شرع أكاديميون سعوديون بارزون في انتقاد نادر للنموذج الاقتصادي لعبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، مما أثار رد فعل عنيف من مؤيدي المنقلب، بحسب موقع "ميدل إيست آي" .

وعانى اقتصاد مصر في الأشهر الأخيرة مع تزايد التضخم وانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.

وأصر السيسي على أن الحكومة تعرف أفضل ، وأن الأزمة هي نتيجة طبيعية للعوامل العالمية التي تؤثر على بقية العالم.

لكن عددا من الشخصيات العامة في الخليج تحدت تطمينات السيسي ، وأعربوا عن شكوكهم بشأن نموذجه الاقتصادي.

وحذر النائب الكويتي أسامة الشاهين مؤخرا حكومته من تمويل السيسي كجزء من صفقة قرض صندوق النقد الدولي التي تم إبرامها العام الماضي.

حتى المذيع التلفزيوني المصري عمرو أديب، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع المسؤولين السعوديين، انتقد سياسات السيسي الاقتصادية وأدائه عبر برنامجه  اليومي، الحكاية، على قناة إم بي سي مصر الممولة من السعودية.

والآن، انضم أكاديميون ومعلقون سعوديون مؤثرون موالون للحكومة إلى موجة الانتقادات، وذهبوا إلى حد انتقاد دور جيش السيسي في الاقتصاد بصراحة.

وكتب خالد الدخيل، وهو أكاديمي وكاتب عمود سابق في صحيفة الحياة السعودية، مؤخرا أن الأزمة الاقتصادية الحالية في مصر لها جذورها في الانقلاب العسكري عام 1952 ، وأن مصر لم تترك عباءة الجيش منذ عام 1952.

وأضاف أن "سيطرة الجيش على السياسة والاقتصاد في مصر لم تسمح ببديل سياسي اقتصادي مختلف".

وقال أكاديمي سعودي آخر، تركي الحمد، إن  "الاقتصاد المصري مر بمراحل مختلفة في التاريخ الحديث، تم تعريف حقبة ما قبل عام 1952 بما أسماه نموذج مصر المزدهرة ، يليه نموذج مصر الطموحة، وقارن هذه النماذج بسياسات السيسي، التي قال إنها أدت إلى انتشار البطالة والأزمات الاقتصادية والسياسية والمعضلات الاجتماعية وتقلبات جذرية عنيفة لا تنتمي إلى أي نموذج، لا ملكي ولا جمهوري".

ويعرف حمد بدعمه للحاكم الفعلي للسعودية ولي عهد محمد بن سلمان.

وكانت المملكة العربية السعودية واحدة من الحلفاء الرئيسيين للسيسي والداعمين الماليين منذ انقلابه العسكري في عام 2013 ، على الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا.

وإلى جانب الإمارات العربية المتحدة والكويت، ساعدت الرياض في الحفاظ على اقتصاد السيسي واقفا على قدميه، مع مليارات الدولارات من الودائع والمساعدات في العامين اللذين أعقبا الانقلاب، وتشير التقديرات إلى أن سلطات الانقلاب تلقت 92 مليار دولار من دول الخليج منذ عام 2011.

وفي وقت لاحق، حولت دول الخليج استثماراتها واستحواذها على الأصول المربحة المملوكة للدولة في مصر بدلا من الودائع في البنك المركزي، في الوقت الذي كافحت فيه حكومة السيسي لسداد ديونها وتمويل اقتصادها المعتمد على الاستيراد، وشرعت بدلا من ذلك في الإنفاق السخي على مشاريع ضخمة جديدة ذات قيمة اقتصادية ضئيلة.

 

إهانة أسيادهم!

وأثارت انتقادات الاقتصاد المصري ردود فعل غاضبة من أنصار السيسي الذين يتهمون المحللين السعوديين بازدواجية المعايير وعدم انتقاد حكومتهم بنفس القدر.

ومع ذلك، جاءت الانتقادات الأكثر إدانة من صحفي مصر وكاتب عمود، عبد الرازق توفيق، رئيس التحرير السابق لصحيفة الجمهورية المملوكة للدولة.

وفي عمود مطول نشره موقع "القاهرة24" الموالي للانقلاب يوم الأربعاء، بدا أن توفيق يرد على الكتاب السعوديين، ويهاجمهم بسبب "إهانة أسيادهم".

وكتب بلغة مهينة شائعة الاستخدام في العالم العربي لوصف سكان الخليج الذين يستمدون ثرواتهم من اكتشافات النفط الأخيرة "يجب على حفاة القدمين والعراة، الذين بدأوا مؤخرا فقط في ارتداء أفخم الملابس، ألا يهينوا مصر، فخر وأم الدنيا".

وأضاف "ليس من حق اللئيم والمتواضع والمسكوك حديثا إهانة أسيادهم" ، في انتقاد غير عادي للغاية "ليس من حق الدول الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها سن ابني الأصغر أن تتحدث عن مصر إلا بأدب وتبجيل واحترام، إذا كان بإمكانهم شراء أصوات وأبواق بعض الأقزام والعملاء والمرتزقة، فلن يتمكنوا من شراء التاريخ، حاضرا ومستقبلا".

وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر تعهدت بدعم مصر بأكثر من 20 مليار دولار من الودائع والاستثمارات في أعقاب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن معظم هذا الدعم لم يتحقق بعد.

 

هل تحول الموقف الخليجي؟

ومن المتوقع أن تؤدي أحدث صفقة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار بين القاهرة وصندوق النقد الدولي إلى إطلاق استثمارات من دول الخليج بقيمة 6.7 مليار دولار في السنوات المالية الثلاث المقبلة، ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التعهدات ستتحقق، كان أحد شروط الصفقة هو الحد من بصمة الشركات المملوكة للجيش في الاقتصاد المصري.

واتفاق صندوق النقد الدولي هو الثالث منذ وصول الجنرال السيسي إلى السلطة. وجاءت الصفقات على خلفية نقص في العملة الأجنبية وارتفاع الديون، ارتفعت ديون الانقلاب الخارجية من حوالي 40 مليار دولار في عام 2012 إلى ما يقرب من 155 مليار دولار في عام 2022 وفقد الجنيه المصري نصف قيمته منذ مارس من العام الماضي، حيث خفضت القاهرة قيمة العملة لتلبية متطلبات صندوق النقد الدولي.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت تصريحات الكتاب السعوديين والمصريين تمثل تحولا في الدعم السعودي للسيسي.

وكتب خليل العناني، أستاذ العلوم السياسية المصري، مؤخرا لموقع ميدل إيست آي "في حين أن النظرية القائلة بأن دول الخليج ستتخلى عن نظام السيسي قد تبدو منطقية، إلا أنها في النهاية لا تزال تخمينية".

وأضاف "على الرغم من الإحباط والغضب تجاه السيسي بين مؤيديه الخليجيين، فمن غير المرجح أن يتخلوا عنه، لأنه لا يزال يمثل رصيدا قيما من حيث حماية مصالحهم في مصر والمنطقة".

وأوضح "استبدال السيسي يمكن أن يؤدي إلى حالة من الارتباك والفوضى من شأنها أن تؤثر سلبا على المنطقة وفي نهاية المطاف تهدد مصالحهم الخاصة، وربما لا يزال ينظر إلى السيسي الأضعف على أنه الخيار المفضل، لأنه يسمح بمزيد من التلاعب والاستغلال لتحقيق أكبر فائدة لمصالح دول الخليج".

 

https://www.middleeasteye.net/news/saudi-arabia-writers-criticise-egypt-economic-model-prompting-backlash

 

Facebook Comments