تضامن ساويرس مع الهجوم السعودي غير المسبوق على السيسي والجيش..ما وراءه؟

- ‎فيتقارير

تطورات متسارعة تشهدها مصر في الآونة الأخيرة، على إثر تخلي بعض دول الخليج المحورية عن نظام السيسي ورفضها الاستمرار في تقديم الدعم له، في ظل إسرافه وإنفاقه الترفي والترفيهي على مشاريع غير ذات جدوى اقتصادية، بعد سنوات من الدعم المالي للسيسي بعد انقلابه على الرئيس محمد مرسي، وصل لأكثر من 100 مليار دولار، أنفقها السيسي على مشاريع العاصمة الإدارية والأبراج والقصور الرئاسية والطائرات الفخمة، دون أن تدخل تلك المليارات دائرة الإنتاج لتنمية الاقتصاد المصري  ، وجاء موقف السعودية والكويت والبحرين الرافض للاستجابة لتوصيات صندوق النقد الدولي بتقديم الدعم المالي للسيسي ، بعد تحول مصر لدولة فاشلة.

ومع هذا الموقف  الخليجي والشره المصري للاستيلاء على الرز الخليجي، كتب عدد من الصحفيين والمقربين للنظام السعودي عدة تغريدات ومقالات، انتقدوا فيها فشل السيسي والنظام العسكري في تحقيق أي إنجاز للمصريين، سوى إهدار الأموال في مشاريع فنكوشية.

ومن بين الكتاب والصحفيين الذين انتقدوا السيسي والجيش المصري وتغوله الاقتصادي، تركي الحمد وخالد الدخيل ، وهو ما ردت عليه الكتائب الإلكترونية التابعة للأجهزة الأمنية بمصر ، وهو ما تعجب منه السعوديون، لما وجدوه من توجس من المعلقين المصريين، مؤكدين أن من حق أي أحد التعليق وإبداء الرأي فيما يخص أي دولة لأن الأمور التي يتحدثون عنها غير سرية.

فيما أبدى رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس تضامنه مع الأكاديمي السعودي تركي الحمد، وذلك عقب هجوم لاذع تعرض له بعد انتقاده للأوضاع في مصر ودور الجيش المصري في تفاقم الأزمة الاقتصادية.

وكتب ساويرس، ردا على تغريدة الحمد  "كمصري لا حساسية لدي من أي نقد، بالعكس لأن هذا معناه أنك مهتم، ولذلك كل الشكر والتقدير مني ومن يختلف في الرأي معك، وأنا لست منهم".

 

إحجام خليجي عن دعم السيسي

وتتوالى المؤشرات على وجود إحجام خليجي عن دعم السيسي ماليا، لإنقاذه من أزمة اقتصادية كبيرة تضرب البلاد منذ الربع الأول من العام الماضي،حيث انهار الجنيه المصري.

ويثار الحديث عن رفض بعض دول الخليج العربية دعوات صندوق النقد الدولي الأخيرة التي أطلقها في 10  يناير الماضي لمساعدة مصر، ومطالبته من وصفهم بـحلفاء مصر الخليجيين بالوفاء بتعهداتهم الاستثمارية لتغطية فجوة التمويل الخارجي.

هذا الحديث يعتمد في تقديره على غياب قادة السعودية والكويت عن مؤتمر عقد في أبوظبي، يوم 18 يناير الماضي، ودعا له رئيس الإمارات محمد بن زايد، من بين أهدافه بحث منح مصر مساعدات مالية عاجلة، وحضره قادة قطر والبحرين وعمان والأردن ومصر.

المثير في الأمر، أنه تبع الغياب السعودي عن المؤتمر السابق في الإمارات حملة نقد لاذعة من كتاب سعوديين وإسرائيليين -نادرة الحدوث- على حكومة السيسي والجيش المصري، أحدثت تفاعلا واسعا بين مؤيد لها ومنتقد وناقم عليها.

سبع تغريدات عبر موقع تويتر، يوم 26  يناير ، للكاتب والأكاديمي السعودي السابق تركي الحمد، كانت الأكثر مباشرة في النقد لنظام الحكم وللجيش المصري.

وقال الحمد "لدينا نموذجان لمصر، مصر المزدهرة قبل عام 1952، ومصر الطموحة بعد ذلك التاريخ، وفي المقابل، هنالك مصر بواقعها الحالي، أي مصر البطالة، وأزمات الاقتصاد والسياسة ومعضلات المجتمع وتقلباته الجذرية العنيفة التي لا تنتمي لأي نموذج، ملكيا كان أم جمهوريا".

وتابع "فما الذي حدث لمصر الثرية بثرواتها وإمكانياتها، والتي كانت تُقرض المال وتساعد المحتاج، وها هي اليوم أسيرة صندوق النقد الدولي، مشرئبة العنق لكل مساعدة من هنا أو هناك، وهي أرض اللبن والعسل؟".

وفي تفسيره لأسباب كل ماسبق، أشار الحمد، إلى "هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة، وخاصة الاقتصاد، بحيث لا يمر شيء في الدولة المصرية إلا عن طريق الجيش، وبإشراف الجيش، ومن خلال مؤسسات خاضعة للجيش، ولصالح متنفذين في الجيش".

ووصف ما يجري بـ"الثقافة الشعبية المستسلمة والمستكينة".

وهي التغريدات التي تبعتها بعد يومين، تغريدة مثيرة أيضا عن أبعاد الحالة المصرية للخبير في علم الاجتماع السياسي خالد الدخيل، الذي قال إن "ما يحصل لمصر في السنوات الأخيرة يعود في جذره الأول إلى أنها لم تغادر عباءة العسكر منذ 1952".

وأضاف أنها "انكسرت في يونيو 1967، وتبخر وهج 23 يوليو، كما عرفه المصريون والعرب".

 

العسكرة

ووجه انتقاده للسلطة الحالية وللجيش المصري، مستدركا بقوله "لكن سيطرة الجيش على السلطة وعلى اقتصاد مصر لم تسمح ببديل سياسي اقتصادي مختلف".

وتداول نشطاء مقطعا قديما للدخيل، خلال ندوة سياسية قبل أعوام، كان يتحدث فيها عن تلميحات للسيسي، يهاجم فيها السعودية في أحد خطاباته، رغم أنه كان يطلب الدعم المالي منها عقب انقلابه.

وقال الدخيل، إن "السيسي قال في خطاب له ويشير إلى السعودية، بأن مصر لن تركع إلا لله وهي جملة مربكة في السياق الذي قيلت فيه والسعودية ليست والخليج أعداء لمصر، وتفسيري أن المقصود هو أن مصر لن تركع للمال الخليجي، فلماذا يطالب السيسي بالرز الخليجي؟".

 

أسرار

وتساءل عبد الناصر سلامة رئيس تحرير الأهرام الأسبق "هل هي صحوة ضمير لصالح الشعوب بعد سلسلة أخطاء، أم خلافات مؤقتة تزول بزوال السبب، أم إملاءات خارجية كما جرت العادة؟".

وعلى الجانب الآخر، قال الناشط السياسي بأمريكا الدكتور سام يوسف إن "مصر توقف نقل جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية ردا على تجاهل المملكة دعوات وقمم مساعدة مصر في أبوظبي، ورفضها إرسال أية أموال جديدة كمساعدات للإدارة المصرية".

وقدمت دول الخليج العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين مساعدات مالية ضخمة للسيسي، عقب انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي، منتصف 2013، دعما لنظامه.

وتشير تقديرات لحجم الدعم الذي تلقته القاهرة من الخليج، منذ ثورة 25 يناير 2011، بنحو 92 مليار دولار، بحسب ما نقلته صحيفة "القبس" الكويتية 19 مارس 2019، عن مصادر رسمية في البنك المركزي المصري.

ويرى مراقبون أن توالي التقارير الاقتصادية الدولية التي تحمل مشروعات السيسي، الإنشائية وخاصة عاصمته الجديدة، المسؤولية عن ضياع كل الدعم الخليجي وعدم ذهابه إلى مشروعات إنتاجية، كانت سببا مباشرا في إحجام حكومات الخليج عن مواصلة ذلك الدعم.

 

تضامن ساويرس وتماهيه مع السعودية

ولعل موقف ساويرس المتضرر من تغول الجيش المصري على الاقتصاد المصري، وحديثه اكثر من مرة عن عدم قدرة شركاته على منافسة الجيش ، تتماهى مع الموقف السعودي، وتتمحور حول محاولة الضغط على النظام لكي يستجيب لشروط صندوق النقد الدولي".

بينما تتمسك المؤسسة العسكرية بالحفاظ على مكتسباتها التي تكونت في أكثر من 70 سنة من حكم العسكر، وتضخمت كثيرا بعد الانقلاب العسكري، وهو ما يضرب الاقتصاد المصري في مقتل.

إذ إن الأموال التي ضخت ودفعت للمؤسسة العسكرية لم تدخل الاقتصاد المصري، بل هربت لخارج البلاد بحسابات سرية لصالح قادة المؤسسة العسكرية.

فيما تتراكم الديون فوق روؤس المصريين، وتحرمهم من خدمات الصحة والتعليم.