انتخابات الكويت .. ماذا يعني تحقيق الإسلاميين وأنصارهم فوزا هاما؟

- ