رغم مزاعم حكومة الانقلاب بالاهتمام بالتعليم الفني ودعمه وإنشاء ما يعرف باسم مدارس التكنولوجيا، إلا أن الواقع يكشف عن انهيار التعليم الفني، حيث أصبحت مدارسه بدون طلاب وتواجه عجزا في أعداد المعلمين، بالإضافة إلى تدهور المعامل وعدم وجود أي نوع من التدريب بجانب عدم مواكبته لسوق العمل.

ورغم الاهتمام العالمي بالتعليم الفني لمساهمته في نهضة الدول وتقدمها صناعيا وتكنولوجيا ، مثلما حدث في ألمانيا والصين واليابان وغيرها، إلا أن منظومة التعليم الفني في مصر في زمن العسكر لا تعي هذه الحقيقة وما زالت على حالها.

ومع مرور الأعوام تدهورت منظومة التعليم الفني، وأصبحت هناك مدارس بدون طلاب، وهو ما يحدث في مركز التدريب المهني للنقل، التابع للشركة القابضة للنقل البحري والبري، وتقع تلك المدرسة أو المركز بمنطقة العباسية، وبها عدة تخصصات كصيانة السيارات ميكانيكا وكهرباء وإصلاح ودهان هياكل سيارات، وتضم عدة ورش منها 4 لصيانة المحركات  نقل الحركة  كهرباء السيارات  والبطاريات وورشتين هياكل للسمكرة والدهان  والحدادة، ولا تستقبل هذه المدرسة طلابا منذ عامين.

 

تدهور المعامل

من جانبه أكد محمد حسنين طالب بإحدى مدارس التعليم الفني، أن أهم المشكلات التي تواجهه هي أنه وزملاؤه لا يمكنهم التعامل مع الأدوات العلمية في تخصصاتهم المختلفة، لعدم قيام المعلمين بتنفيذ التجارب على أرض الواقع، بسبب تدهور المعامل.

وقال حسنين في تصريحات صحفية إن "بعض المعلمين غير متخصصين في المواد التي يدرسونها، مشيرا إلى أن هناك معلما يدرس أكثر من مادة، ولا يقوم بتطبيقها".

وكشف كريم محمد طالب بالتعليم الفني أن الطلاب بعد تخرجهم يصدمون بسوق العمل، مؤكدا أن المناهج التعليمية تختلف عن العمل، ولا توجد فرص تدريبية تؤهل الطلاب لسوق العمل.

 

المناهج الدراسية

فيما أكد عاصم فتحي ولي أمر، أن هناك مشاكل عديدة لاحظها أثناء دراسة ابنه بالتعليم الفني، وهي عدم تطوير المناهج الدراسية، مشيرا إلى أن المعلم يعتمد على التلقين فقط دون التجريب، بالإضافة إلى عدم ربط المناهج التعليمية بسوق العمل .

وقال فتحي في تصريحات صحفية إن "التعليم الفني أصبح هو البوابة الأصعب للالتحاق بالكليات الحكومية خاصة كليات القمة".

وأكدت سناء المعز، ولية أمر، أن معظم المدرسين غير مؤهلين تعليميا وتربويا وفنيا بالشكل الصحيح.

وأشارت سناء المعز في تصريحات صحفية إلى أن المدارس الفنية لا تواكب التطورات التكنولوجية الحديثة، فضلا عن ضعف الإمكانيات بمعامل هذه المدارس ، والنظرة الدونية للتعليم الفني.

 

إهمال وفشل

وقالت منى أبوغالي، مؤسس ائتلاف تحيا مصر بالتعليم إن "التعليم الفني يعتبر أهم ركيزة في جميع دول العالم، لأنه أساس اقتصاد الدول المتقدمة، إلا أنه مرتبط في مصر بالإهمال والفشل، بل ويتم تمييز طلابه ووصفهم بأسوأ طلاب وكأنهم لا يصلحون للعيش في المجتمع، رغم أن التعليم الفني يساعد في حل أزمة التعليم بوجه عام".

وكشفت منى أبوغالي في تصريحات صحفية أن هذه الأمور أدت إلى صعوبة التحاق طلاب التعليم الفني بالكليات العليا عكس طلاب الثانوية العامة، إذ إن طالب التعليم الفني إذا لم يحصل على 90٪ فأعلى لا يستطيع الالتحاق بالجامعات، أما طالب الثانوي عام فله فرص متعددة للالتحاق، كما أن سياسات القبول المفتوحة بأغلب المدارس الفنية، أدت إلى عدم تحديد أعداد معينة للالتحاق بالتعليم الفني، بالإضافة لعدم جودة الدارسين، على عكس الثانوية العامة والتي تفرض حدا أدنى للقبول، حتى أصبحت المدارس الفنية الملجأ الوحيد للطلاب الأقل مجموعا في المرحلة الإعدادية.

وعن أسباب تدهور التعليم الفني، أكدت أن هناك تأخر في تطوير المناهج التعليمية، وعدم مواكبتها لسوق العمل، فلا توجد آلية تربط التخصصات والمناهج في التعليم الفني والتوزيع النوعي للصناعات، واحتياجات سوق العمل، وفي النهاية يكون لدينا طلاب حاصلون على شهادة تعليم فني لكن دون أدنى خبرة، ما أدى إلى فقدان الطالب الثقة فى قيمة التعليم وخوفه على مستقبله، بعد رؤية الطابور الطويل من البطالة للخريجين السابقين.

وشددت «منى أبوغالي» على ضرورة النهوض بالتعليم الفني، حتى لا يتردد أولياء الأمور في إلحاق أبنائهم بهذا التعليم، وذلك من خلال تغيير سياسات قبول الجامعات الحكومية للدارسين، حتى يتسنى لهم الحصول على فرص عمل، أو توفير مصانع تطلب تخصصاتهم المختلفة، بالإضافة إلى توفير المعلمين المتخصصين والمدربين .

وأشارت إلى أن هناك عددا كبيرا من المدارس الفنية يصرف لها ميزانية تحت مسمى تدريب الطلاب أو شراء أجهزة وماكينات، لكن كل هذا مجرد حبر على ورق وفساد كبير.

 

العمل الحر

وللنهوض بالتعليم الفني طالب الدكتور عاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوي بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، بتشجيع ثقافة العمل الحر وتضمين مقررات خاصة عن ريادة الأعمال ضمن مناهج التعليم الفني، وتدريب الطلاب على كيفية إنشاء مشروع خاص وإدارته، وإنشاء وحدة داخل وزارة تعليم الانقلاب لمتابعة خريجي التعليم الفني، وإنشاء قاعدة بيانات له، على أن تكون هذه الوحدة حلقة وصل بين الطلاب وسوق العمل .

وشدد «حجازي» على ضرورة منح قروض حسنة وطويلة الأجل للخريجين لبدء مشروعاتهم الخاصة، موضحا أنه يمكن البدء في هذا الإجراء بتوفير القروض للأوائل مبدئيا تمهيدا لتعميم التجربة بعد ذلك، بالإضافة إلى ربط سياسة القبول باحتياجات سوق العمل، بحيث لا تقبل المدارس أعدادا أكثر مما يتطلبه سوق العمل خاصة في المجالات التي لا يتاح فيها العمل الحر كالطاقة النووية وغيرها.

وعن العقبات التي واجهت منهج الجدارات أشار إلى وجود مقترحات يمكن من خلالها التغلب على هذه العقبات ، منها وضع معايير محددة لاختيار الشركات التي تتعاقد معها وزارة تعليم الانقلاب، بحيث تكون وسائل الإنتاج فيها متطورة ومواكبة لسوق العمل الدولي ، وأن تستمر في تطوير الآلات وأنظمة العمل بشكل دوري، وذلك حتى يتسنى للخريج الذي لم يجد فرصة عمل في الشركات المصرية أن يجد لنفسه فرصة عمل في أي دولة بسهولة، مع إعطاء مساحة أكبر للشركات في إعداد المناهج المرتبطة بتخصصاتها، ومراعاة شرط مواكبة هذه الشركة بمعداتها ونظام العمل فيها للمعايير الدولية، ومنح الشركات التي تعقد شراكة مع تعليم الانقلاب امتيازات خاصة، وفرض شروط ومعايير ملزمة لها تضمن حصول الطلاب على تعليم وتدريب جيد والتوسع في عقد الشراكات مع الشركات متعددة الجنسيات والشركات الأجنبية مع منحها تسهيلات للاستثمار داخل مصر.

Facebook Comments