نشر موقع "المونيتور" تقريرا استطلع خلاله رأي عدد من المصريين حول الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، وتداعياته على الحياة اليومية والقرارات الأسرية، حيث يترنح اقتصاد البلاد تحت وطأة الخسائر الفادحة للحرب في أوكرانيا.

وبحسب التقرير، فمع مرور كل يوم، تتضاءل الأموال الموجودة في محفظة حنان حسين أكثر فأكثر أمام السلع الموجودة في سوق الخضار المزدحم في إمبابة ، وهو حي مكتظ بالسكان في محافظة الجيزة في القاهرة الكبرى.

ويروي التقرير كيف تنظر حنان، وهي أم لطفلين في أوائل الخمسينات من عمرها، إلى بطاقات أسعار المواد الغذائية الموضوعة على العربات أو على الطاولات الخشبية التي تتنافس على مساحة محدودة على جانبي السوق وتهز رأسها، مع العلم أن الجنيهات القليلة التي تملكها لا يمكنها شراء سوى عدد قليل من السلع المعروضة.

 

أسعار مجنونة

وتقول لنفسها: "الطماطم بـ 10 جنيهات للكيلو، والبطاطس بـ 12 جنيها، والكوسة بـ 15 جنيها، والأرز بـ 19 جنيها" ثم تسأل نفسها وهي تتحرك نحو نهاية السوق "إيه الأسعار دي"؟

وتمر حنان بمحلات بيع الأسماك واللحوم والدجاج لكنها لا تعيرها أي اهتمام، وعندما تصل إلى نهاية السوق، تعود إلى الوراء ، وتبدأ رحلة جديدة عبر الخضار والفاكهة المعروضة، على أمل أن تصادف شيئا يمكنها شراؤه.

ونقل التقرير عن حنان قولها "لا يمكننا تحمل هذه الأسعار المرتفعة"، مشيرة إلى الخضار أمامها، مضيفة "أنا أنظر إلى جميع العناصر الموجودة في قائمة التسوق الخاصة بي ، ولكن يبدو أنني لا أستطيع شراء أي منها."

وقال التقرير إن "عشرات الملايين من المصريين، وخاصة الفقراء والطبقة الوسطى، تأثروا بالتداعيات الاقتصادية للحرب الروسية على أوكرانيا، وأظهر استطلاع للرأي أجراه موقع "المونيتور" هذا الشهر أن 68٪ من السكان في مصر وتركيا واليمن وتونس والعراق قلقون بشأن قدرتهم على الحصول على الغذاء في الأشهر المقبلة".

وأضاف التقرير أنه، بعد أن حرمت قطاع السياحة المصري في البداية من مليارات الدولارات من الإيرادات، حيث يشكل الروس والأوكرانيون ثلث السياح الوافدين سنويا، تسببت الحرب في دفع سلطات الانقلاب المعتمدة على استيراد الغذاء المزيد مقابل وارداتها، وخاصة الحبوب مثل القمح والذرة، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي. 

كما تترجم الاضطرابات الناجمة عن الحرب على سلسلة التوريد الدولية إلى ارتفاع سعر متطلبات الإنتاج الصناعي والزراعي في بلد يزداد فيه الاعتماد على أساسيات الإنتاج المستوردة.

وأوضح التقرير أن المصريين يشعرون بالضيق، مع ارتفاع الأسعار في المتاجر والأسواق في جميع أنحاء البلاد، وتوقفت حنان حسين عن شراء الأسماك والدجاج واللحوم وتوابل المائدة، من بين أشياء أخرى، وكذلك علاء ممدوح، وهو موظف حكومي في منتصف الثلاثين من عمره ولديه طفل واحد.

ومثل العديد من المصريين، قرر ممدوح تولي وظيفة جانبية لزيادة دخله، ومع ذلك، مع أقل من 4000 جنيه مصري أي أقل من 133 دولارا من كلتا الوظيفتين، لا يمكنه تدبر أمره.

وقال ممدوح للمونيتور  "لا أعرف ماذا أفعل ، لا يمكن للناس مثلي الاستمرار مع أسعار المواد الغذائية التي ترتفع ارتفاعات جديدة كل يوم."

 

ارتفاع معدل التضخم

وأشار التقرير إلى أن مصريين آخرين يشكون من تضاؤل دخلهم بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتحت وطأة معاناتهم، هناك معدل تضخم يصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، مما يهدد برد فعل سياسي وأمني.

