الفوائد تبتلع 100% من الإيرادات الضريبية.. خبراء: السيسي يفتش عن جبابة جديدة

- ‎فيتقارير

في الربع الأول من السنة المالية الحالية ابتلعت الفوائد نسبة 84% تقريبا من الإيرادات الضريبية 92 إلى 95% من الموانة العامة ، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الفوائد المستحقة على الديون إلى ما يتراوح بين 55 – 65% من المصروفات العامة، وأن تقترب من أو تتجاوز 100% من الإيرادات الضريبية بنهاية السنة المالية الحالية.
وفسر الخبير والباحث الاقتصادي د. إبراهيم نوار تلك الأرقام بأنها وراء تسارع الجباية وبيع الأصول المملوكة للشعب، محذرا من هذه المؤشرات تدعو صانع السياسة المالية إلى المزيد من الحذر وليس اللعب بالنار.

وعبر فيسبوك Ibrahim Nawar رصد نوار "في شهر يناير الحالي تبدو الحكومة عاجزة عن تمويل خدمة الديون المحلية المستحقة السداد، وقد توقفت الحكومة عن إصدار سندات لآجال 3 ، 5، و7 سنوات بسبب عدم إقبال البنوك على شرائها".
ورصد ثانيا، ظهور مؤشرات شراء أذون الخزانة الأقل من سنة 91 – 182- 273- 364 يوما أن نسبة الشراء في التسويات الفعلية في أول إصدارين في يناير الحالي قد هبطت إلى 6.6% من قيمة عطاء 3 يناير ثم بلغت حوالي 15% في الأسبوع الحالي لأجل 182 و 364 يوما.
وقال  "حتى يعلن البنك المركزي مؤشرات تسوية العطائين لأجل 91 و 273 يوما، فليست هناك أي توقعات بتغطية كاملة لقيمة العطاءات الأربعة للأسبوع الحالي 10 يناير التي تبلغ 78.5 مليار جنيه".
وتوقع أن تحصل الحكومة على أقصى تقدير ما يتراوح بين 12 إلى 15 مليار جنيه، وذلك على الرغم من تخفيض قيمة الجنيه، وزيادة أسعار الفائدة، وإصدار شهادات ادخار بعائد غير مسبوق تاريخيا في مصر يصل إلى 25%.

السيولة غير كافية
وماذا يعني ذلك عمليا؟ أجاب نوار قائلا يعني أن "السيولة المتاحة للحكومة لإعادة تمويل الديون المحلية المستحقة السداد غير كافية، ومن ثم فإن قدرة البنوك الدائنة للحكومة على تدوير الدين الدين تنخفض، ومن ثم فإن مشكلة تمويل الدين العام تتعقد وقد تتحول إلى أزمة جديدة".
وفي مقال له بعنوان "مؤشرات السنة المالية تدعو للحذر الشديد وليس اللعب بالنار قال إبراهيم نوار  "في شهر أكتوبر الماضي إقترضت الحكومة من البنوك المحلية 312.8 مليار جنيه بواسطة بيع أذون خزانة فقط، منها حوالي 163 مليار جنيه مقابل بيع أذون خزانة لأجل 91 يوما مستحقة السداد في تاريخ 3 يناير 2023 أي في الأسبوع الماضي".
وربط بين ذلك وإعادة "الحكومة الرشيدة" تدوير الديون ، مشيرا إلى أنها تكون في حاجة لعمل تسوية دفترية للمبالغ المستحقة، أي تقترض من البنوك كي تسدد للبنوك".
واعتبر أن ذلك بمقابلة هذا المبلغ 163 مليار جنيه بحصيلة بيع أذون الخزانة لأجل 91 يوما في التاريخ المستحق، نجد أن حصيلة بيع تلك الأذون بلغت 1.3 مليار جنيه فقط، من أصل المبلغ المستحق السداد 163 مليار جنيه، أي بنسبة تقل عن 1% من المبلغ المستحق للبنوك.

