“هيومن رايتس ووتش” تطالب بوضع حد للقبضة الخانقة على المنظمات غير الحكومية بمصر

- ‎فيحريات

طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" سلطات الانقلاب بإلغاء الموعد النهائي للتسجيل في قانون الجمعيات لعام 2019 إلى أن يتم تعديل القانون لضمان قدرة المنظمات غير الحكومية على العمل بحرية دون تدخل أو مضايقة حكومية.

ويسمح قانون 2019 للسلطات بإغلاق وتجميد أصول أي مجموعة تواصل العمل دون تسجيل، مشددة أنه على السلطات تعديل القانون على وجه السرعة بحيث يتوافق مع الحقوق التي يكفلها الدستور المصري، فضلا عن التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، ولا ينبغي إجبار المجموعات المسجلة كمكاتب محاماة أو كيانات قانونية أخرى على التسجيل بموجب قانون 2019.

وقال آدم كوجل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش "تجبر السلطات المنظمات على الاختيار بين العمل في ظل ظروف تجعل العمل المستقل مستحيلا أو الإغلاق التام، تقييد وإسكات الجمعيات المستقلة يزيل مساحة للنقاش النقدي ويعرقل الجهود الرامية إلى ضمان محاسبة الحكومة، وكل ذلك على حساب مصر".

وأضافت المنظمة أنه على السلطات أيضا وقف حملة القمع طويلة الأمد ضد الجماعات المستقلة ووضع حد للتكتيكات المسيئة، بما في ذلك المضايقات من قبل الأجهزة الأمنية والملاحقات القضائية المسيسة التي تهدف إلى حجب الحيز المدني والنشاط الحقوقي.

وطالبت المنظمة شركاء مصر الدوليين، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والمؤسسات والدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بالضغط على حكومة السيسي لتعديل وتحسين قانون الجمعيات لعام 2019 بشكل هادف وإنهاء الهجوم على الفضاء المدني.

لا يسمح قانون 2019 بأي نوع من العمل المدني، الذي يعرف بأنه أي عمل غير ربحي يهدف إلى تنمية المجتمع دون تسجيل، عملية التسجيل المعقدة والمرهقة بشكل غير مبرر ليست نهائية حتى تنشر وزارة التضامن الاجتماعي موافقتها واللوائح الداخلية للجمعيات على موقع الوزارة.

وينطبق شرط التسجيل على جميع المنظمات المصرية أو الأجنبية الجديدة أو القائمة التي تمارس العمل المدني حتى لو كانت مسجلة بالفعل بموجب القوانين السابقة المتعلقة بالمنظمات غير الحكومية أو غيرها من القوانين، يهدف التعريف الفضفاض للعمل المدني في قانون 2019 إلى حظر أي مشاركة أو نشاط مدني مستقل دون إذن وإشراف حكومي على مدى العقدين الماضيين، تم تسجيل العديد من المنظمات كمكاتب محاماة ومنظمات بحثية وشركات استشارية لتجنب القوانين التقييدية للغاية التي تحكم المنظمات، وبموجب قانون 2019 لم تعد خيارات التسجيل البديلة هذه ممكنة.

ويطالب القانون جميع السلطات، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، بتحديد أي مجموعة غير مسجلة والإبلاغ عنها، وهذا في الواقع يضمن سيطرة قطاع الأمن على كل الفضاء المدني في مصر، يمكن أن يواجه الموظفون الملاحقة القضائية والغرامات الباهظة، وحتى السجن، إذا تمت مقاضاتهم بموجب قوانين مسيئة إضافية تقيد حرية تكوين الجمعيات.

وأشارت المنظمة إلى أنه حتى لو تمكنت مجموعة من التسجيل، فإن القانون يفرض قيودا صارمة على أنشطتها، ويلغي استقلالية الجماعات ويجعلها مساعدة للكيانات الرسمية، يتطلب القانون موافقة مسبقة من الحكومة على المسوحات أو البحوث الميدانية، ويحظر التعاون مع أي جهة أجنبية داخل البلاد أو خارجها، أو إرسال أموال إلى أفراد أو كيانات في الخارج، أو فتح فروع أو مكاتب خارج مصر دون موافقة وزارة التضامن الاجتماعي.

