يأتي إعلان رجل الأعمال ومؤسس شركة أوراسكوم وأحد أثرى رجال أعمال مصر والعالم عن قراره، مساء الثلاثاء، بوقف استثماراته بمصر، ليمثل أقسى رسالة للنظام المصري الذي أفسد الاقتصاد وحقق فشلا ذريعا على كافة المسستويات، وساعد على هروب الاستثمارات من مصر بصورة متسارعة.
واشتكى سميح من مناخ الاستثمار في مصر، كاشفا عن نيته نقل استثماراته لدول مجاورة.
وكان ساويرس قد أدلى بتصريحات عن مناخ الاستثمار، أثناء لقاء متلفز لقناتي "العربية" و"سي إن بي سي عربية"، وانتشرت بقوة عبر حساباتهما على مواقع التواصل وأعاد المغردون نشرها، أكد فيها الصعوبات التي يلاقيها المستثمرون في مصر.
تفاقم أزمة نقص الدولار والتضخم
وتسود أجواء سوداوية بمصر مع تفاقم أزمة نقص الدولار والتضخم وسط توقعات المؤسسات الدولية والبنوك العالمية بمزيد من الانهيار الاقتصادي بمصر، على خلفية سيطرة الجيش على المشاريع الاقتصدية وإصرار السيسي على نهجه الاقتصادي بالتوسع في إنفاق اموال مصر على مشاريع فنكوشية كبيرة بلا عائد اقتصادي أو جدوى اقتصادية.
واعتبر مراقبون وخبراء قرار سميح ساويرس ضربة قوية للاقتصاد المصري ، وعلى النظام تدارك أسبابه وسرعة اتخاذ قرارات وسياسات لطمأنة المستثمرين، وجذب استثمارات جديدة لمصر، ووثق مسلسل الخراب الاقتصادي.
فيما حذر الكاتب والخبير السياسي عمار علي حسن من الأمر، قائلا :"كلام سميح ساويرس عن رفضه الاستثمار في مصر الآن خطير جدا، إذا كان هذا حال رجال أعمال نبت مسارهم في كنف الدولة، فما بالنا بغيرهم؟ الاستثمار يهرب، ونصيب القطاع الخاص من الاقتصاد انحدر إلى الخمس، والذين استحوذوا على أغلب الأشياء يبيعونها، ولأنه لا يوجد من يشتري، وصلوا لطريق مسدودة".
صندوق أبوظبي السيادي
وقبل أيام، جمَّد صندوق أبوظبي السيادي (القابضة إيه دي كيو)، أداة الاستثمار الإماراتية الرئيسية في مصر، مشاريعه الاستثمارية داخل البلاد، بحسب ما نقلت "فاينانشال تايمز" عن مصرفي مطلع، بعد أن أنفق العام الماضي نحو 4 مليارات دولار للاستحواذ على حصص أقلية في شركات مصرية.
وقال المصدر إنه "ليست هناك شهية لأي استثمارات جوهرية في الوقت الراهن"؛
وهو القرار الذي اتخذته كلا من السعودية وقطر في وقت سابق، على إثر مطالبتهما بإصلاح اقتصادي بمصر قبل ضخ استثمارات مالية.
فيما تعاني مصر من نقص حاد في العملة الأجنبية، بجانب فجوة تمويل قدرتها وكالة "ستاندرد أند بورز" بنحو 37 مليار دولار من التمويلات الخارجية حتى يونيو 2024.
انهيار بيئة الاستثمار وهروب المستثمرين
ومع انهيار بيئة الاستثمار وهروب المستثمرين من مصر، لافتقادهم القدرة على منافسة شركات الجيش التي لا تدفع ضرائب ولا أجورا ورواتب للمجندين ولا ضرائب وجمارك، لم يعد أمام السيسي الكثير من الحلول الأخرى بخلاف بيع الأصول لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في ظل قلق المستثمرين الأجانب وتواصل انكماش القطاع الخاص نتيجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة بدون الاستثمارات المباشرة من دول الخليج، وتدفقات التمويل الخليجية الأخرى، سيكون على مصر اللجوء إلى السحب من الاحتياطي النقدي المحدود.
ويوم الجمعة قبل الماضي، خفضت وكالة "ستاندرد أند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني وخدمات المستثمرين نظرتها المستقبلية للديون المصرية من مستقرة إلى سلبية، محذرة من مخاطر عدم القدرة على تلبية احتياجات البلاد التمويلية الخارجية إذا لم تنفذ الإصلاحات الاقتصادية المرتبطة ببرنامج قرض صندوق النقد الدولي. وتعكس التوقعات المتشائمة، بحسب الوكالة، مخاطر أن تكون السياسات التي تنفذها السلطات المصرية غير كافية لتحقيق استقرار سعر الصرف وجذب تدفقات العملة الأجنبية اللازمة لتلبية احتياجات التمويل الخارجية.
ومع استمرار سياسات ونهج السيسي العسكري والذي يوسع من سيطرة العسكر على مفاصل الدولة والاقتصاد، فإن مزيدا من الخراب وهجرة الاستثمارات من مصر سيكون أقل ما يمكن توقعه من أزمات مستقبلية.