“فايننشيال تايمز” لماذا فشلت حكومة السيسي في تحقيق الإصلاح الاقتصادي؟

- ‎فيأخبار

نشرت صحيفة فايننشيال تايمز تقريرا سلطت خلاله الضوء على برنامج الإصلاح الاقتصادي المزعوم الذي أعلنت عن حكومة عبدالفتاح السيسي والأسباب وراء فشل المشروع في تحقيق أهدافه.

وبحسب التقرير، ففي أكتوبر من العام الماضي ، بدا الأمر وكأن حكومة السيسي كانت تشرع في برنامج الإصلاح الاقتصادي لإخراج أكبر اقتصاد في شمال إفريقيا من أزمة متنامية بدأت في أوائل عام 2022.

وشمل ذلك اتفاقا جديدا مع صندوق النقد الدولي، وخفض قيمة الجنيه المصري بنسبة 50 في المائة، والإعلان عن سياسة جديدة للحد من دور الجيش في الاقتصاد، وتخصيص 32 شركة مملوكة للدولة لتصفية الجنيهات، وقد قوبلت هذه التدابير ببعض الحماس، وإن لم يكن ساحقا  بأن حكومة السيسي تتخذ أخيرا الخطوات الجريئة اللازمة للشروع في مسار النمو.

وأضاف التقرير أنه بعد عدة أشهر، أصبح المستثمرون المحليون والأجانب على حد سواء، فضلا عن وكالات التصنيف والمؤسسات المالية الدولية، متشككين بشكل متزايد في أن الإصلاحات الموعودة ستتحقق على الإطلاق وظلت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية بعيدة عن الاطمئنان.

وأوضح التقرير أنه في وقت مبكر من هذا الشهر، تم تخفيض تصنيف مصر من قبل وكالة فيتش للتصنيف الائتماني – لأول مرة منذ عقد من الزمان – على أساس ما اعتبرته وكالة التصنيف عدم وجود إصلاحات كبيرة، كما أشارت إلى ارتفاع متطلبات التمويل الخارجي للبلاد، إلى جانب القيود المفروضة على الحصول على التمويل في المستقبل، فضلا عن تدهور مقاييس الدين العام.

وتسائل التقرير، لماذا إذن لم تتحقق جهود الإصلاح، ولم تحقق التعافي المتوقع؟

لسبب واحد ، لا يزال عامل الإنكار يعوق التقدم، في بيان صادر عن حكومة السيسي لدحض تشاؤم فيتش، نسبت الأزمة الاقتصادية في الغالب إلى جائحة كوفيد، بالإضافة إلى حرب روسيا على أوكرانيا.

وتابع "لم يعد هذا مقبولا من قبل أغلب المحللين والمراقبين المستقلين، فهم قلقون من إنكار التأثير الإضافي والمهم للأسباب الأخرى للأزمة، وهي الإنفاق المفرط على مشاريع البنية التحتية طويلة الأجل، وعدم الحكمة في الاقتراض محليا ودوليا، والنمو غير المسبوق لدور الدولة في الاقتصاد، والبيئة البيروقراطية للغاية التي تواجه المستثمرين في القطاع الخاص".

وأردف "هذا ليس نقاشا حول الماضي بل حول المستقبل، إن الاعتراف بالأخطاء السياسية السابقة هو شرط مسبق ضروري للشروع في مسار إصلاح شامل وتغيير الاقتصاد الذي شهد التضخم الرسمي الذي وصل إلى 40 في المائة، وازدهار السوق السوداء للعملة، والقيود المفروضة على الواردات التي تضر بالقدرات الإنتاجية، وعبء الديون في مصر الذي وصل إلى مستويات جديدة ومثيرة للقلق".

أضف إلى ذلك الدعم الفاتر من دول الخليج – التي ينظر إليها تقليديا على أنها مانح الملاذ الأخير  ويصبح تحقيق إصلاح اقتصادي حقيقي مسألة ذات أولوية قصوى.

وأكمل "لكن في حين يعاني الاقتصاد ككل، فضلا عن التيار الرئيسي لشركات القطاع الخاص، فإن بعض الشركات المصرية  القديمة والجديدة، الصغيرة والكبيرة وجدت الفرص، تمكن الكثيرون من تحويل أنفسهم والتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد".

وواصل "التصدير هو اسم اللعبة، وقد تمكن العشرات من المنتجين الزراعيين، وشركات الأعشاب والبستنة، ومصنعي مواد البناء والملابس والسلع المصنعة الخفيفة، فضلا عن مقدمي الحلول التكنولوجية، من إيجاد طريقهم إلى الأسواق المتنامية في المنطقة وخارجها".

غير أن السمات المشتركة بين الشركات في هذا النادي الناجح ، وإن كانت العضوية لا تزال محدودة  تدل على مشقة الأزمة الاقتصادية الحالية، وتشمل هذه السمات ما يلي، الاعتماد في الغالب على المدخلات المحلية، وبالتالي تجنب القيود المفروضة على الواردات؛ تجنب المنافسة من قبل الشركات الحكومية ؛ الحد من نمو النفقات العامة ؛ وإلى حد كبير ، الحفاظ على الأنظار والابتعاد عن الأضواء.

واستشرافا للمستقبل، تهدف شركات الخدمات المهنية ومقدمو التكنولوجيا والاستشاريون ومعالجو البيانات وغيرهم إلى زيادة عوائدهم من خلال توفير خدمات المكتب الخلفي للاقتصاديات المجاورة، وبالتالي الاستفادة من الفرص التي أوجدها انخفاض قيمة العملة.

لكن هذا لا يكفي، ولتحقيق النمو والتغلب على المصاعب الاقتصادية الحالية، تحتاج مصر إلى تحويل هذه الأقلية من الشركات الناجحة إلى أغلبية ساحقة.

وفي 16 مايو، أعلنت حكومة السيسي عن حزمة شاملة من التدابير المواتية للاستثمار، تهدف إلى تعزيز استثمارات القطاع الخاص من خلال الحد من العقبات البيروقراطية، وتوفير بعض الضمانات للمنافسة العادلة مع الدولة، وتوضيح الضرائب.

وهذه تدابير تلقى ترحيبا كبيرا ، ربما بسبب الإشارة الإيجابية التي ترسلها أكثر من جوهرها ومحتواها، إن تحويل الاقتصاد يتطلب أكثر بكثير من مجرد تسهيل إصدار التصاريح أو تقديم بعض الإعفاءات الضريبية.

واختتم التقرير "لكي تكون الرسالة مقنعة حقا، وتجذب انتباه مجتمع متشكك من المستثمرين الدوليين والمحليين، فضلا عن وكالات التصنيف، يجب اعتماد برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي والإعلان عنه ومتابعته، عندها فقط ستصبح قصص النجاح هي القاعدة وستتحقق الفرص والإمكانات الوفيرة في مصر".

 

https://www.ft.com/content/b5bec0d9-7aac-4182-b908-06f35176097a