أبواق الانقلاب كشفت الكارثة.. المصريون يأكلون لحوم حمير وخيول وخنازير وكلاب في زمن العصابة

- ‎فيتقارير

كشفت دعوة تامر أمين الإعلامي الانقلابي المصريين إلى تناول لحوم الحمير والبغال والأحصنة لمواجهة حالة الفقر ومستوى المعيشة المتردي الذي أصبح يعيشه المصريون في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي بسبب ارتفاع الأسعار عن انتشار هذه النوعية من اللحوم لدى عدد من الجزارين وبعض المطاعم في محافظات الجمهورية، بسبب غياب الرقابة وتجاهل عصابة العسكر دورها في تقديم مواد غذائية صالحة للاستهلاك ومطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية.  

كان تامر أمين قد طرح تساؤلا في سياق تعليقه على واقعة ضبط جزار يحمل الجنسية الباكستانية يبيع لحم الخيول بإحدى قرى محافظة الدقهلية، لماذا لا نأكل لحم الحمير والأحصنة زاعما أن دولا عديدة متقدمة تتناول هذه النوعية من اللحوم؟ وفق تعبيره.

وأشار إلى أن طبق لحم الخيل يعد وجبة فاخرة غالية السعر في مطاعم باريس، زاعما أنه سأل عن طبق لحم الخيل، وقيل له إنه آمن وسليم، فضلا عن أنه لا يوجد شبهة تحريم في لحم الخيل أو الحمير بحسب تصريحاته.

 

معهد التغذية

 

«المعهد القومي للتغذية» شارك في هذه المهزلة في إطار دعمه لنظام الانقلاب وقال الدكتور مجدي نزيه مستشار التثقيف الغذائي بالمعهد إنه "لا توجد موانع علمية في تناول لحوم الحمير والخيول، مشيرا إلى أن الأمر بحاجة إلى توافق مجتمعي قبل التشريعات القانونية؛ إذ إن الأمر برمته يخضع لأذواق الشعوب" وفق تعبيره .

وأضاف نزيه في تصريحات صحفية إن "بعض المجتمعات تتقبل أكل الحشرات، وأخرى تستهجن الأمر بشدة".  

تصريحات أبواق الانقلاب رغم رفضها من كل المصريين إلا أنها تكشف عن الواقع الكارثي، حيث أدى غياب الرقابة إلى أن تباع لحوم الحمير والخيول والخنازير، بل والكلاب وتقدم في المطاعم بسبب تجاهل حكومة الانقلاب ما يقدم للمواطنين من أطعمة، بل وتجاهلها لأحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم تناول هذه اللحوم.

 

ارتفاع الأسعار

 

ما يؤكد هذا الانتشار الوقائع التي يتم ضبطها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ومع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، وتفاقم أزمة التضخم التي تعصف بالاقتصاد، تكرر هذا المشهد أكثر من مرة، آخرها ضبط شخص يحمل جنسية أجنبية بعد ذبحه حصانين بقرية برق العز مركز المنصورة التابعة لمحافظة الدقهلية وبيعها لأهالي القرية.

في هذه الحادثة التي وقعت أوائل مارس الجاري تبين أن الرجل الذي يحمل الجنسية الباكستانية ذبح حصانين لبيعهما لأهالي القرية بسعر 160 جنيها للكيلو الواحد، مما أثار حالا من الهلع بين الأهالي بعد الإقبال الذي شهدته تلك اللحوم بسبب سعرها المقبول.

لم تمضِ أيام حتى انتشر مقطع مصور جرى تداوله بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر خلاله أحد أصحاب المطاعم الشعبية الشهيرة في القاهرة، أكد أنه يبيع مأكولات شعبية كـ"الممبار" الذي يتم إعداده من أحشاء البقر والماعز محشوة بالرز، وكذلك وجبة تسمى "السمين" يتم تجهيزها بطريقة مشابهة باستخدام لحوم وأحشاء تلك الحيوانات، مستخدما "لحوم حمير" في إعداد تلك الوجبات.

