كارثة تهدد المصريين بالعطش.. إعلان إثيوبيا اكتمال بناء 90% من سد الخراب

- ‎فيتقارير

يأتي إعلان أثيوبيا، يوم الجمعة الماضية، اكتمال 90% من أعمال بناء سد النهضة ليصدم المصريين بأنه خلال عام أو أقل لن يصل مصر بحسابات هندسية وجغرافية متخصصة، سوى نحو 1 إلى 20 مليار متر مكعب، لا تكفي سوى حاجة مياه الشرب فقط، دون أن تتوفر المياه للزراعة أو الصناعة، رغم تطمينات السيسي الكاذبة بأن الأمور تحت السيطرة وأن "العفي محدش يأكل أكله" وغيرها من التطمينات الوهمية لامتصاص غضب الشعب، الذي سيدفع الثمن من قوته ومستقبله، فيما النظام العسكري يخزن الأسلحة ليستخدمها ضد شعبه لقمعه إن لزم الأمر كما فعل سابقا في ميادين وشوارع مصر منذ 2013.

وقالت فقرتي تامرو نائبة رئيس مجلس منسقية مشروع سد النهضة  إن "السد واجه تحديات وضغوطا دبلوماسية وحربا داخلية، ومع ذلك تمكن الإثيوبيون من إنجاز هذا المشروع، وأعلن المجلس عن احتفالية بمناسبة الذكرى الـ12 لوضع حجر الأساس للسد".

 

تحذيرات السيسي فشنك

وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من تحذير مصر من الأخطار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتحركات الأحادية على أحواض الأنهار المشتركة، في إشارة إلى سد النهضة.

وقال وزير الري بحكومة السيسي، هاني سويلم في كلمة بمقر الأمم المتحدة في نيويورك إن "عملية البناء والملء والشروع في تشغيل سد النهضة تستمر من جانب أحادي بما يشكل خرقا للقانون الدولي، ويمكن أن تشكل خطرا وجوديا وكارثيا على نحو 150 مليون شخص".

كما زعم وزير الخارجية بحكومة الانقلاب سامح شكري، في تصريح سابق، أن كل الخيارات والبدائل متاحة أمام مصر للدفاع عن مقدراتها ومصالح شعبها.

وشدد على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لتشغيل السد الإثيوبي وملئه.

وقد رفضت الخارجية الإثيوبية التهديدات المنسوبة للمسؤول المصري، ووصفتها بأنها غير مسؤولة.

وقالت الوزارة، في بيان، إن "تصريحات شكري تشكل خرقا صارخا لميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، مجددة الدعوة إلى حل بشأن السد عبر التفاوض، ومؤكدة التزامها بتسوية في مصلحة الجميع".

ومع اكتمال بناء 90% من السد من المقرر أن تستكمل إثيوبيا الملء الرابع للسد، خلال بدايات الصيف المقبل، بعد نحو شهرين، ليرتفع حجم المياه في السد وبحيرة السرج لنحو 48 مليار متر مكعب، ليحرم مصر من نحو 31 مليار متر مكعب جديدة، ستؤثر سلبا على مصر وبحيرة السد العالي بنسبة كبيرة مع صيف 2024، حيث ستبدأ مصر في الاعتماد على بحيرة السد العالي، التي ستؤثر بلا شك على إنتاج الكهرباء. 

 

تفاقم الأزمة الاقتصادية

وفي خضم الأزمات الاقتصادية التي تعيشها مصر وتهدد استقرارها الاجتماعي والأمني وتنذر بالجوع، لا تغيب أزمة المياه عن المشهد، من ندرة المياه، ما يجعل من تلك الأزمة قنبلة موقوتة تنذر بالعطش.

ووفق وزارة الري فأن نصيب الفرد لا يتجاوز 560 مترا مكعبا فقط، مع توقعات بوصوله إلى 366 مترا مكعبا بحلول عام 2050.

 

في غضون ذلك، تستعد إثيوبيا لبدء الملء الرابع لسد النهضة، وتخزين نحو 20 مليار متر مكعب من المياه خلف السد، حيث انتهت العام الماضي من تخزين 22 مليار متر مكعب بعد إنجاز المرحلة الثالثة من ملء خزان السد، الذي تبلغ سعته نحو 74 مليار متر مكعب من المياه.

