كوارث نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي لم تتوقف عند تجويع المصريين من خلال الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والمنتجات خاصة المواد الغذائية ، بل امتدت لحرمانهم من العلاج والدواء بالمستشفيات الحكومية ، حيث تعاني المنظومة الصحية من الانهيار ومع ارتفاع أسعار الدولار وتوجيه كل موارد البلاد لسداد أقساط وفوائد الديون ، رفضت حكومة الانقلاب دفع مخصصات العلاج للمستشفيات وهيئة التأمين الصحي ، وهو ما جعل المرضى خاصة الغلابة والفقراء لا يجدون علاجا ولا أدوية بالمستشفيات ، ما يعني أنه لم يعد أمامهم إلا الموت في زمن عصابة العسكر .
وتعاني المستشفيات العامة والجامعية وكذلك الخاصة والعيادات من نقص حاد في المستلزمات الطبية، وهو ما أصاب المترددين عليها بحالة من القهر والحسرة، وبعد أن كانت المشكلة قاصرة على المستشفيات الحكومية امتدت إلى المستشفيات والعيادات الخاصة، وطال هذا النقص بنج الأسنان وخيوط العمليات الجراحية والشرائح والمسامير التي تستخدم في عمليات العظام.
الشماعة التي تعلق عليها حكومة الانقلاب نقص المستلزمات الطبية هي «ارتفاع سعر الصرف – انخفاض حجم الاستيراد – جشع التجار واحتكار الشركات» ورغم أن هذه الأسباب معروفة للجميع إلا أن أحدا لا يحرك ساكنا لتغييرها، بينما بات المرضى يدفعون الثمن وأصبح العلاج قاصرا على من يملك الأموال، ولا عزاء للفقراء.
الدولار والغلابة
هذا النقص تسبب في تأخر حالة الطفلة روان صابر 4 سنوات والتي كانت بين الحياة والموت في مستشفى المطرية، مما دفع أحد أفراد أسرتها ويدعى محمود صلاح الصعيدي إلى التوجه باستغاثة لوزير صحة الانقلاب بسبب ما تعانيه داخل المستشفى.
وأكد الصعيدي أن إهمال المستشفيات ما زال عرضا مستمرا، مشيرا إلى أنهم يعاملون وكأنهم عبيد رغم أن العلاج حق للمواطن على الدولة.
وأشار إلى أن الطفلة أصبحت بين الحياة والموت بسبب نقص المستلزمات الطبية، ورغم قيامنا بشراء كافة المتطلبات من الخارج، إلا أن عدم دراية بعض الأطباء أدى إلى تأخر حالتها، فضلا عن المعاملة السيئة بداية من أفراد الأمن حتى الطبيب المعالج.
مستشفى أبو الريش
ويعد مستشفى أبو الريش واحدا من أهم الصروح الطبية لعلاج الأطفال في مصر، ومع ذلك يعاني روادها من نقص حاد في المستلزمات الطبية، حتى إن أسر الأطفال يقومون بشراء معظم الأدوية وألبان الأطفال الرضع والسرنجات من الخارج، كما أنها تعاني من نقص شديد في عدد الأسرة.
الحال ليس أفضل في مستشفيات التأمين الصحي ، حيث قالت فاطمة أكرم إنها “تعاني من عدة أمراض مزمنة، وتتلقى علاجها من مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحي، ولكنها تتردد على المستشفى منذ أكثر من أسبوع ولا تجد العلاج”.
وأكد محمد سعيد أن نفس المشكلة تواجهه في مستشفى صيدناوي للتأمين الصحي، حيث تعاني المستشفى من نقص في كل شيء بما في ذلك الأطباء .
مصل الكلب
أما منى عادل من أهالي البدرشين فقد تعرضت لكارثة ، حينما عقرها كلب وتوجهت إلى مستشفى البدرشين العام للحصول على المصل، إلا أن المستشفى قال إنه غير متوفر، ووجهوها إلى مستشفى الحوامدية، لتفاجأ هناك بإعادتها مرة أخرى إلى مستشفى البدرشين، لكنها فوجئت برفض التمريض منحها المصل بحجة أنه غير موجود، فتوجهت لمكتب المدير للشكوى فقام بتوبيخ التمريض وأمرهم بمنحها المصل، وبالفعل حصلت على أول حقنة، وفي موعد الحقنة الثانية توجهت إلى المستشفى لتفاجأ بأن المصل غير متوفر وعليها إعادة الكرة من جديد”.
