تصاعدت الانتقادات الموجهة لحكومة الانقلاب احتجاجا على قيامها بهدم مقابر ومعالم تاريخية، من أجل إنشاء كباري لا لزوم لها بمنطفتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي، والتي تحتضن بين طياتها المئات من المقابر التاريخية منها على سبيل المثال، مقبرة الشيخ محمد رفعت، ومقبرة شاعر النيل حافظ إبراهيم، ومقبرة الشاعر محمود سامي البارودي، وخطاط الحرم المكي عبد الله زهدي، فضلا عن عدد كبير من الشخصيات التاريخية المؤثرة في العالم العربي والإسلامي .
كانت مواقع التواصل الاجتماعي قد شهدت تداولا لصور الهدم التي تقوم بها حكومة الانقلاب على نطاق واسع دون اعتبار لقيمة هذه المقابر والمعالم التاريخية، ما اعتبره خبراء الآثار جريمة غير مسبوقة في التاريخ المصري ، وطالب الخبراء منظمة اليونسكو بالتدخل لحماية هذه المعالم التي لا مثيل لها في العالم كله قبل فوات الآوان .
جبانات مصر
وظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي صفحات ومبادرات تقوم بنشر صور للجبانات التاريخية في محاولة لتوثيقها.
وقال إبراهيم طايع أحد القائمين على مبادرة جبانات مصر: "بدأنا منذ حوالي 10 سنوات توثيق الجبانات في كل محافظات الجمهورية، وهدفنا الأول هو الحفاظ على تراث الجبانات لأننا نعلم قيمة القبر والشواهد والتراكيب والعمران الموجود به، كما نوثق الخطوط الموجودة على تلك التراكيب، لأننا نعتبر شاهد القبر -اسم المتوفى- دليل على التعريف بتاريخ القبر من خلال الاسم والخط المكتوب به".
وأضاف طايع في تصريحات صحفية: "التطوير لا يعني عدم الحفاظ على الجبانات والطبوغرافيا، وإذا كان لا بد من هذا التطوير فلا بد من أخذ الشواهد والرفات إلى أماكن ملائمة حتى لا نفقد تراثا لا يمكن تعويضه".
وأشار إلى أن دور جبانات مصر، يقتصر على أنه حال إيجاد شاهد قبر له قيمة، فإنه يتم بالمجهود الفردي نقله وتقديمه للأثار بمنطقة الإمام الشافعي لوضعه في المخازن، مؤكدا أنهم سلموا أكثر من شاهد منها حسن حفني من معاتيق محمد علي باشا وفيه لوحة مر عليها 100 سنة.
ولفت طايع إلى أن حكومة الانقلاب قامت بإزالة عدد من المقابر منها مقبرة عبدالله زهدي خطاط الحرم الشريف، ومواليد فلسطين، وكان معه في المدفن حسين الليثي وكان أحد مخططي كسوة الكعبة، بالإضافة إلى إزالة قبر عباس محمد أفندي، أحد شهداء ثورة 19 وغيرهم في مقابر الإمام شافعي، وفي السيدة نفيسة نقلوا رفات يحيي حقي وعبد المجيد اللبان، وغيرهما .
وطالب بوجود بديل يحمي الجبانات معربا عن أمله في إنشاء متحف لها.
المدافن التاريخية
من جانبه كشف الدكتور مصطفى الصادق باحث بالتراث الثقافي، عن قائمة بأهم المدافن التاريخية المهددة بالإزالة بمنطقة الإمام الشافعي، وهي:
– مدفن السردار محمد راتب باشا
– مدفن الفريق إسماعيل سليم
– مدفن فاطمة برلانته الشامية (عائلة العظم)
– مدفن محمد فاضل باشا
– مدفن رشوان عبد الله باشا
– مدفن علي باشا ذو الفقار
– مدفن الأمير يوسف كمال
– مدفن الأميرة نعمت الله مختار والأميرة نشئة دل
– مدفن أحمد باشا شفيق
– مدفن إبراهيم الهلباوي
– مدفن خديجة محمد البقلي
– مدفن علي باشا فهمي
– مدفن محمود سامي البارودي
– مدفن أحمد بك عبد اللطيف
– مدفن الأميرة زهرة فاضل
– مدفن محمد سعد الدين باشا
– مدفن علي رضا ومحمد حسني يكن.
