عضو “فيدرالية مسلمي فرنسا” السلطات تحاصر المسلمين بمغالطات متعمدة وتحظر “الإخوان” عمليا

- ‎فيعربي ودولي

كشف “مخلوف مامش” عضو فيدرالية مسلمي فرنسا “اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا سابقا” أن الحكومة الفرنسية جمدت أرصدة مجموعة من صناديق الهبات التي جرى فتحها سابقا وفقا للقانون، وهي صناديق لا تدفع عنها ضرائب وتتمتع بامتيازات، وقد لجأت إليها مجموعة من الجمعيات العامة، ليست الإسلامية فقط، لأنها مفتوحة حتى لعامة المواطنين.

جاءت الخطوة الأخيرة عقب تصريح وزير الداخلية الفرنسي “جيرالد دارمنان” الذي ادعى فيه أن الإسلام السني هو الأخطر على فرنسا وأوروبا وفي اليوم التالي للتقرير الذي نشرته صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية الرسمية عن تجميد تمويل جمعيات تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في فرنسا بقيمة 25 مليون يورو.  

عناوين فضفاضة

واستاء “مامش” في حوار له مع موقع صحيفة “الخليج الجديد” مما نشرته صحيفة “لفيجارو” الفرنسية من أن السلطات الفرنسية تلاحق تمويلات الإخوان، مشددا على أن هذه مغالطات متعمدة لضرب أي عمل، فقد صرّح القائمون على تلك الجمعيات مرارا بأنه ليست لهم علاقة بتنظيم الإخوان.

واستدرك “لكن لا أظن أن الأموال التي جرى مصادرتها تبلغ 25 مليون يورو، كما قالت لفيجارو، فهذا رقم مبالغ فيه كثيرا، وربما كانت الصحيفة تقصد كل صناديق الهبات الخاصة بالمسلمين وغيرهم”.

 

ولفت إلى أنه قبل أيام، نقلت “لفيجارو” عن مصادر أمنية لم تسمها قولها إن “السلطات تحقق في مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين بفرنسا، واعتبرت السلطات الأمنية أن حوالي 20 صندوق هبات خاص تمارس أنشطة تمويل مشبوهة، وأطلق وزير الداخلية جيرالد دارمانا تحقيقا موسعا بشأنها منذ خريف 2021” وفقا للصحيفة.

وأوضح “مامش” أنه “بكل أسف أي حركة أو جمعية إسلامية تعمل وفق القانون مع المجتمع المدني وتقدم خدمات وتكون قريبة من المصلحة العامة، يتم تصنيفها بأنها تابعة للإخوان المسلمين أو ما يُسمى بالإسلام السياسي، رغم أنها ليست لها علاقة بالإخوان والإسلام السياسي، فهناك مخطط  لشيطنة الجمعيات الإسلامية الناشطة في الساحة”.

وقال: “شهدنا حملات إعلامية وسياسية شرسة لضرب وشيطنة جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي، بل والمسلمين عموما، ونجحت إلى حد كبير في تشويه الإسلام المعتدل، خاصة من قِبل وسائل الإعلام التابعة لليمين المتطرف الذي دائما ما يسلط الأضواء
ويروّج الأكاذيب بحق الإخوان والحركات التي تسير في فلك فكر الجماعة”.

تصنيف الإخوان

وعن احتمال تصنيف جماعة الإخوان كحركة إرهابية في فرنسا، بحسب ما تردده وسائل الإعلام الفرنسية، أشار “مامش” إلى أنه لم يسمع بذلك، مستدركا “بغض النظر عن التصنيف الرسمي، هناك تصنيف إعلامي وسياسي يعتبر الإخوان منظمة إرهابية”.

وأكد أن “الإخوان” في فرنسا محظورة الآن على أرض الواقع، ويتم شيطنتها بدرجة كبيرة من السياسيين والإعلاميين والإداريين المسؤولين، ولا أدري الآن ما الذي سيتغير إذا صدر حكم رسمي بتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية؛ فلم يبق شيء كي يفعلوه”.

