أثارت واقعة قيام كنيسة مصرية في محافظة المنيا جنوب مصر، المعروفة بارتفاع نسب الفقر الشديدة، بإجراء سحب في مسابقة شبابية على “فرخة” جدلا واسعا في مصر وسخرية، لكنها أظهرت جانبا من النتائج المرعبة لتصاعد الفقر بين المصريين بعد صدمات أسعار الغذاء.

مع أن أمين خدمة الشباب بكنيسة سمالوط بالمنيا قال إنهم “وضعوا فقرة السحب على فرخة كفكرة خارج الصندوق للجذب وخلق مناخ من المرح وجذب الشباب بشكل غير تقليدي لتشجيع الحضور ، وهذه أفكار نطبقها منذ سنوات” إلا أن السياق الزمني وبحث المصريين عن فراخ رخيصة الثمن أو أرجل فراخ، وفي المنيا تحديدا حيث نسب الفقر عالية جدا، جعل فكرة سحب جائزة عبارة عن فرخة أمرا محزنا ومن المضحكات المبكيات عن حال المصريين.

واقعة “الفرخة” جاءت في أعقاب تأكيد “المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية” ifpri في دراسة أصدرها 29 ديسمبر 2022 أن مسح قام به لعدد 6000 أسرة فقيرة وشبه فقيرة من كل مصر بين أكتوبر ونوفمبر 2022 كشفت عن نتائج مرعبة لجهة تخفيض أو توقف المصريين عن شراء واستهلاك سلع غذائية ضرورية بسبب الغلاء وتعاظم نسب الفقراء.

سؤال الدراسة الأساسي كان حول مدى تغيير الأسر إنفاقها واستهلاكها منذ مارس 2022 مع بدء عملية تعويم الجنيه الأولى، ومع أن النتائج متوقعة ومهمة لجهة إظهار التحول الكبير في معدل الفقر بين المصريين صعودا، فهي كشفت عن نتائج مرعبة ، لأنها تتحدث عن تخفيض المصريين أو توقفهم عن شراء أنواع من الطعام.

وفقا للتقرير، حوالي 85% من حجم العينة قللت أو أوقفت استهلاكها من اللحوم و75% أبلغوا عن تخفيضهم استهلاك الدجاج والبيض، و60% خفضوا استهلاك الأسماك والألبان، والسبب الأساسي وفقا للدراسة هو زيادة الأسعار.

خطورة الدراسة أنها تتحدث عن التعويم الأول في مارس 2022، ولم تتطرق إلى التعويم الثاني والأخطر الذي خسر فيه الجنيه 54% من قيمته ، وارتفعت الأسعار بصورة صاروخية خلال يناير 2023.

قبل هذا التعويم الثاني وعقب التعويم الأول وارتفاع الأسعار للغذاء والسلع ، تحدث عبد الفتاح السيسي نفسه عن الدخل المناسب وقال إن “10 آلاف جنيه شهريا لا تكفي، وكرر كلامه مذيعوه مثل مصطفى بكري الذي طالب صراحة بـرد الاعتبار للطبقة الوسطى”.

مع هذا رصد الباحث القبطي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إسحاق إبراهيم جانبا آخرا من الأزمة هو تقديم المؤسسات الدينية لخدمات اجتماعية أساسية حاليا.

قال إن “هذا أمر مهم في ظل ضعف دور الحكومة وزيادة نسب الفقر والعوز، لكن في نفس الوقت لا يجب بأي حال ربط هذه المساعدات بأي نشاط ديني كحضور اجتماعات وخلافه، معتبرا أن الإعلان عن سحب على فرخة أثناء اجتماع روحي  حتى لو كان حاجة تشجيعية، سلوك غير موفق ويجب عدم تكراره”.

https://www.facebook.com/ishak.assaad/posts/pfbid0NrhQMmEBybsnnVHz3Dwyt3BD6HeMSY6AXpKVtUXygoKLVdTbHU3NqT1YQFHeYS6cl

وطرح هذا تساؤلات أخرى عن دور المؤسسات الدينية والجمعيات التي وأدتها السلطة عقب انقلاب 2013 بدعاوى أنها تابعة لتيارات إسلامية ، وكانت تقدم خدمات اجتماعية في مثل هذه الأوقات الاقتصادية الصعبة.

وبات الغلاء أكبر تهديد وجودي لنظام السيسي، ينذر بما لا يحمد عقباه بسبب خروج معظم السلع الغذائية عن السيطرة، وتزايد نسب الفقر بين المصريين لأكثر من 30 مليون تحت خط الفقر.

ووفق مؤشرات الفقر في مصر من واقع بيانات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك 2019 / 2021، لجهاز الإحصاء الحكومي بلغت نسبة الفقر في مصر 29.7% من السكان عام (2019-2020) مقابل 32.5% عام (2017-2018).

لكن الفارقة أن الجهاز الرسمي المصري لم يصدر نسب فقر عن عام 2021 ولا 2022 رغم أن كافة المؤشرات تشير لتضاعفها بعد تعويم الجنية وانهيار الاقتصاد ، وانتقال ملايين المصريين من الطبقة الوسطى للطبقة الفقيرة والفقراء لما تحت خط الفقر.

ويدرك نظام السيسي ذلك لذا تحركت الأجهزة لبناء أكشاك وخيام في الشوارع لبيع ما تقول إنها سلع مخفضة ولحوم وفراخ مستوردة رغم أن حكومة السيسي منعت العديد من الفعاليات ومنها تسفير الطلاب للدراسة في الخارج بدعاوى عدم توافر دولار لكن للجيش والشرطة كل شيء مباح.

وأشار لهذا محمد القرش المتحدث باسم وزارة الزراعة بالحديث عن توجيهات رئاسية بضرورة التوسع في عدد منافذ الوزارة للتيسير على المواطنين ورفع العبء عن كاهلهم، وضخ كميات كبيرة من اللحوم والدواجن والأسماك، والألبان ومنتجاتها المختلفة بأسعار مخفضة.

 

 

 

Facebook Comments