عقب قرار رفع سعر الفائدة بنسبة 2% توقع عدد من الخبراء اتجاه البنك المركزي نحو خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار مجددا بزعم مواجهة السوق السوداء التي وصل سعر الدولار فيها إلى مستوى الـ 38 جنيها.
وقال الخبراء إن "الخفض الجديد للجنيه سوف يؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار لمختلف السلع والمنتجات، وهو ما سيتحمله في النهاية المواطن المصري الغلبان".
كان بنك سيتي جروب، قد أكد أن الوقت الحالي قد لا يسعف حكومة الانقلاب، إذ تواجه طلبا مكبوتا متناميا على الدولار، الذي لن يتراجع دون تحلي العملة بالمزيد من المرونة وزيادة التدفقات الاستثمارية.
وقال سيتي جروب إن "أنصاف الحلول التي تلجأ إليها حكومة الانقلاب لم تكن كافية، إذ تعطلت الصفقات ونتج عنها أداء ضعيف للسندات المصرية".
فيما توقع جولدن مان ساكس نطاقا سعريا بين 33 و34 جنيها في التحريك المرتقب للجنيه في ظل التضخم المتسارع الذي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 40.3% خلال فبراير الماضي، وهو ما يزيد من الضغوط على العملة ونقص السيولة الدولارية.
السوق السوداء
في هذا السياق كشفت مصادر بالبنك المركزىي أن نقص المعروض من العملة الأجنبية تسبب في عودة السوق السوداء للدولار مع تراجع البنوك في تدبير العملة للمستوردين في ظل تراجع الأموال الساخنة واستثمارات الأجانب في أدوات الدين العام الفترة الأخيرة متوقعة هبوط الذهب عالميا وتراجع مؤشر الدولار بعد رفع سعر الفائدة الأمريكية.
وأكدت المصادر أن الدولار صعد إلى مستوى 38 جنيها في السوق السوداء، مشيرة إلى أن نقص توافر العملة الأمريكية دفع حائزي الدولار لمزيد من التمسك به.
وأشارت إلى أن التزامات مصر الخارجية تتراوح بين 2.5 و3 مليارات دولار ستدفع نحو تحريك سعر الجنيه مقابل الدولار لاجتذاب حائزي العملة الأجنبية، وزيادة تحويلات المصريين بالخارج من خلال استهدافهم بأوعية ادخارية مغرية.
نقص العرض
وحول مستقبل الجنيه في ظل التدهور الاقتصادي الذي تشهده مصر في زمن الانقلاب قالت الخبيرة المصرفية الدكتورة سهر الدماطي إن "التوقعات تشير إلى خفض قيمة الجنيه الفترة المقبلة في ظل نقص العرض من العملات الأجنبية خاصة عقب رفع البنك المركزي لسعر الفائدة".
وقالت د. سهر الدماطي في تصريحات صحفية إن لجوء الفيدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة سيدفع نحو خروج الاستثمارات الأجنبية من مصر الأمر الذي يتوقع معه مزيد من الإجراءات من جانب البنك المركزي برفع سعر الفائدة وخفض سعر الجنيه مقابل الدولار.
البنك المركزي
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة إن "اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي أسفر عن رفع سعر الفائدة، نظرا لزياد معدلات التضخم".
وأضاف بدرة في تصريحات صحفية، أن البنك الفيدرالي الأمريكي منذ عدة أيام رفع سعر الفائدة، كما أن مؤشرات التضخم في العالم كله ارتفعت ومصر من الدول النامية التي تواجه ظروفا إقتصادية صعبة.
وأوضح أن هناك تقديرا للجنيه بأرقام مبالغ فيها داخل السوق السوداء بصورة يومية، ولا يوجد ظهور واضح ومدقق للجنيه من الجهات المعنية.
وأشار بدرة إلى أن تداعيات إفلاس عدد من البنوك الأمريكية تنعكس على العالم، موضحا أن رفع البنك المركزي سعر الفائدة لن يؤثر على التضخم لأن الدولار هو من يتحكم في التضخم.
وطالب بضرورة تشجيع الاستثمار الداخلي خاصة أن رفع سعر الفائدة ينعكس على زيادة الدين، مؤكدا أن أمريكا تسير في مسارها وآخذة اقتصاد العالم لحافة الهاوية.
زيادة الطلب
وتوقع الخبير الاقتصادي سيد خضر أن يستمر ارتفاع الدولار إلى أن يصل إلى مستوى أعلى من الـ 37 جنيها، موضحا أن هذا الارتفاع في الوقت الحالي يرجع إلى زيادة الطلب على الدولار في السوق المصرية وفي ظل تهافت المواطنين على شراء الدولار بهدف تخزينه كاستثمار.
وقال خضر في تصريحات صحفية إن "البنك المركزي بدأ في إجراءات التحوط في محاولة لإنقاذ الجنيه المصري الفترة المقبلة، وفي ظل طرح الشهادات الادخارية بهدف جمع السيولة النقدية من الأسواق ومكافحة التضخم سيستمر الدولار في الارتفاع نتيجة لشروط صندوق النقد الدولي".
وأشار إلى أن حكومة الانقلاب تعمل على رفع الدعم على المحروقات والسلع الغذائية بسبب ارتفاعها العالمي، فيما اتبعت حكومة الانقلاب سياسة سعر الصرف في عام 2016 (التعويم)، والتي تعد أحد أهم شروط صندوق النقد الدولي وهو رفع سعر الصرف.
ودائع المواطنين
وأكد علاء السيد استشاري التمويل وتطوير المشروعات أننا في مصر على مقربة من نموذج لبنان، مشيرا إلى أن دولة العسكر تسطو فعليا على ودائع المواطنين من خلال الاقتراض المحلي الحكومي عدة مرات في الأسبوع المصرفي غير القانوني من البنوك المصرية وبذلك تمنع المودعين من استرداد أموالهم وودائعهم في البنوك بالمبالغ التي يريدونها، بهدف سد عجز الموازنة العامة لدولة العسكر وسداد الديون المحلية والخارجية.
وقال السيد في تصريحات صحفية إن "ذلك يأتي اعتمادا على ديون جديدة على شكل أذون خزانة أو صكوك أو سندات حكومية سواء بالدولار أو بالجنيه، وهذ ما أوصل العجز بالبنوك لنحو 20 مليار دولار".
وطالب بضرورة توجيه ودائع المواطنين لتمويل مشروعات القطاع الخاص، ومشروعات شركات قطاع الأعمال العام، بما يوفر فرص عمل ويدعم الصناعات المختلفة والصادرات والزراعة والخدمات، ويدعم الناتج المحلي؛ محذرا دولة العسكر من مواصلة السطو على هذه الودائع كما فعلت بأموال التأمينات والمعاشات وغيرها، لإنقاذ السيولة التي في يد حكومة الانقلاب وسداد ديونها وعجز موازنتها على حساب المواطنين .
وحذر السيد المواطنين من الاحتفاظ بأموالهم بالبنوك التي يتحكم فيها السيسي بشكل مباشر بعد أن أفسد قانون البنك المركزي وأخضعه لسلطاته ليتصرف شخصيا وبشكل منفرد في ودائع الشعب المصري وكذلك في مدخراته، وأصوله المالية، ويتحكم بالسيولة النقدية للبلاد، ويوجهها كما يشاء، لا كما يحتاج أصحابها، ولا بما يخدم مصالح الاقتصاد، ودون مراعاة لمصالح البنوك نفسها، وسمعة الجهاز المصرفي الذي أصبح غير مؤتمن على أموال الشعب .