تنياهو يحرج الوسيط المصري وتحذيرات صهيونية من تفكك «إسرائيل»

- ‎فيتقارير

تسبب الإجراءات والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الفلسطينيين حرجا كبيرا للوسيط المصري الذي وضع على عاتقه حماية الكيان الصهيوني كجزء من دوره الوظيفي  في المنطقة وفق أجندة المصالح الأمريكية. وحسب صحيفة “العربي الجديد” اللندنية فإن المسئولين عن ملف فلسطين بجهاز المخابرات العامة يعملون على تدارك المأزق الذي تمر به الوساطة التي يقوم بها جهاز المخابرات العامة، المتمثل في التصعيد من جانب حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو، وإصرارها على التعنت وعدم تقديم تسهيلات من شأنها نزع فتيل الأزمة.

وحسب التقرير الذي نشرته الصحيفة فإن المسؤولين في مصر عملوا، خلال اللقاء الذي جمع رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل بوفد “حماس” الذي يزور القاهرة برئاسة إسماعيل هنية، على إغراء الحركة بتسهيلات مصرية بشأن الأوضاع المعيشية والإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وتقديم مزيد من التسهيلات بشأن حركة التجارة ومرور المواطنين عبر معبر رفح الحدودي، أملا في ثني الحركة، بصفتها المسؤولة عن إدارة القطاع، عن التصعيد المضاد ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، والتي كانت أحدث حلقاتها اقتحام أريحا، واعتقال أحد قيادات الحركة البارزين في الضفة وقتل 5 من مقاتلي كتائب “عز الدين القسام”، الذراع العسكرية للحركة.

المسعى المصري يأتي في محاولة لكسب مزيد من الوقت إلى حين توصل الإدارة الأميركية إلى نوع من التفاهمات مع حكومة الاحتلال، حيث طالبتها مصر بممارسة ضغوط على حكومة نتنياهو من أجل منع اندلاع مواجهة جديدة، في ظل الإجراءات التصعيدية في الضفة الغربية والقدس. وسعى المصريون إلى إلى إقناع “حماس” بأن الذهاب إلى مواجهة عسكرية جديدة من شأنه أن يدمر كافة التفاهمات التي تم التوصل إليها في فترات سابقة، خصوصاً أن “الحكومة الإسرائيلية باتت خارج نطاق السيطرة”، على حد تعبير مصادر أفادت بأن هناك أزمة في العلاقة بين القاهرة ونتنياهو في الوقت الراهن، على وقع التعنت الإسرائيلي، الذي يهدد بضياع الجهود المصرية في التوصل إلى إيقاف المزيد من التصعيد، وتأزيم الموقف.

وعملت القاهرة، خلال الفترة القليلة الماضية، على تجهيز تصور بمجموعة من التحركات على صعيد الوضع في قطاع غزة سيجرى الإعلان عنه خلال الأيام المقبلة، بحيث يكون بمثابة تهدئة تدعم موقف “حماس”، والتي ترى دوائر مصرية أنه يمكن أن يقع على عاتقها أيضا ضبط موقف حركة “الجهاد الإسلامي”. ولتهدئة موقف حركات المقاومة تسعى القاهرة بشكل عاجل، إلى تحقيق تقدم على مستوى ملف الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، حيث يعتبر المسؤولون المصريون أنه ربما تكون في هذا المسعى، إذا نجح، بداية لتهدئة غضب فصائل المقاومة الفلسطينية وأجنحتها المسلحة.

وأمام تعنت نتنياهو والمستويات السياسية في تل أبيب؛ لجأ المسئولون في جهاز المخابرات إلى التواصل مع المستويات العسكرية بحكومة الاحتلال في ظل فشل كافة المحاولات مع المستويين السياسي والأمني. وجرى في هذا السياق تواصل على مستوى رئيسي الأركان، المصري أسامة عسكر والإسرائيلي هرتسي هاليفي، حيث أكد عسكر على خطورة الموقف في ظل التقاطعات الإقليمية، التي تنذر بمواجهة عسكرية مفتوحة على أكثر من جهة، في حال لم يُسيطر على الموقف ويُضغط على حكومة الاحتلال من أجل وقف التصعيد بحق الفلسطينيين. وهي التصريحات التي جاءت خلال اجتماع رفيع المستوى، ضم رؤساء الأركان في دول منتدى النقب بحضور قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا، في البحرين، “لبحث تطورات الأوضاع الإقليمية، والأمن الإقليمي”. وأكد رئيس الأركان المصري، خلال الاجتماع، خطورة المشهد في الأراضي المحتلة، واعتبره بمثابة الشرارة التي من شأنها أن تؤدي إلى انفجار يخشاه الجميع في المنطقة.

والتقى وفد من قيادات “حماس” برئاسة إسماعيل هنية برئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، في العاصمة المصرية القاهرة، مساء الخميس الماضي، ودار نقاش معمق حول التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بحسب بيان للحركة. وضمّ الوفد كلا من نائب رئيس الحركة صالح العاروري، ورئيس الحركة في الخارج خالد مشعل، ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية خليل الحية، وعضو المكتب السياسي للحركة روحي مشتهى.