وعن المقابر التاريخية التي تم هدمها، رغم أهميتها قال «الصادق» إنها تشمل :
– مدفن الخطاط عبد الله الزهدي
– مدفن عبد الحميد باشا صادق
– مدفن السيد باشا أبو علي
– مدفن محمود بك فريد
– مدفن حسن أفندي حسبي
– مدفن عارف باشا فهمي
قرافة القاهرة
وكشف الدكتور رجب سعيد أستاذ التاريخ الإسلامي، أن الاعتداء على المقابر ليس أمرا جديدا في مصر، لكن الوضع الحالي أصعب من ذي قبل؛ خصوصا أنه غير معروف الأبعاد؛ في ظل عدم إفصاح حكومة الانقلاب عن مخططاتها وعدم استعدادها لإدارة حوار مجتمعي تحت وطأة استعجالها في إنجاز مشروعات.
وقال سعيد في تصريحات صحفية إن "قرافة القاهرة أقدم تاريخيا من مدينة القاهرة نفسها؛ حيث إن القرافة بدأت مع دفن أول مسلم في مصر، وكان ذلك تحت سفح المقطم في صدر الإسلام، أي قبل بناء مدينة القاهرة بزمن طويل".
وانتقد مزاعم حكومة الانقلاب بأن هذه المقابر لم يتم تصنيفها «أثرية» معتبرا أن هذه المزاعم الهدف منها إطفاء نار الغضب المتأججة بين المصريين بسبب هدم المقابر .
وحذر سعيد من تدخل منظمة اليونسكو لوقف ما يحدث من جرائم في حق هذه الآثار، موضحا أنه في العام 1979، سجّلت منظمة «اليونسكو» منطقة القاهرة التاريخية موقعَ تراث عالمي، ولكن في السنوات الأخيرة، وقبل عمليات الإزالة الأخيرة، تكررت شكاواها من الإهمال الذي تتعرض له المنطقة، مهددة بشطبها من قائمة التراث العالمي، ونقلها لقائمة التراث المُعرّض للخطر.
جريمة
وأكد الدكتور محمد حمزة أستاذ التاريخ الإسلامي وعميد كلية آثار القاهرة سابقا، أن ما يحدث بمقابر القاهرة الإسلامية جريمة تاريخية.
وطالب «حمزة» في تصريحات صحفية بوقف تلك المهزلة التي بطلها وزارة الآثار والسياحة بحكومة الانقلاب ومحافظة القاهرة محذرا من أن ما يحدث جريمة سوف تؤثر على الدخل القومي لكون تلك المقابر أحد أساسيات الرواج السياحي في مصر .
وقال: إن "الحضارة الإسلامية عامل مهم للسياحة، موضحا أن إقامة كباري وتوسعات إنشائية لا يجب أن تكون على حساب التاريخ الإسلامي لمصر".
وأضاف «حمزة» أن منظمة اليونسكو لن تدين أو تتدخل فيما يحدث حاليا تجاه مقابر التاريخ الإسلامي؛ لأنها فقط تنظر تجاه ما يحدث للآثار اليهودية والمسيحية، لذلك اليونسكو لم تتدخل تجاه ما يحدث في القدس والمسجد الأقصى لأنها تريد إزالة كل أثر إسلامي بالعالم، مؤكدا أن حكومة الانقلاب عملت على ترميم الآثار اليهودية حتى تحصل على رضا اليونسكو والصهاينة.