ترحيل الدين
وترجم "نوار" ما حدث في الحسابات السابقة فقال "قابلنا فقط بين حصيلة بيع أذون الخزانة كدين من بنوك محلية لأجل 91 يوما فقط، بدون أخذ قيمة الالتزامات الأخرى المستحقة السداد في التاريخ المحدد، كما إننا لم نأخذ في الاعتبار قيمة الفوائد المستحقة على أصل الدين، ويجب أن نشير هنا إلى أن الحكومة اقترضت لأجل 91 يوما في أكتوبر من العام الماضي بعائد مستحق نسبته 15.874%  في حين أنها اقترضت في 3 يناير الحالي للأجل نفسه، بمتوسط عائد بلغ 18.329% أي بزيادة تبلغ 2.5% تقريبا في حين أن متوسط التكلفة المستهدف في الميزانية يبلغ 14%.
وشدد على أن ذلك يعني ترحيل الدين بتكلفة تزيد بنسبة 4.3% عن المستهدف في الميزانية، أي زيادة ما تبتلعه فوائد الديون الحكومية من الميزانية العامة للدولة.
وأوضح أن مؤشرات هذه الزيادة تجلت بصورة متواضعة في الربع الأول من السنة المالية الحالية، ومن المتوقع أن تتفاقم في الربع الثاني، حيث ارتفعت نسبة الفوائد من المصروفات العامة للدولة إلى ما يعادل 46.5% مقابل 34.9% في الربع المقابل من السنة المالية السابقة، أي أن مدفوعات الفوائد تقترب بسرعة من نصف قيمة المصروفات الكلية في الميزانية.
وحذر من أن الأخطر من ذلك هو أن المالية العامة ، أصبحت تقترب من وضع لن تتمكن فيه الإيرادات الضريبية من سداد عبء فوائد الديون، ناهيك عن أصل الديون نفسها.

وأكد خبراء أن السياسات الاقتصادية، التي وصفت بالمتهورة، للحكومة وعبدالفتاح السيسي، هي السبب الأساسي للأزمة العنيفة الحالية بالبلاد، وأن الحرب الروسية الأوكرانية عرّت فقط تلك الممارسات، كما أوردت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير حديث، نشرته الثلاثاء.

ومنتصف ديسمبر الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي موافقته رسميا على منح مصر تسهيلا، على مدار 46 شهرا، بقيمة 3 مليارات دولار، لم يفرج منها إلا على 347 مليون دولار، في انتظار تطبيق مصر لبعض الاشتراطات، في مقدمتها السماح لسعر الجنيه المصري مقابل الدولار بالتحرك بمرونة بصورة دائمة.

4.6 مليارات دولار أذون خزانة

في عودة سريعة لإعصار الاستدانة، أعلن البنك المركزي المصري، 24 يناير عن بيع أذون خزانة بقيمة 131.91 مليار جنيه 4.6 مليارات دولار تقريبا نيابة عن وزارة المالية.

وقال البنك، عبر موقعه الإلكتروني، إن "قيمة أذون الخزانة لأجل 91 يوما بلغت 50.69 مليار جنيه، فيما بلغت قيمة أذون الخزانة لأجل 273 يوما 14.39 مليار جنيه".

وبلغت قيمة أذون الخزانة لأجل 364 يوما 44.71 مليار جنيه، في حين بلغت قيمة أذون الخزانة لأجل 182 يوما 22.12 مليار جنيه.

وتقدمت البنوك والمؤسسات بـ99.30 مليار جنيه لأجل 91 يوما بواقع 720 طلبا، وبـ23.15 لأجل 273 يوما، بواقع 119 طلبا.

كما تقدمت المؤسسات بـ348 طلبا لأجل 364 يوما بقيمة 59.62 مليار جنيه، وبـ352 طلبا لأجل 182 يوما بقيمة 40.45 مليار جنيه.

وجاء الإعلان الجديد عقب ساعات قليلة من إعلان سابق، الثلاثاء أيضا، من قبل البنك عن طرح سندات خزانة بقيمة 250 مليون جنيه 8.3 ملايين دولار، لأجل 7 سنوات.

وكان المركزي طرح منتصف يناير الجاري، سندات خزانة بالجنيه المصري آجال 3 و5 سنوات، بقيمة 3 مليارات جنيه للأولى و5 مليارات للثانية، وتلقى في الاكتتاب طلبات من 48 بنكا ومؤسسة لسندات الـ3 سنوات، مع عائد 26%، في حين تلقى 31 طلبا للاكتتاب في سندات الـ5 سنوات، والحصول على عائد 26.5%.

وباع البنك المركزي المصري، مطلع الشهر الجاري، أذون خزانة بقيمة 850 مليون دولار لأجل عام؛ لمواجهة أزمة النقد الأجنبي.