 

تحذيرات عبرية من تفكك “إسرائيل”

في سياق مقارب،  أبدى ضابط إسرائيلي رفيع المستوى في جيش الاحتلال الإسرائيلي تشاؤمه من الأوضاع التي وصلت إليها “إسرائيل” وجيشها، في ظل الحكومة اليمينية الحالية التي يقودها المتهم بالفساد بنيامين نتنياهو. وأوضح الرائد احتياط “أ”، الذي خدم في العديد من وحدات خاصة بالجيش الإسرائيلي في مقاله بـ”هآرتس”، أنه عمل في خدمته العسكرية مع “حكومات يسار، ووسط ويمين، حتى عندما كنت أعارض تماما مواقفها، لكني قبلت “حكم الناخب”، فهمت أن هذه هي قواعد الديمقراطية، لكن هذا لم يعد قائما”. ونوه الضابط الذي خدم في غزة وجنوب لبنان، إلى أن “الحكومة الحالية، التي انضم إليها مجرمون ومتطرفون قوميون مسيحانيون، تحت رئيس حكومة (نتنياهو) متهم بمخالفات جنائية، هي خطيرة وسيئة بالنسبة لي، ولا توجد أي ثقة لي بها، هؤلاء هم عملاء للفوضى”، معتبرا أن ” خطة “الإصلاح القضائي” التي تدفعها قدما ليست سوى محاولة لانقلاب نظامي وتغيير وجه إسرائيل”.

ولفت إلى أن بعض أركان الحكومة الحالية اليمينية، “يفعلون كل ما في استطاعتهم لإشعال المنطقة وإشعال موجة عنف ربما تحرف الانتباه عن خطواتهم”، منوها إلى أن في هذه المرة لن يقبل ولن يحترم سيادة هذه الحكومة. معتبرا أن هذه الحكومة لم تنتخب بشكل ديمقراطي بل بانقلاب عنيف على الحكومة السابقة. وتابع: “أنا لا أكشف اسمي بالكامل لأنني أخاف، أخاف من زعران لوحة المفاتيح، من أن يلاحقوا عائلتي وأولادي، أخاف أن أكون مسجلا ومشارا إليه من قبل سلطة مستبدة، وأن أصنف إلى الأبد كخائن وعدو للجمهور الإسرائيلي، أخاف لأن الوضع هنا ظلامي وعنيف ومخيف، هذه ليست إسرائيل التي عرفتها، هذه ليست حكومتي وهذا لم يعد جيشي”. 

وفي سياق متصل، طالب رئيس لجنة الأمن في الكنيست، النائب تسفيكا فوغل بـ”إلقاء القبض على رئيس هيئة الأركان الأسبق الجنرال موشيه يعلون والميجر جنرال احتياط يائير غولان، بشبهة التحريض والحث على العصيان المدني”، وفق ما أوردته هيئة البث الرسمي الإسرائيلي “كان”. وقال فوغل وهو من حزب “قوة يهودية”، الذي يتزعمه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير: “على النظام الديمقراطي اعتقال كل من يدعو إلى التمرد واستخدام السلاح”، مؤكدا أن “ما يقوم به يعلون وغولان، ينطوي على خطأ غير مغتفر في حال أساء أحدهم ترجمة أقوالهما إلى أفعال”، علما أن يعلون وغولان يدعمون الاحتجاج ضد حكومة نتنياهو الحالية. ونبه رئيس لجنة الأمن، إلى أنه لن يتراجع عن أقواله السابقة حول إلقاء القبض على رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد ووزير الأمن السابق الجنرال بيني غانتس، موضحا أن فوغل سبق له أن اتهم كلا من لابيد غانتس بالخيانة، لكنه عاد وسحب هذا الاتهام.

من جانبها، تقدمت “الحركة من أجل نزاهة الحكم” إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية بالتماس، يطالب بالإعلان عن أن “رئيس الوزراء نتنياهو عاجز عن مواصلة أداء مهام منصبه؛ لأنه يخرق اتفاق تناقض المصالح الذي وقعه”. وأوضحت الحركة أن “رئيس الوزراء أثبت أنه غير قادر على الفصل بين شؤونه القضائية وإدارة شؤون إسرائيل، وهو يحاول تقويض الأسس الديمقراطية لإسرائيل، ولو بثمن خرابها”.  وأفادت “كان”، أن مجموعة جنود وضباط احتياط في جيش الاحتلال، قاموا بتنظيم مظاهرة عند مفرق “حيمد” قرب القدس؛ احتجاجا على “خطة الإصلاح القضائي”.  وأغلق المتظاهرون طريق رقم واحد لمدة من الزمن، كما شارك جنود الاحتياط في مسيرة انطلقت من مفرق “اللطرون”، حيث يتوقع أن تصل اليوم إلى ساحة المحكمة العليا، في حين اعتقلت الشرطة الإسرائيلية إسرائيليا بشبهة إلقاء الحجارة عليهم.