“نجمة داوود”.. هل يضعها المصريون على قبورهم لحمايتها من بلدوزر العسكر؟

- ‎فيتقارير

سحبت دار الإفتاء التابعة لحكومة الانقلاب فتوى عن “حكم الإقدام على نقل المقابر الواقعة داخل القاهرة إلى أطرافها أو خارجها”، وتعود الفتوى لعام 2019.

وقالت فيها دار الإفتاء: إنه "يُحرّم نقل المقابر الواقعة داخل المدينة إلى أطرافها أو خارجها، وذلك إذا حدث قبل المدة التي يُعرف بواسطة أهل الخبرة أنه معها يستحيل تحوّل أجساد موتى هذه المقابر إلى الصورة الترابية".

وأضافت أنه إذا كان بعدها، فما كان منها له مالك (شخص أو جهة) يشترط رضاه من أجل بيعها أو استبدالها، وإلا كان ذلك حراما أيضا.

وأشارت إلى أنه يُستثنى المقابر والعلماء والأولياء والصالحون، فلا يجوز مُطلقا نبشها بغرض نقلها حتى حال موافقة أصحابها الحاليين على أخذ تعويض مالي.

وأكد نشطاء أن الدار حذفت الفتوى، وذلك منعاً لتعرّض نظام السيسي للحرج كونَه يعمل حاليا على هدم المقابر لتنفيذ مشروعات الطرق والكباري.

بدورها، قالت منصة “متصدقش” على موقع “تويتر” إن "الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على فيسبوك نشرت بالفعل الفتوى المنتشرة في 18 أبريل 2019 ثم قامت بحذفها لاحقا، كما سبق وأعلنت “الإفتاء المصرية” ذات الفتوى من قبل عام 2011، في بيان تناقلته وسائل إعلامية حينها".

وقامت حكومة الانقلاب بهدم عدد من المقابر في السيدة نفيسة والإمام الشافعي لإقامة محاور مرورية، وهو ما دفع كثيرا من النشطاء لإعادة تداول هذه الفتوى من جديد لتنتشر على نطاق واسع، قبل أن تقوم “الإفتاء” بمسحها من على صفحتها على فيسبوك دون تقديم تفسير للأمر حتى الآن.

وسبق أيضا أن وُجّه سؤال للإفتاء يقول: “يوجد لدينا في قريتنا المقابر تحفُّها المساكن من كل اتجاه، فهل يجوز هدم هذه المقابر ونقلها في مكان خارج القرية ويصبح مكان هذه المقابر المساكن؟”.

وردت دار الإفتاء على السؤال في أبريل 2013، في فتوى منشورة عبر موقعها الإلكتروني ولا تزال متاحة عليه، بعدم جواز “هدم هذه المقابر ونقلها إلا إذا تأكد أن أجساد المقبورين فيها قد اندرست وبَلِيَت عظامُهم واستحالت ترابا، يُستثنى من ذلك مقابر العلماء والأولياء والصالحين؛ فلا يجوز التعرض لها”.

وأثير سخط في مصر، بعد توجه حكومة الانقلاب لهدم عدد من المقابر التاريخية لإنشاء محور الفردوس، في منطقة القاهرة التاريخية، وشارك كثيرون في حملة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي.

جاء ذلك مع انتشار معلومات كذلك عن إزالة قبر الإمام وَرش، صاحب قراءة ورش عن نافع لقراءة القرآن، التي يبلغ عمرها 1200 عام، ومقبرة الأديب يحيى حقي، وهدم مقبرة الإمام العز بن عبد السلام والشاعر محمود سامي البارودي.

وكانت عصابة الانقلاب قد أقدمت في السنوات الماضية وفي ظل انقلاب السيسي على ترميم معابد يهودية، رغم أن الصلاة اليهودية لن تقام فيها نظرا لعدم وجود النصاب الكافي وهو عشرة أشخاص بالغين، وفق ما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.

 

كما أولت حكومة السيسي اهتماما لافتا بترميم وتنظيف مقابر يهودية وتم ذلك تحت إشراف اثنين من الحاخامات اليهود قدما للتأكد من أن عملية التنظيف تمت طبقا للشرائع اليهودية، وفق ما ذكرت صفحة "إسرائيل بالعربية" على موقع تويتر العام الماضي.

يوجد في مصر 18 معبدا منها 11 بالعاصمة القاهرة، وفي الإسكندرية توجد سبعة وواحد بمحافظة الغربية، ولا تمارس الشعائر الدينية في تلك المعابد، باستثناء معبد بوابة السماء الواقع في شارع عدلي وسط القاهرة الذي تقام فيه بعض الاحتفالات الدينية.

وتحدث باحثون في التاريخ الإسلامي عن أهمية منطقة السيدة عائشة والسيدة نفيسة، موضحين أن مقابر المماليك هي أقدم جبانة إسلامية في مصر، وكانت تسمى قديما بصحراء العباسية، ووقع اختيار المماليك عليها لتكون مضمارا لسباقات الخيل، وأقاموا بها مجموعات معمارية تضم مدارس وأسبلة ودور تعبد (خانقاوات) للصوفية وحمامات، حيث صبغ المماليك الصحراء بفن العمارة الإسلامية على طريقتهم الخاصة.

وقال مغردون: إن "هناك معادلات استحدثها العالم للتعايش العصري مع التراث، فمن يجوب باريس يظن أنها على حالها منذ مئات السنين بتخطيطها وميادينها، حيث لا تجد الجسور العلوية تشقها طولا وعرضا، كما لا تجد التلوث البصري للإعلانات الضخمة، ومع ذلك فالمباني من داخلها بها كل وسائل الراحة العصرية، والمرور ينساب من خلال أنفاق لا تراها، وجراجات السيارات تتسع لآلاف المركبات أسفل الأرض دون المساس بالهوية الجاذبة للملايين شهريا".