وأكد صاحب المطعم في فيديو متداول أن جميع عربات ومطاعم بيع الممبار والسمين تستخدم لحوم وأحشاء الحمير.

وأرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار لحوم الماعز والأبقار، وسعي ملاك تلك المطاعم والعربات إلى تغطية نفقات العاملين وتحقيق مكاسب.

 

الفيوم

 

تلك الحادثتان أعادتا إلى الصدارة حوادث كبرى على مدار العامين الأخيرين، أبرزها معاقبة محكمة جنح قنا في فبراير الماضي، جزارين شقيقين بالحبس سنة وغرامة مالية 10 آلاف جنيه، لاتهامهما ببيع لحوم حمير وخيول للمواطنين، في واقعتين مختلفتين بقرية كلاحين أبنود التابعة لدائرة مركز قنا، بعد أن تم ضبطهما في ديسمبر الماضي.

وفي يناير الماضي، انتشر مقطع فيديو لهياكل عظمية لحمير مذبوحة في محافظة الفيوم، وزعم مسئولو المحافظة أنها بلغت نحو 100 حمار مذبوح 90 في المئة منها جثث كاملة من دون جلد، مما يرجح أن الذبح كان بغرض الحصول على الجلود.

وكانت الفيوم ساحة لحادثة مماثلة في يوليو من العام الماضي، بعد اكتشاف مقبرة تضم آلاف الهياكل العظمية ولحوم حمير نافقة، وتبين أن تلك اللحوم كانت في طريقها إلى مطاعم كبرى بالقاهرة ومصانع لحوم مصنعة.

 

الخصوص

 

بالتزامن مع ذلك جرت واقعة مماثلة شهدتها محافظة القليوبية، حيث تم اكتشاف أحد محال جزارة في مدينة الخصوص يذبح الأحصنة ويسلخها ويفرم لحومها ويوزعها على بعض المطاعم في محافظتي القليوبية والقاهرة، كما عثر على ماكينة فرم اللحوم وثلاجة كبيرة، وضبط حصان مذبوح، وأربعة أحصنة أخرى معدة وجاهزة للذبح .

في نوفمبر 2021 تم ضبط مزرعة تذبح الحمير وتفرم لحمها، في محافظة الإسماعيلية بعد أن أكدت التحريات وجود مزرعة في منطقة الكيلو 6 طريق عثمان تذبح الحمير.

 

سوهاج والقاهرة

 

في سوهاج تكرر المشهد في يوليو 2020، حين تم العثور على حمير مذبوحة استعدادا لبيع لحومها للجمهور على أنها "حواوشي" 

وفي أبريل من العام ذاته، تم إغلاق ثلاثة مطاعم شهيرة في القاهرة بعضها يعمل منذ 20 عاما، بسبب بيع لحوم خيول وحمير على أنها لحم بقري.

وفي فبراير 2018 تم ضبط صاحب مخزن لقيامه باستغلال ثلاجة لتخزين لحوم الحمير وتوزيعها على محال مأكولات بالقليوبية

 

 

كلية الزراعة

 

هذا الانتشار غير الطبيعي أكدته دراسة أجرتها كلية الزراعة بجامعة القاهرة، ونشرت نتائجها في يوليو 2022، لتكشف عن احتواء بعض منتجات اللحوم المجمدة مثل البرجر والشاورما والهوت دوج واللانشون، التي أكلها المصريون خلال الفترة بين فبراير وديسمبر عام 2021، على لحوم خنازير وكلاب وحمير وأحصنة.

ورغم إصدار كلية الزراعة بيانا تتبرأ فيه من الدراسة، إلا أن عميد الكلية السابق عمرو مصطفى وهو أحد القائمين على الدراسة، خرج ليؤكد أنها تمت خلال عمادته للكلية، وداخل معاملها بمشاركة متخصصين على كفاءة عالية.

