أكتشفت في سن متأخرة جدا وبعدما تجاوزت النصف قرن من عمري أن حبيبي أبي له أخوة آخرون غير عمتي الجميلة التي أعرفها ، وقد توفيت منذ عدة سنوات.
وأراهن أن الدهشة طرأت على وجهك ، ورأيت كلامي يدخل في دنيا العجائب وأنت تسألني، وكيف عرفت ذلك ؟
هل جدك تزوج سرا من واحدة ثانية غير زوجته الأولى المعروفة "روزاليوسف" وقبل سنوات ظهر في حياتكم أبناء هذه الزوجة الخفية ومنهم "حنونة" التي قالت لك: "أنا أخت والدك غير الشقيقة زي عمتك بالضبط ، لكن أنت مش داري".
أرد بسرعة قائلا: "هذا لم يحدث أبدا،
جدي بعد طلاقه عندما كان حبيبي أبي في الأشهر الأولى من عمره قال: توبة وأضرب عن الزواج، فلم يتزوج مرة أخرى لا في السر ولا في العلن".
وبعد طلاق الجد ذهب ابنه الرضيع "إحسان" إلى بيت عمته.
يعني شقيقة جدي واسمها "عنايات هانم" وعاش مع تلك الأسرة حتى شب عن الطوق ودخل الجامعة.
ومن الذكريات الصحفية التي لا أنساها أبدا هذا الحوار الصحفي الذي أجريته مع ابنتها وكانت على قيد الحياة وأسمها "عنايات محمد فايق" وكان والدي يناديها "حنونة" من فرط حنانها عليه.
وكانت المفاجأة المذهلة عندما قالت لي: "أنا مش بس ابنة عمة أبوك، أنا أخته أيضا"
ودارت بي الدنيا ووجدت نفسي أقول لها: كيف تكونين أخته وأبنة عمته في نفس الوقت ؟
ومازلت أتذكر ابتسامتها وهي تقول، سأشرح لك الأمر، أبوك لما ولد لم يستقر سوى أشهر قليلة عند أمه "روزاليوسف" ثم حدث طلاق بينها وبين جدك "محمد عبدالقدوس" الذي جاء بالوليد الصغير إلى أخته قائلا: "خذي ابني ربيه عندك وتحت رعايتك وكان مازال في مرحلة الرضاعة ، وهكذا رضع من أمي وأصبحت بالتالي أختا له من الرضاعة، وكان يحبني ويناديني دوما باسم "حنونة" وكنت "أموت فيه" طول عمره يتحب وأنا أكبر منه بسنة واحدة فقط.
قلت لها وأنا في ذهول: "معنى ذلك أن بقية إخوتك هم أيضا أخوات والدي من الرضاعة؟ أجابت: تمام إحنا أربع أشقاء أكبرنا "أحمد سعدالدين" ثم أنا من مواليد ١٩١٨ ، وبعد ذلك يأتي "محمد صفي الدين" وآخر العنقود "رضوان صلاح الدين" ، ونسيت أن أقول لك أن الكاتب الكبير "نجيب محفوظ" كان صديقا لأخي الأكبر فقد كنا جيرانا في العباسية.
وختمت "حنونة" حوارها معي قائلة: "أبوك من صغره وهو مختلف عن الآخرين، يكفي أن تعلم أنه عندما كان في السابعة من عمره عثر وهو عائد من المدرسة على محفظة ملقاة في الشارع ، فالتقطها وعاد أدراجه إلى مدرسته "خليل أغا" الابتدائية وسلم المحفظة إلى الناظر الذي أعجبه جدا هذا السلوك ، فأقام له حفلا أشاد فيه أمام تلاميذ المدرسة بأخلافيات الولد الأمين .. أبوك.