وتعرّف أذون الخزانة بكونها أداة دين حكومية تصدر بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة، لذا تعتبر من الأوراق المالية قصيرة الأجل.

وتفوض وزارة المالية البنك المركزي، على مدار العام المالي، في إدارة طروحاتها الخاصة من أذون وسندات الخزانة بالجنيه المصري، على أن تُموَّل وتُنفق الحصيلة على بنود الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي 2022-2023.

وتواجه مصر أزمة سيولة دولارية عنيفة تسببت في مشكلات ضخمة بميزان المدفوعات وفجوة تمويلية كبيرة وخللا في منظومة استيراد السلع الأساسية وغيرها، أنحت فيه الحكومة باللائمة على تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

يكذب ويتحرى الكذب 
السيسي في تصريحات مؤخرا، نفى أن تكون حكومته أضاعت أموال المصريين في مشروعات لا فائدة منها، في إشارة إلى شكاوى المواطنين من صرف المليارات على مشروعات كالعاصمة الإدارية وتفريعة قناة السويس دون فائدة تذكر على الشعب.

وحمل السيسي الحرب الروسية على أوكرانيا المسؤولية بقوله "الحرب مش بتاعتنا ومصر بتدفع ثمن زي دول العالم."
وأضاف "هو إحنا منقدرش كدولة وشعب نصمد أمام أي تحدي، يعني لو مصر ظروفها صعبة هتتخلي عنها، بكلم كل اللي بيسمعني، هو احنا دخلنا حروب ضيعنا فيها أموال مصر، دخلنا مغامرات ضعينا فيها أموال مصر؟ الحرب دي مش بتاعتنا، الموقف اللي حصل سواء كورونا أو أزمة روسيا، مصر معملتوش، مصر بتدفع الثمن زي أي دولة".

وتابع "هقول التعبير الجميل اللي ممكن متنساهوش، بطلوا هري، بطلوا هري بقى".

هذا في الوقت الذي واصل فيه السيسي البناء في العاصمة الجديدة وإكمال المشروعات التي أثقلت ميزانية الشعب وأفقرته ، ولكنه دعا خلال مشاركته في أعمال مؤتمر التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، الإثنين، حيث وجه حديثه للمصريين داعيا إياهم إلى الصمود أمام ما وصفه بـالتحديات التي تواجه البلاد ، مبررا الأزمة الاقتصادية بالحرب في أوكرانيا وتبعات أزمة كورونا، قبل أن يطالب المصريين بأن يبطلوا هري.

وأضاف حانثا "أنا أسأل الشعب المصري كله، لو مصر ظروفها صعبة هل هنتخلى عنها؟ هل دخلنا في حروب أو مغامرات وضيعنا فيها أموال مصر؟".

وتابع كاذبا "الظروف صعبة على الدنيا كلها، وهذه الأزمة مش بتاعتنا، الحرب دي مش بتاعتنا، مصر لم تكن هي السبب في أزمة كورونا أو الأزمة الروسية الأوكرانية".

فيما اعتبر أن مصر تدفع ثمنا مثلها مثل بقية دول العالم، مضيفا بطلوا هري وكلام كثير وجدل بقى ، لينخرط بعض الحاضرين للمؤتمر في الضحك والتصفيق.

ويمر الاقتصاد في مصر بوضع صعب حيث غلاء المعيشة، تطحن الفقراء وتنعدم معه الطبقة المتوسطة بعدما فقدت المائة الجنيه قيمتها ووصلت في قيمتها الشرائية إلى 10 جنيهات قبل الانقلاب.

وأقر السيسي، خلال افتتاحه مصنعا في 26 ديسمبر الماضي، أن أسعار المنتجات أصبحت تمثل عبئا على المواطنين، ولكنه في الوقت نفسه سأل صاحب مصنع علف عن أسباب رفعه سعر العلف.
وادعى أنه غير مسؤول عن تبعات الأزمة قائلا "اوعوا وحذارِ تفتكروا إننا مش حاسين إن الأسعار حِمْل على الناس، بس والله ما فيه أكتر من كده نقدر نعمله".
ولا يتجاوز الاحتياطي النقدي لدى القاهرة نحو 34 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع الخليج أبوظبي والرياض وقطر، وتضاعفت ديون مصر الخارجية بأكثر من 3 مرات في السنوات الـ10 الأخيرة، لتصل إلى 157 مليار دولار.