وأشار مصطفى في تصريحات صحفية إلى أن الدراسة أجريت على 60 عينة من اللحوم الموجودة في الأسواق المختلفة ومن الباعة المتجولين في المناطق الشعبية، وتم التأكد أن بعض العينات مخلوطة بلحوم حمير وخنازير معا من دون أية إضافات أو خلط بلحم بقري، كما تم إثبات حالات الغش في أكثر العينات بـالهوت دوج واللانشون والبرجر والشاورما، وأكد أنه يتم استخدام حيوانات أكلها مخالف للشرع وحيوانات ضارة بصحة الإنسان، محذرا من خطورة الاستمرار في أكل اللحوم المصنعة.

 

مطاعم شهيرة

 

في نفس السياق أكدت شرين زكي، وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين، رئيس لجنة سلامة الغذاء بالنقابة كثرة تلك الحوادث، ووصول هذه اللحوم الضارة إلى مطاعم كبرى شهيرة في ظل عدم تغليظ العقوبات الرادعة لمثل تلك الممارسات التي تضر بشكل جسيم بصحة الإنسان.

 

وقالت شرين زكي في تصريحات صحفية بشكل مستمر نكاد يوميا نضبط كميات من اللحوم الفاسدة في الأسواق سواء من خلال المنتجات المصنعة، أو تلك التي يتم تقديمها في المطاعم، موضحة أن اللحوم الفاسدة لا تقتصر فقط على لحوم الحمير والكلاب والأحصنة، وإنما تمتد إلى غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بسبب عدم مطابقتها للمواصفات أو سوء التخزين .

وأضافت، في ضوء كثرة الضبطيات التي شاركت فيها على مدى السنوات السبع الأخيرة يمكن ترجيح أن غالبية الشعب المصري تتناول لحوما فاسدة أو لحوم حمير، موضحة أن نسبة كبيرة من عمليات ذبح الحمير تستهدف بالأساس الحصول على جلودها وتهريبها للخارج، إذ تستخدم تلك الجلود في عدد من الصناعات ومن بينها المنشطات الجنسية.

وأشارت شرين زكي إلى أنه في الغالب لا تصل مثل تلك اللحوم في صورتها المعتادة إلى المستهلك لسهولة تمييزها عن اللحوم الحمراء الصالحة للاستخدام الآدمي، مؤكدة صعوبة بيع لحوم الحمير أو الكلاب كقطع كما هو الحال بالنسبة للحوم الحمراء (جاموسي، بقري، جملي، خراف، ماعز)، إذ يمكن بسهولة التمييز بين النوعين من اللحوم، سواء عبر الرائحة أو الملمس أو اللون، لكن يكمن الغش بالأساس في استخدام تلك اللحوم بالمنتجات المصنعة والمفرومة.

 

مصانع بير السلم

 

وأكد (م ع) جزار مقيم بالقاهرة أن تلك اللحوم تصل إلى المستهلك النهائي عبر مصانع غير مرخصة (بير السلم) تقوم باستخدامها في منتجات اللحوم المفرومة والمجمدة.

وكشف أن البعض يقوم باستخدام لحوم الحمير والأحصنة والكلاب، وأيضا اللحوم الحمراء الفاسدة، في بعض المطاعم أو مصانع اللحوم المصنعة عبر فرمها ووضع التوابل عليها لتغيير خصائصها ورائحتها بهدف تعظيم الربح .

وأوضح الجزار أن لحوم الأحصنة والحمير من اللحوم التي تتضمن نسبة سكريات عالية، كما أن احتواءها على مادة جيلاتينية وجلوكوز بنسب عالية يجعلها متماسكة عن غيرها في عمليات الفرم، لذا يتم استخدامها في هذه العمليات أو خلطها على مصنعات اللحوم مثل الكفتة وغيرها من المنتجات المماثلة.