تحظى بهذا الامتياز.

 

 

 

Facebook Comments