وقد دفعت المخاوف من رد الفعل العنيف هذا عبد الفتاح السيسي إلى طمأنة الجمهور بأن الأمور ستكون على ما يرام.

وقال السيسي في 6 يناير بعد دخوله كنيسة كبيرة في العاصمة الإدارية الجديدة، وهي مدينة ضخمة جديدة يقوم ببنائها في الصحراء، لتهنئة المسيحيين الأقباط في بلاده بعيد الميلاد، أعلم أن بعض الناس قلقون، ولديهم أسباب للقلق، وأضاف لكن عليك أن تتأكد من أن الله لن يخذلنا.

وبعد يومين، طلب السيسي من المصريين عدم قبول الخطاب غير المطلع لأولئك الذين ينشرون الخوف بشأن الظروف الاقتصادية الوطنية، وقال السيسي  "لم ندخل حروبا أو نهدر ثروات بلادنا، مصر لم تتسبب في هذه الظروف".

وبينما كان يتحدث ، استمر الجنيه المصري في فقدان قيمته لصالح الدولار الأمريكي، وهو عملة الاستيراد الرئيسية في هذا البلد، وفي وقت كتابة هذا التقرير كان يباع بسعر 30 جنيها لكل دولار. 

اضطرت سلطات الانقلاب إلى خفض قيمة عملتها الوطنية مرتين منذ فبراير 2022 ، وفقا لقناة العربية نيوز، وألغت نظام سعر الصرف المدار قبل أيام في ضوء اتفاق مع صندوق النقد الدولي وكجزء من إجراءات أخرى ستشمل أيضا إلغاء دعم الطاقة وانسحاب الجيش من الأنشطة الاقتصادية.

 

ضعف القوة الشرائية

ولفت التقرير إلى أن انخفاض سعر الجنيه يضعف القوة الشرائية لأشخاص مثل حنان وممدوح ويشوش أعمال أشخاص مثل بائع السمك أحمد حمدي الذي جلس خارج متجره في نفس السوق في إمبابة حيث ملأت أسعار الأسماك المارة بالنفور.

وقال حمدي لـلمونيتور  "يأتي الناس إلى هنا فقط للسؤال عن الأسعار، لكن لا أحد يشتري أي شيء".

وأضاف أن بعض زملائه التجار أغلقوا متاجرهم بسبب انخفاض المبيعات وتصاعد الخسائر ، قد أفعل الشيء نفسه إذا ساءت الأمور."

ونوه التقرير بأنه للحد من حدة الانكماش، فتحت حكومة الانقلاب عشرات المنافذ التي تباع فيها المواد الغذائية بسعر مخفض، كما زادت من دعم المواد الغذائية لعشرات الملايين من الأشخاص المسجلين في النظام الوطني لحصص الأغذية، وفقا لصحيفة ديلي نيوز إيجيبت.

ومع ذلك، يقول الاقتصاديون إن "هذه الجهود لن تؤتي ثمارها دون السيطرة المناسبة على السوق". 

وقال مدير مركز كابيتال للدراسات الاقتصادية خالد الشافعي لـلمونيتور "يستغل التجار الظروف الحالية لجمع ثروات ضخمة من خلال زيادة الاحتكارات ورفع الأسعار، وهذا يتطلب إشرافا قويا على السوق".

وتسبب غياب هذا الإشراف في قيام برلمان السيسي المتحفظ تقليديا باستجواب وزير التموين بحكومة السيسي قبل بضعة أيام، وانتقد أعضاء البرلمان الوزير لفشله في السيطرة على أسعار السلع الأساسية.

وقال النائب نافع عبد الهادي للمونيتور "الوزير لا يفعل شيئا لمنع التجار من استغلال الفقراء، أسعار السلع ترتفع بشكل كبير، لكن الوزير يراقب فقط".

واختتم التقرير بالقول " هذا يترك أشخاصا مثل حنان حسين في طي النسيان، كل يوم ، تواجه لغز مطابقة القليل من المال في حقيبتها مع احتياجات عائلتها". 

وقالت حنان  إنه "اختبار جديد وصعب كل يوم، لكنني متأكدة من أن الله لن ينسانا".

 

https://www.al-monitor.com/originals/2023/01/egypt-economic-heat-russias-war-ukraine-only-getting-worse

Facebook Comments