خبراء: تقارير “ستاندرد بورز” و”موديز” تدفع مصر لمرحلة أشد قتامة

- ‎فيتقارير

 

ربط خبراء بين ارتفاع أسعار السندات المصرية التي تصدرها البنوك في محاولة لإقراض الحكومة، بعدما جاءت تقارير دولية من المؤسسات المالية العالمية تحذر من عدم قدرة مصر على تسديد ديونها.

وقال الخبير الاقتصادي د.إبراهيم نوار  إن: "تكلفة التأمين على المخاطر للسندات المصرية تقفز إلى  1707.13 نقطة أساس أي حوالي  17.07%  وارتفاع احتمال التعثر وعدم السداد إلى  أكثر من 28% ".

وأوضح أن ذلك يرتبط بـ "ستاندرد آند بورز التي خفضت التصنيف الائتماني لمصر من b مستقر إلى سلبي، هذا يعني موجة جديدة من انخفاض أسعار السندات المصرية، وهو ما يبرر للبنوك طلب سعر فائدة أعلى لإقراض الحكومة، كما يعني انصراف المستثمرين عنها لانخفاض العائد وارتفاع تكلفة التأمين ضد المخاطر".

اتخذت وكالة “ستاندر آند بورز” (S&P) موقفا أكثر تشاؤما من صندوق النقد الدولي بشأن الأوضاع المالية في مصر، متوقعة انخفاضا إضافيا في قيمة الجنيه، بموازاة خفض النظرة المستقبلية للبلاد إلى سلبية.
ورغم توقعها تدفقات داخلة كافية لتغطية عجز الحساب الجاري في مصر حتى السنة المالية 2026، تُقدِّر وكالة التصنيف الائتماني بلوغ متوسط احتياطيات البنك المركزي الإجمالية حوالي 32 مليار دولار خلال تلك الفترة، بما يناهز نصف المستوى الذي يراه صندوق النقد.

على الحافة
وأضاف د. محمود وهبة الأكاديمي الاقنصادي الذي يعيش في الولايات المتحدة تحت عنوان "على الحافة" أن وكالة موديز في فبراير الماضي خفضت التصنيف الائتماني لمصر من B2 إلى B3 وعدلت النظرة المستقبلية من سلبي إلى مستقر، مقابل أن وكالة التصنيف الائتماني ستاندارد آند بورز بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر إلى B/B وبنظرة مستقبلية سالبة.

واعتبر أن ذلك يضع اقتصاد مصر على الحافة، وأضاف أن ذلك سيعقد عملية الاقتراض وسيرفع سعر الفائدة للاقتراض، وقد يعقد عملية بيع الأصول لدول الخليج حسب درجة جشعهم.
وأضافت أن الحكومة عاجزة عن التفكير في حل  وتكاد تسمع صوت الخواء والصمت.

وأشارت إلى حلول منها (وحدة الاقتصاد) و(وحدة الميزانية) في إشارة لتداخل ابتدعه العسكر لاستنزاف مصر لجيوب شخصية وقال "في مصر الميزانية لعشرات الميزانيات".

على أعتاب مرحلة صعبة

وقال الباحث فتحي الجزار إن:  "تقرير ستاندارد اند بورز يعني أننا على أعتاب مرحلة صعبة جدا، مع بقاء حاجتنا الماسة لتمويل الفجوة التمويلية البالغة ما بين ١٧ إلى ٢٠ مليار دولار سنويا".

وأضاف أن تلك الخطوة ستجفف منابع الاقراض في النهاية وستجعل الشروط قاسية جدا ومجحفة حاليا حال الاقتراض وستجعل الاستثمار الأجنبي يحجم أو يتقلص لارتفاع نسبة عوائدهم المطلوبة اتساقا مع المخاطر التي ارتفعت.

وأشارت إلى أن ذاك وحده سيعقد المشكلة أكثر وسيضع المفاوض المصري في وضع ليس جيدا حال التفاوض على بيع أصول لمستثمر استراتيجي كأحد الحلول المطروحة لتخفيف الضغط.