نقص شديد
حول هذه الأزمة أكد الدكتور أحمد الشيال استشاري جراحة على المعاش أن هناك نقصا شديدا في المستلزمات الطبية، مشيرا إلى أنه أجري عملية استئصال بروستاتا في شهر يوليو الماضي، وقام بشراء معظم المستلزمات من خارج المستشفى وعلى حسابه الخاص .
وحمل المستشفيات ومديريات الشئون الصحية بالمحافظات أو إدارات الجامعات بالنسبة للمستشفيات الجامعية أو أمانة المراكز الطبية المتخصصة التابع لها مستشفيات الأمانة مسئولية هذا النقص.
وقال “الشيال” في تصريحات صحفية، “السبب في وصولنا لهذا المستوى هو الضعف الإداري بالمستشفيات والهيئات التابعة لها، موضحا أنه يمكن تفادي هذه المشكلة، بتوفير المستلزمات بصورة دورية تكفي على الأقل لستة أشهر”.
وأعرب عن أسفه لأن ما يحدث في صحة الانقلاب هو « كلام على ورق» مؤكدا أن المرضى يقومون بشراء حتى أبسط المستلزمات كالقطن والشاش والجوانتيات والقساطر والجبس الخاص بعمليات العظام، لذا يجب توفير حاجة المرضى فهذا حقهم على دولة العسكر.
الحالة الاقتصادية
وأكدت الدكتورة هبة الضاهراني أستاذ الطب والجراحة، أن هناك نقصا في الأدوية والأجهزة الطبية بسبب تدهور الحالة الاقتصادية، مما أدى إلى عدم قدرة دولة العسكرعلى تحمل ما كانت تتحمله سابقا خاصة بعد ارتفاع أسعار الدولار.
وطالبت « هبة الضاهراني » في تصريحات صحفية دولة العسكر بزيادة الاهتمام بالقطاع الصحي الحكومي، وتوجيه معظم نفقاتها تجاه هذا القطاع المهم، بالإضافة إلى دعوة المجتمع المدني لتقديم تبرعات للمستشفيات الحكومية، فضلا عن فرض الرقابة على جشع بعض الشركات .
وحذرت من أن هناك من يقومون باستغلال الأزمة الحالية من خلال الاحتكار أو إخفاء السلع وأدوية والأجهزة ، وعرضها بعد ذلك بأسعار عالية، لتحقيق مكاسب مادية على حساب أجساد المرضى.
أسعار الدولار
وأكد أحمد حجازي بائع مستلزمات طبية بشارع القصر العيني أنه إذا كان هذا النقص مألوفا في المستشفيات العامة منذ فترة طويلة، إلا أن المستشفيات والعيادات الخاصة أصبحت تعاني منه الآن بسبب ارتفاع أسعار الدولار .
وقال حجازي في تصريحات صحفية إن “ارتفاع أسعار الدولار أدى إلى رفع سعر المستلزمات الطبية لأكثر من 50%، حيث إن معظم تلك المواد تستورد من الخارج، مؤكدا أن كل الجهات أصبحت تشتري كميات أقل من المستلزمات الطبية نظرا لارتفاع أسعارها”.
وكشف الدكتور محمد الفقي صيدلي أن هناك سببا آخر للمشكلة وهو الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أثرت بالسلب على العديد من الدول، والتي ظهرت بعد موجة كورونا، لافتا إلى أن الإنتاج انخفض بشكل عام ، وبالتالي انخفض التصدير، ولذلك ارتفعت الأسعار.
وأكد «الفقي» في تصريحات صحفية أن جشع التجار أدى إلى تفاقم الأزمة، فبعض كبار المستوردين يقومون برفع سعر المنتج للضعف، مطالبا بضرورة الرأفة بآلام المواطنين.