ولفتت المنظمة إلى أن بعض الأنشطة محظورة تماما، مثل العمل السياسي، على الرغم من أن القانون ولائحته التنفيذية لا تحدد ما يعنيه ذلك، يحظر القانون العمل الذي يزعم أنه يقوض مصطلحات غامضة وفضفاضة مثل الأمن القومي أو النظام العام أو الآداب العامة، ولا يعرف القانون ولا لوائحه هذه المصطلحات، التي استخدمتها سلطات الانقلاب بشكل روتيني لتجريم الأنشطة التي تقع ضمن الحقوق المحمية في الدستور المصري والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مثل الاحتجاجات السلمية والسلوك الجنسي بالتراضي والنشاط الفني.

وقالت وزارة التضامن الاجتماعي إنه "حتى أكتوبر 2022، تمكنت 32,000 منظمة فقط من أصل 52,500 منظمة غير حكومية تعمل في البلاد من التسجيل".

وقالت المنظمة إنه "منذ 2014 قلصت حكومة عبد الفتاح السيسي بشدة الحيز المدني وهاجمت المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المستقلين من خلال الاعتقالات غير المبررة، والاحتجاز المطول قبل المحاكمة والملاحقات القضائية وحظر السفر وتجميد الأصول والإضافات إلى قوائم الإرهاب بعد إجراءات قضائية تعسفية ومعيبة، استخدمت السلطات شبكة من القوانين القمعية التي تقضي فعليا على الحريات الأساسية.

وأضافت أنه بموجب القضية 173 لعام 2011، المعروفة باسم قضية التمويل الأجنبي، وبناء على مزاعم أمنية تنفي جوهر حرية تكوين الجمعيات، لا تزال عشرات المنظمات المصرية البارزة والمدافعين عن حقوق الإنسان يواجهون الملاحقة القضائية لتلقيهم أموالا أجنبية. أسقط قاضي التحقيق التهم الموجهة إلى حفنة من النشطاء وتمكنوا من السفر إلى الخارج في الأشهر الأخيرة، لكن أصولهم لا تزال مجمدة.

وأوضحت أن العديد من المجموعات قد أجبرت على العمل من خارج مصر وطلب موظفوها اللجوء أو يعيشون في المنفى. في 10 يناير 2022، أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أنها ستنتهي من عملها بعد ما يقرب من 18 عاما. وقالت المنظمة إنها غير مستعدة للامتثال للقيود المشددة في القانون، على ما يبدو بعد أن تلقت رسالة غير رسمية مفادها أن العمل على حرية التعبير وظروف السجن محظور.

وتمتد حملة القمع التي تشنها حكومة السيسي على المجتمع المدني إلى الجمعيات الخيرية أيضا، في السنوات الأخيرة، حلت السلطات أكثر من 2000 منظمة خيرية وصادرت أصولها بتهمة أن لها صلات بجماعة الإخوان المسلمين.

في 24 يوليو 2022، قال طلعت عبد القوي، عضو برلمان السيسي الذي يرأس الاتحاد العام للمنظمات والمؤسسات الأهلية، وهو اتحاد جمعيات مؤيد لحكومة السيسي، إن "الاتحاد والبرلمان يعملان معا لإدخال تعديلات جادة وجديدة على قانون 2019، بافتراض السماح بمزيد من المرونة للمنظمات المستقلة، ولم تقدم أي مقترحات من البرلمان منذ ذلك الحين".

وقال كوجل "قد تستغل السلطات المصرية الموعد النهائي في أبريل لتبرير موجة أخرى من الملاحقات القضائية والمضايقات المسيئة التي تستهدف المنظمات المستقلة والنشطاء الذين يرفضون تقييد منظماتهم بقوانين قاسية تتعارض مع الدستور والحقوق الأساسية".

 

https://www.hrw.org/news/2023/03/16/egypt-end-stranglehold-nongovernmental-groups