قال تقرير لمؤسسة "أوبزرفر" للأبحاث إن "الخطط الطموحة لتطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى مركز تصنيع عالمي تجمع الآن كتلة حرجة، حيث وقعت شركة "رينيو باور" وجنسيتها الهند، وتتخذ من جورجاون مقرا لها، اتفاقية لإنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بسعة سنوية تبلغ 220.000 طن واستثمار قدره 8 مليارات دولار أمريكي".

وهناك أكثر من خمسين شركة هندية في مصر باستثمار 3.15 مليار دولار وهناك فرص للاستثمار في الهيدروجين الأخضر بقيمة تصل إلى 8 مليار دولار وهناك تبادل تجاري يزيد عن 7 مليارات دولار.

 وقالت الباحث مدحت نافع إن "السيسي ناقش مع رجال الأعمال في الهند، خلال زيارته لها قبل أيام، فرص الاستثمار الجديدة خاصة في القطاعات عالية التكنولوچيا التي تفضلها الهند".
وعلق الباحث "نافديب سوري" خبير المؤسسة أن الدافع وراء هذا الاستثمار هو الحوافز الضريبية الجذابة، والأراضي الرخيصة والوفرة، ووفرة إنتاج الطاقة الشمسية  اللازمة للمحللات الكهربائية، والموقع الاستراتيجي الذي يجعل من السهل الوصول إلى الأسواق الأوروبية.

وأشار إلى أن مصر، تحاول تعزيز الاستثمار بالعديد من القطاعات المتميزة في منطقة قناة السويس، بما في ذلك التزويد بالوقود والخدمات اللوجستية وإنتاج الخلايا الكهروضوئية الشمسية والبتروكيماويات والأدوية ومواد بناء والبطاريات الكهربائية والإطارات والسيارات والمنسوجات والملابس، إضافة إلى الهيدروجين الأخضر.

وتضع الهند في حساباتها الصين التي كانت أول من استفاد من الفرص التي قدمتها هيئة المنطقة الاقتصادية لمنطقة المحيط الهادئ، حيث اعتبرت القناة جزءًا حيويًا من مشاريع مبادرة الحزام والطريق، وطريق الحرير البحري، وقامت ببناء منطقة صناعية واسعة تسمى "تيدا سويس" وهي كيان يموله صندوق التنمية الصيني وشركة تيانجن تيدا القابشة للاستثمار بشكل مشترك.

مشاركة أعمق
ورأى "سوري" أن الهند بحاجة إلى مشاركة اقتصادية استراتيجية مع مصر، وأن الهند تقدم دعمها من خلال استخدام زيارة السيسي للترويج لقطعة أرض في العين السخنة أو قطاعات بورسعيد من المنطقة الاقتصادية الخاصة بالمناطق الصناعية، التي من شأنها أن تشكل نواة لتكتل أعمال هندي على غرار "تيدا السويس".

وكشف أن المؤشرات واضحة على أن رئيس الوزراء الهندي "مودي" و"السيسي" قد يتجهان أخيرا نحو تحقيق بعض الاختراق في العلاقات الثنائية، لم يتحقق على مدى العقود الأربعة الماضية.
وأوضح أن الاستثمار في مصر فرصة أكثر إثارة للاهتمام الهندي، في ظل معاناة الاقتصاد المصري من ضعف نمو القطاع غير النفطي، وتضاؤل احتياطيات النقد الأجنبي، وانخفاض العملة المحلية.

ولفت إلى وجود استثمار للشركات الهندية في مصر، وأكبرها هو TCI Sanmar ومقرها تشيناي، حيث يعد مصنعها لإنتاج الصودا الكاوية في بورسعيد هو الأكبر في المنطقة، مدعيا أن حكومة السيسي أصبحت جادة في تنفيذ كل من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية، ما ترك انطباعا إيجابيا لدى الشركات الهندية.

القمح والحرب الروسية
تضررت الهند بشدة من موجة كورونا الثانية، وأرسلت مصر 3 شحنات جوية من الإمدادات الطبية في مايو 2021، وردت الهند بعد عام عندما كانت مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، تواجه وضعا صعبا في أعقاب التوقف المفاجئ لشحنات القمح من أوكرانيا، حيث قامت دلهي بتخليص شحنة أولية تبلغ 61.500 طن من تصدير القمح في 17 مايو 2022.
ونمت التجارة الثنائية بين مصر والهند بنسبة 75% تقريبا العام الماضي لتصل إلى 7 مليارات دولار أمريكي، رغم أن هذا الرقم أقل بكثير من إمكانات ولحجم الاقتصادين.

واعتزم رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" زيارة مصر في 2020، ولكن تم تغيير الخطط بسبب جائحة كورونا، وإلى الآن لم تتم الزيارة.
كما أن التعاون الدفاعي هو أحد الملفات المهمة في العلاقات المصرية الهندية، مشيرا إلى أن الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى بين البلدين، على مدار العامين الماضيين، أسفرت عن إطلاق محارب الصحراء، وهو أول تدريب تكتيكي مشترك للقوات الجوية المصرية والهندية على الإطلاق من قبل القوات الجوية للبلدين.
والتدريبات الأخيرة بين القوات الخاصة للبلدين تعد مؤشرا آخرا على الرغبة المتزايدة في العمل معا، وأن طائرات "تيجاس" الهندية المقاتلة وطائرات الهليكوبتر الهجومية الخفيفة "دروف" ينظر إليها المصريون معجبين.

القوى الإقليمية أخذت في الظهور مجددا لدى مصر، بعد أن بدأ الخليج في تشديد قيوده المالية وتتحول الآن من المنح والقروض الميسرة إلى الاستثمار في أصول القطاع العام القابلة للاستمرار، ولذا تبدو الصورة قاتمة، لكنها تخفي 3 حقائق مهمة.

Facebook Comments