شهد الأسبوع الماضي عدة أشكال من الاحتجاج، أبرزها إضراب آلاف العمال في شركة «ليوني وايرنج سيستمز»، ثم مظاهرات عمال شركة «ماك» التابعة لشركة «النساجون الشرقيون»، واندلاع مظاهرات في جزيرة الوراق؛ الجامع المشترك في هذه المظاهر الاحتجاجية هو تمرد الجماهير على الانهيار الحاد في مستويات المعيشة من جهة ورفض الظلم الذي تمارسه سلطات الانقلاب من جهة أخرى.

وتراجعت إدارة الشركة المصرية الأمريكية لإنتاج السجاد (ماك) عن قرارها الصادر السبت 04 فبراير 23م، بإغلاق مصانعها لأجل غير مسمى، وذلك بعد ساعات من احتشاد مئات العمال قرب مقري وزارة القوى العاملة في القاهرة وفي مدينة العاشر من رمضان، تزامنًا مع تقديم العمال محاضر جماعية لإثبات امتناع الشركة عن التشغيل، بالإضافة لاعتصام استمر لساعات صباح الأحد، حول مقر الشركة في مدينة العاشر من رمضان. وكانت الشركة قد قررت إغلاق المصانع لأجل غير مسمى ردا على إضراب العمال قبلها بأسبوع. وحسب حسين المصري، الباحث في دار الخدمات النقابية والعمالية، فإن «قرار الإغلاق يخالف قانون العمل الذي يشترط قبل إغلاق أي شركة على نحو مؤقت أو لأجل غير مسمى الحصول على موافقة وزارة القوى العاملة بناءً على طلب مسبب، وعادةً ما يستغرق صدور قرار بشأن هذه الطلبات أسبوعين في المتوسط، ما يعني أن الشركة على الأرجح لم تحصل على إذن بوقف العمل من الوزارة». وأوضح أن «قرارات إغلاق المنشآت من قبل أصحاب العمل في مواجهة الإضرابات عادةً ما  تأتي لإشاعة الخوف من احتمال تصفية الشركة أو للتأكيد للعمال أن صاحب العمل سيصمد في مواجهة وقف الإنتاج بسهولة ولن يرضخ لطلبات الإضراب».

نفس الأمر حدث في شركة ««ليوني وايرنج سيستمز» الألمانية المتخصصة في تصنيع الضفائر الكهربائية، وهي مُدرجة في بورصة فرانكفورت الألمانية، وتملك عشرة مصانع بمدينة نصر، فضلًا عن ثلاثة أخرى، اثنان منها بمدينة بدر وآخر في محافظة أسيوط. حيث أحالت إدارة الشركة 65 عاملا للتحقيق بسبب المشاركة في الإضراب الذي نظمه عمال الشركة احتجاجا على تدتي الأجور والمرتبات مقارنة بارتفاع  معدلات التضخم والغلاء الفاحش الذي طال جميع السلع والخدمات. فقد ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه من 15.7 جنيها في مارس 2022م إلى أكثر من 30 جنيها في يناير2023م. معنى ذلك أن قيمة الجنيه تآكلت فعليا  إلى النصف؛ وبات المصري يحتاج إلى رفع مرتبه بنسبة 100% حتى يعيش في نفس مستوى المعيشة الذي كان يعيشه قبل سنة واحدة فقط!

مطلب العمال في كلا الشركتين واضحة وضوح الشمس وهو رفع الأجور والمرتبات بما يكافئ نسبة الغلاء والتضخم حتى يتمكنوا من  توفير احتياجاتهم الأساسية لأبنائهم، لكن إدارة كلتا الشركتين تتعامل بتعسف واضطهاد ضد العمال، مدعومتين في ذلك بتواطؤ حكومي مفضوح، لأن نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي يتجاهل مشاكل العمال وينحاز بشكل سافر إلى رجال الأعمال والشركات الأجنبية حتى لو تم هضم حقوق العمال والعصف بها.

 في سياق مختلف، تظاهر عدد من أهالي جزيرة الوراق مجددًا، يوم الأحد 05 فبراير وأوقفوا عمل معديتين تنقلان الأفراد من وإلى الجزيرة النيلية، احتجاجًا على إلقاء القبض على ثلاثة من الأهالي على الأقل هم: همام شكري عبد الفتاح صاوي، وإسلام ناصر أبو طالب، ومحمود جمال عبد المحسن القريطي الذي اعتقل من مدينة الشروق، حيث يعمل. والأول والثالث من المتهمين في قضية جزيرة الوراق، والتي تشمل 35 من أهالي الجزيرة على خلفية احتجاجات الأهالي ضد خطة الحكومة لإخلائها عام 2017. وتأتي هذه التطورات على خلفية وجود تشديدات أمنية في الجزيرة، السبت، في محاولة لمنع تجدد احتجاجات الأهالي بعد مسيرات، الجمعة الماضي، احتجاجًا على استمرار حبس عدد من المتهمين في القضية احتياطيًا، بالإضافة إلى آخر يقضي عقوبة السجن بعد الحكم عليه، فيما ينتظر حكم محكمة النقض التي أحيلت إليها قضيته.

وكانت الدائرة الثالثة إرهاب بمحكمة أمن الدولة العليا، قد أجلت، في يناير الماضي، جلسة إعادة إجراءات محاكمة 19 متهمًا في الحكم الصادر ضدهم غيابيًا بالمؤبد والمشدد، في قضية جزيرة الوراق، لجلسة 26 أبريل. وتشمل أوراق قضية إعادة الإجراءات لـ19 متهمًا من أصل 35 متهمًا أدانتهم محكمة جنايات القاهرة، في ديسمبر 2020.

وبالتزامن مع هذه التطورات نشرت جريدة الوقائع المصرية، السبت 04 فبراير إعلانًا من الهيئة العامة للمساحة، قالت فيه إنها ستعرض، بدءًا من العشرين من الشهر الحالي وحتى 19 من الشهر القادم، كشوفًا وخرائط تشمل بيانات التعويضات المقدرة للممتلكات المتداخلة مع مشروع نزع ملكية أراضي في نطاق مسافة 100 متر على جانبي محور روض الفرج (الذي يمر بالجزيرة).  وكانت محاولات الحكومة السابقة لرفع قياسات منازل لتقييمها تمهيدًا لتقرير التعويضات المستحقة لأصحابها مقابل نزع ملكيتها، قد أدت لاندلاع احتجاجات الصيف الماضي، استخدمت الشرطة فيها القنابل المسيلة للدموع واعتقلت البعض.

Facebook Comments