وعلى كل حال، أشار “مامش” إلى أن “الحركة الإسلامية في فرنسا وأوروبا عموما تقول إنها “ليست لها علاقة تنظيمية بتنظيم الإخوان العالمي، وإنما هي حركة إسلامية في أوروبا، حتى سمّت نفسها بـمسلمي فرنسا ومسلمي أوروبا، لأنها تستمد مصداقيتها من القوانين الفرنسية والأوروبية وتخدم المصالح الوطنية بالدرجة الأولى”.

 

وختم بأن علاقة الحركة الإسلامية الأوروبية مع المنظمات الإسلامية الأخرى تبقى علاقات شكلية، ربما يكون هناك تعاون وشراكة في مشاريع معينة  مثلا، لكنها لا ترقى مطلقا إلى مستوى علاقات تنظيمية كما يسميها البعض”.

الإسلام السياسي في فرنسا

واعتبر “مامش” أن “قضية الإسلام السياسي في فرنسا أكذوبة كبرى، حتى ينفّروا المجتمع الفرنسي منه، لا يوجد إسلام سياسي يريد الوصول إلى السلطة، فوفقا للقوانين المحلية مَن يريد الوصول للسلطة عليه أن ينشئ حزبا سياسيا.

وأكمل، “لكنهم حاليا ينسبون أي عمل تقوم به جمعية أو مركز إسلامي للإسلام السياسي، فمثلا يعتبرون توزيع وجبات مجانية أو تنظيم دروس للتقوية أو صلاة العيد في قاعات كبيرة أعمال للإسلام السياسي بزعم الرغبة في الوصول إلى السلطة أو أسلمة فرنسا”، مبينا أن “الأوضاع الحالية للمسلمين في فرنسا باتت صعبة ومعقدة جدا، فكل شيء يلفقونه بالإسلام السياسي، حتى السياسي اليوم لا يقترب من هذه الجمعيات المنعوتة بالإسلام السياسي حتى يحافظ على منصبه إلا مَن رحم الله”.

أرقام مبالغ فيها

وأضاف عضو “الفيدرالية الفرنسية”، الثلاثاء 23 مايو 2023، أن أربعة صناديق هبات حتى الآن جرى تجميدها وملاحقتها مؤخرا على أساس أنها لم تحترم الشروط الخاصة بصناديق الهبات ، مؤكدا أنه إذا كان هناك خطأ ما ربما يعود إلى بداية تنفيذ المشروع وتسييره حسب القانون، في إشارة للأخطاء الإدارية وليست ذات الصلة بالمحتوى الذي تقدمه هذه الصناديق.

حيث قال إن “الصناديق التي جرى تجميدها هي صندوق مدرسة الكندي بمدينة ليون وصندوق المنتدى الأوربي للمرأة المسلمة في باريس وصندوق الوقف الإسلامي بباريس، وهو تابع لفيدرالية مسلمي فرنسا، وصندوق المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس، وهذا التجميد مؤقت لحين البت في شأنها، وتلك الإجراءات تمت بدون سابق إنذار”.

وشدد القيادي المسلم بالجمعية الفرنسية المركزية على أن بعض المساجد في فرنسا تعاني من الملاحقة والحصار حاليا، وبينها مسجد المركز الإسلامي بمدينة فيلنوف داسك، وهو عضو بفيدرالية مسلمي فرنسا، وعينت محكمة  إداريا لتولي شؤونه الإدارية والمالية لمدة سنة.

وأردف أن الفريق الذي كان يسيّر المسجد أحيل إلى القضاء، وهم ممنوعون حتى من إسداء خدمات للمسجد حتى يتم الحكم القضائي في فبراير 2024 قائلا: “لم نعهد مثل تلك الإجراءات من قبل، خاصة وأن هذا المسجد كبير وبُني بأموال المسلمين”.

