أخذوا الوجبات والأقلام ثم أسقطوا مرشح النظام..  والله وعملوها الصحفيون

- ‎فيتقارير

فاز الكاتب الصحفي “خالد البلشي” بمنصب نقيب الصحفيين بفارق ضئيل عن منافسه “الحكومي” خالد ميري، وربما كانت الرسالة التي أراد نظام الانقلاب توصيلها للصحفيين ثم للمصريين عموما أنه لا لزوم أن تقوم “فؤادة” بفتح هويس الديمقراطية المغلق منذ انقلاب 30 يونيو 2013 بل إن “عتريس” بنفسه سيقوم بذلك تدريجيا لكنه يحتاج إلى 100 عام أخرى.

رسائل كثيرة أراد نظام الانقلاب إيصالها كانت تلك إحداها، وهي نجاح “معارض من الداخل” علاوة على أن الانتخابات ذات نفسها جرت بموافقة النظام الموسوم بعداء الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان، حتى إن بعض المراقبين علق بالقول “نجاح البلشي بارقة ضوء للمظلومين والمعتقلين والمستضعفين في مصر” مع ملاحظة أن النقيب الجديد هو رئيس تحرير موقع إخباري محجوب في مصر.

 

الانقلاب يتجمل

قبل نجاح “البلشي” اتخذت حكومة الانقلاب ثلاثة قرارات متتابعة مثيرة للجدل، وذلك بالسماح بعودة ناشط سياسي للقاهرة رغم أنه طالما انتقد سياساتها، والإفراج عن رئيس جهاز رقابي سابق بعد 5 سنوات من الحبس، وإخلاء سبيل رجل أعمال شهير ونجله إثر اعتقال دام نحو عامين.

وفي مفاجأة مثيرة عاد لمصر الناشط السياسي والخبير الهندسي المعارض من الخارج الدكتور ممدوح حمزة -76 عاما- بعد 3 سنوات و4 أشهر من المغادرة إلى لبنان وألمانيا والمملكة المتحدة، على خلفية انتقاده نظام السفاح السيسي عبر “تويتر”.

وذلك قبل أن يجري رفع اسمه من قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول في 9 فبراير الماضي، بعد أن أجلت محكمة مصرية في 21 يناير الماضي إجراءات إعادة محاكمته بتهم نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.

عودة حمزة للقاهرة، مثيرة للجميع وذلك بخاصة أنها تأتي بعد اعتراف حمزة، قبل 20 يوما وتحديدا في 22 يناير الماضي، بأنه أخطأ حين شارك بمظاهرات 30 يونيو 2013، ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي، قبل أن يتراجع عن هذا الندم بل ويتفاخر بأنه كان واحدا من المحرضين على الانقلاب.

وبعد عودة “حمزة” وقبل انتخاب “البلشي”، تم إخلاء سبيل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة -69 عاما- بعد انقضاء فترة محكوميته بالسجن 5 سنوات من محكمة عسكرية بتهمة إذاعة أخبار كاذبة.

واعتقل جنينة، في أبريل 2018، بتهمة إذاعة أخبار كاذبة بعد تصريح للصحفي الذي جرى اعتقاله أيضا، معتز ودنان، عن امتلاك رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، الفريق سامي عنان، لمستندات وصفها بـ”بئر الأسرار”.

جنينة، الذي عينه الرئيس الشهيد محمد مرسي، في سبتمبر 2012، على رأس الجهاز الرقابي، أقاله السيسي، في 28 مارس 2016، إثر تصريح مثير لصحيفة “اليوم السابع” بأن تكلفة الفساد بمصر خلال عام 2015، بلغت 600 مليار جنيه.

وأيضا قبل انتخاب “البلشي” قررت سلطات الانقلاب رفع اسم رجل الأعمال صاحب شركة “جهينة” صفوان ثابت، -76 عاما- من قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، وذلك بعد الإفراج عنه في 22 يناير الماضي هو ونجله سيف -41 عاما- بعد اعتقال دام عامين لكليهما.

وجرى اعتقال ثابت، في ديسمبر 2020، ثم نجله لاحقا بتهم تمويل الإرهاب، فيما أشارت تقارير صحفية وحقوقية إلى مساومات من سلطات الانقلاب لثابت، حول شركته.

 

حريات دي ولا مش حريات؟

اُنتخب مقرر الحريات والمدافع عن حقوق الإنسان في مصر، وأحد أبرز الصحفيين المعارضين المعروفين بتمسكهم بحرية الصحافة، خالد البلشي نقيبا لصحفيي مصر، بعد منافسة محتدمة مع المرشح المدعوم من السلطات رئس تحرير صحيفة “أخبار اليوم” خالد ميري، ما أثار حالة من الجدل بين الأوساط الصحفية والشعبية في البلاد.

وهو رئيس تحرير موقع “درب” الإخباري المحلي التابع لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي المحسوب على المعارضة والمحجوب في مصر، بينما حصل منافسه ميري على 2211 صوتا، وهو الذي كان مدعوما من السلطات وأظهر حشدا واسعا من قبل المؤسسات الحكومية خلال اليوم.

وقد أثار الإعلان عن فوز البلشي حالة من الجدل في مصر، حيث تصدر وسمان باسم “خالد البلشي” ونقيب الصحفيين السابق “ضياء رشوان” قائمة الأكثر تداولا في مصر خلال الساعات الماضية، فيما غرد كثيرون تحت وسم “خالد ميري”.

وشهدت نقابة الصحفيين هتافات مؤيدة لتولي البلشي النقابة، فيما حمله البعض على الأكتاف، مطالبين بحربة الصحافة في مصر، وبإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين في السجون.

والبلشي صحفي مصري وعضو سابق في مجلس إدارة نقابة الصحفيين المصريين، عُرف بانتقاده الصريح للحكومة المصرية ودعوته لحرية الصحافة.

اعتقل البلشي في مايو 2018 مع عدد من الصحفيين الآخرين خلال مداهمة مقر نقابة الصحفيين في القاهرة، واتهمتهم سلطات الانقلاب بـنشر أخبار كاذبة وإيواء هاربين.

وتم الإفراج عن البلشي بكفالة، لكن التهم الموجهة إليه لم تُسقط قط، وتعتبر قضية البلشي رمزا للتحديات التي يواجهها الصحفيون والمدافعون عن حرية الصحافة في مصر، حيث قامت حكومة الانقلاب بقمع المعارضة، وعلى الرغم من هذه التحديات، يواصل البلشي وغيره من الصحفيين العمل على تعزيز حرية التعبير في مصر.

وتحدث الإعلامي الشهير بالتطبيل أحمد موسى، القريب من جهاز المخابرات، عن ماراثون انتخابات الصحفيين، وقال إن المشهد كان به تنافس شريف.

وقال خلال برنامج “على مسئوليتي” المذاع على قناة صدى البلد، مساء السبت، إن “نقابة الصحفيين ليست بيتا للصحفيين فقط، ولكنها بيت لكل المصرين، وهي قلعة وبيت الحريات”.

وأضاف “الانتخابات خلصت إمبارح، واللي عجبني في الموضوع أن الصحفيين بيكونوا وراء ما اختارته الجمعية العمومية، ودي النقابة القوية والصحافة الحرة”.

وأشار إلى أن خالد البلشي نجح في الفوز بمقعد نقيب الصحفيين للمرة الأولى له كمرشح، قائلا “البلشي ليس رئيس تحرير لمؤسسة صحفية قومية، أو يعمل في مؤسسة قومية، وكمان هو معارض للرئيس السيسي، وليس مع الدولة، خالد معارض” وقال “الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، قالت كلمتها أمس”.