 

ويقع سد النهضة على النيل الأزرق، المصدر الرئيسي لمياه نهر النيل الذي ينبع من الهضبة الإثيوبية.

 

وفي 23 مارس 2015، وقع السيسي، على اتفاقية إعلان المبادئ، التي تعترف مصر بموجبها بحق إثيوبيا الشرعي في بناء سد النهضة مقابل تعهد أديس أبابا بإشراك القاهرة في إدارتها للسد، وهو ما لم يحدث لاحقا.

 

وأقر السيسي في أكثر من مناسبة أن مصر من أكثر الدول جفافا في العالم بأقل معدل لهطول الأمطار بين سائر الدول، ما يوجب الاعتماد على النيل بشكل حصري، وتسبب ذلك في اقتراب مصر من بلوغ مرحلة الفقر المائي؛ حيث نصيب الفرد في مصر من المياه لا يتجاوز 560 مترا مكعبا سنويا.

 

ووفق سياسيين وخبراء مياه، فإن "نظام الانقلاب المصري الحالي يتحمل مسؤولية الفشل في إدارة ملف المياه منذ ثورة 25 يناير، حيث كان المجلس العسكري هو من يقوم بإدارة شؤون البلاد لمدة عام ونصف، دون أن يتخذ خطوة إيجابية لمناقشة قضية سد النهضة مع إثيوبيا والسودان، ومن ثم القيام بانقلاب عسكري بعد عام من أول انتخابات رئاسية، وإدخال البلاد في فترة اضطرابات وعدم استقرار اقتصادي وسياسي؛ وبالتالي تجاهل ملف المياه".

وفي خضم الأزمة الاقتصادية والسياسية التي كان يمر بها النظام في مصر، قام السيسي بالتوقيع على إعلان مبادئ سد النهضة دون الرجوع إلى الشعب؛ وبالتالي كل ما ترتب عليه من آثار بالتبعية باطل وفقا لأحكام المادتين 151 و156 من الدستور المصري، اللتين لا تجيزان له توقيع أي اتفاقية تخالف أحكامه.

يشار إلى أن مصر والسودان وإثيوبيا  

يقتسمون النيل حاليا وفقا لاتفاق وقع عام 1929 بين مصر وبريطانيا، وفي عام 1959 تمت مراجعة الاتفاق، وبلغت حصة مصر بموجبه 55.5 مليار متر مكعب سنويا، بينما بلغ نصيب السودان 18.5 مليار متر مكعب من مياه النيل البالغة 84 مليار متر مكعب سنويا، أي أن البلدين يحصلان على حوالي 87 % من مياه النيل.

 

تقدر موارد مصر المائية بحوالي 60 مليار متر مكعب سنويا من المياه، يأتي معظمها من نهر النيل، بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري، وفق إحصائيات رسمية نشرها الموقع الرسمي لهيئة الاستعلامات المصرية.

في المقابل، يصل إجمالي احتياجات مصر المائية إلى حوالي 114 مليار متر مكعب سنويا من المياه، بعجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب سنويا، ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه، واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو 34 مليار متر مكعب سنويا، وفق بيانات رسمية.

ومع فشل مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، سعت مصر إلى إيجاد بدائل مثل ترشيد الاستهلاك زراعيا وصناعيا، والاتجاه إلى تحلية مياه الصرف الزراعي والصحي، ضمن ما يسمى الخطة القومية للمياه حتى 2037، تلك الخطة تكلف وفق وزارة الري المصرية نحو 50 مليار دولار.

 

مخاطر كبيرة 

ويتوقع أستاذ السدود والخبير المائي العالمي، د.محمد حافظ، أن "تنتهي إثيوبيا من بناء السد نهاية العام المقبل، وعند هذا التوقيت سوف تظهر بقوة آثار السد على حصص مصر والسودان من المياه، والتي سوف تنخفض إلى مستويات تهدد المصريين".