أوضاع صعبة
وكشف مؤسس أول مدرسة ثانوية للمسلمين في فرنسا (ابن رشد الثانوية) دعوته الله سبحانه وتعالى أن تمر هذه الفترة وتلك الإجراءات بسلام، وألا تتصاعد الأوضاع أكثر خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تطبيق قانون الانفصالية بشكل عملي خلال العام الجاري، الأئمة والخطباء أصبحوا لا يستطيعون قول كل شيء، لأنهم يدركون جيدا أنهم يخضعون لرقابة مشددة وأن أي تصريح خارج الإطار سيدفع صاحبه الثمن غاليا”.

وأوضح أن “والي المنطقة له الحق الآن في أن يُسفّر (إلى بلده الأصلي) مَن يريد بسرعة متناهية في أي وقت بدون الرجوع إلى المحكمة، ويستطيع غلق أي مدرسة مباشرة دون قرار قضائي، يجري تنفيذ القرار الإداري أولا ثم ينظر فيه القضاء، وهذه الأمور جديدة تماما ونتيجة لقانون الانفصالية.
 

اجلسوا معنا
ويبدو أن المواقف المسبقة التجهيز، عنوان عريض لما يدور بحق المسلمين في فرنسا حيث دعا “مامش” السلطات إلى التواصل مع قيادات العمل قبل أن تصل الأمور لهذه النتيجة المؤسفة، على حد قوله.

وأضاف “إن كانت هناك أخطاء ما تتم الإشارة إليها ثم يجري تصحيحها بطريقة شفافة وذكية ومقبولة، لكن في الآونة الأخيرة لا يوجد أي حوار، وإنما رقابة مباشرة وإجراءات مباشرة دون أي تمهيد أو إخطار، يتم سجن أو طرد المسؤول”.

تمويل من الداخل فقط

وأكد “مامش” أن “مسلمي فرنسا الآن يعتمدون على التمويل من الداخل، ولذلك أقاموا مؤسسات وشركات خاصة، وكثير من المساجد عندها وقف حتى تستطيع أن تُموّل احتياجات المراكز الإسلامية، وأصبح تمويل المساجد والمراكز الإسلامية يُشكّل تحديا كبيرا في ظل الإجراءات المشددة”.

وأوضح أنه  “منذ نحو 6 سنوات انقطعت تماما المعونة التي كانت تستفيد منها الجمعيات الإسلامية، وكانت تأتي لمسلمي فرنسا بالأساس من دول الخليج لبناء المساجد والمدارس وإقامة الأنشطة، فلم نعد نرى أي تمويل من الخارج”.

قانون “الانفصالية”

وأدى تطبيق قانون ما يسمى “مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية” (قانون الانفصالية) أدى إلى زيادة الرقابة على المساجد والمدارس والمراكز والفيدراليات والشخصيات الإسلامية، فضلا عن زيادة الرقابة على خطاب الأئمة في المساجد والتمويل، وخاصة التمويل الذي كان يأتي من الخارج”.

حيث تبنى البرلمان الفرنسي في يوليو 2021، مشروع قانون “مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية”، الذي طرحته حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، وجرى التعريف به أول مرة باسم “مكافحة الإسلام الانفصالي”، مما أثار استياء المسلمين الذين اعتبروا أنه يهدف إلى تهميشهم وفرض قيود على كافة مناحي حياتهم.

وينص القانون على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها، ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين، وفرض قيود على حرية تقديم الأسر التعليم لأطفالها في المنازل، كما يحظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي.

 

وبموجب القانون، تصل عقوبة من يُدان بجريمة “الانفصالية” إلى السجن 5 سنوات، وغرامات تصل إلى 75 ألف يورو (88 ألف دولار) لمَن يهددون أو يعتدون على مسؤول منتخب أو موظف مدني لعدم رغبتهم في اتباع القواعد الخدمات العامة، كرفض الخضوع لفحص طبي من قِبل طبيبة.