وأضاف ، الوضع لا يسير بمنتهى الصراحة في مسار مطمئن اقتصاديا ، وعن دفاعه السابق عن السياسات الاقتصادية قال: "أنا عارف ربما من كان يتابعني يجد صعوبة في التوفيق بين كلامي الآن وكلامي من أكثر من سنة ، كلامي السابق كان أن ديوننا كنسبة من الناتج القومي مش خطيرة ، ولا زلنا كذلك ولكن المشكلة في ضعف أو انعدام قدرتنا على تدبير موارد دولارية لخدمة الدين، وتلك نقطة كنت أحسب سابقا وافترض أنها محل اعتبار جدي من صانعي السياسات ومؤمنة".

دلالات وانعكاسات

وأضاف الباحث حمادة صلاح يوسف على فيسبوك أن "تصنيف هذه الوكالة هو بمثابة شهادة بشأن الوضع المالي للدولة أو المؤسسة المقترضة،  وبناء على هذه الشهادة يتم تحديد الفائدة التي تقترض بها الدول أو المؤسسات من الجهات المقرضة، كلما كانت درجة مخاطر عدم الدفع مرتفعة، كلما زادت الفوائد علي القروض.".

وأوضح أن وكالة ستاندرد آند بورز (S & P) خفضت تصنيف مصر منذ يوليو 2022 من B  مستقر إلى سلبي، ويرجع ذلك للأسباب التالية:
– احتياج الحكومة المصرية لحوالي 20 مليار دولار خلال العام المالي الحالي (2023/ 2024) لسداد أقساط الديون وفوائدها، مقارنة ب 17 مليار دولار في العام السابق 2022 والتي حصلتها الحكومة المصرية في جزء منها عن طريق بيع أصول لمستثمرين عرب من المتوقع أن تصل إلى 2.5  مليار دولار في يونية 2023 .
– أكثر من خمسي إيرادات الدولة  (40 %من إجمالي إيرادات) توجه لسداد فوائد الديون، وذلك وفقا وكالة استاندرد اند بورز معظم هذه الإيرادات تخدم الدين المحلي بدلا من الالتزامات الجارية.
– وجود نشاط مضاربة عالي على سعر الدولار في مصر، حيث يوجد سعرين للدولار ( سعر رسمي 31 جنيها في المتوسط ، وسعر في السوق السوداء في المتوسط يبلغ 36 جنيها تقريبا  ، كما أن سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الآجلة ببورصة لندن بلغ 44 جنيها، وهو ما يجعل الضغط على طلب  الدولار مرتفعا .
– أدى وجود سعرين للدولار إلى انخفاض تحويلات  العاملين في الخارج إلى ٦.٢ مليار دولار خلال الربع الأول من من العام المالي 2022/2023، مقابل 8.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2021/2021 ، والتي بلغت العام الماضي نحو 33 مليار دولار ، حيث يفضل العاملون في الخارج بيع الدولار ب36 جنيها في السوق السوداء بدلا من 31 جنيها في السوق الرسمي .
– وجود مناخ عام سلبي حول الاقتصاد المصري يزيد من المضاربة على الدولار مقابل انخفاض الجنيه المصري.  

آثار تخفيض تصنيف مصر

وعن آثار التخفيض، فإن آثار تخفيض التصنيف ستكون السندات المصرية الدولية ذات جودة منخفضة، مما يرفع من سعر الفائدة عليها بشكل كبير والتي وصلت الآن حوالي 11 % تحت مسمى الصكوك السيادية  الإسلامية، والتي بيعت في سوق لندن بنحو 1.5 مليار دولار في  فبرير 2023.

وأوضحت أن سعر الفائدة هذا من أعلى معدلات الفائدة في العالم على السندات الدولارية، وبالتالي متوقع بعد هذا الإعلان من إستاندر أند بورز ارتفاع أكبر في الفائدة على السندات المصرية المقومة بالدولار، وهو ما يضيف مزيدا من أعباء الدين المصري الخارجي.

وقال: "مع ضعف القدرة على تسديد الديون الخارجية عن طريق الاقتراض الخارجي سيصبح  حتما من تخفيض أكثر في الجنيه المصري مقابل الدولار ، وسيكون التخفيض في هذه المرة كبير جدا حتى يتم القضاء على السوق السوداء والقضاء علي السوق السوداء في مصر" مستعرضا بعض الأدوات للحل .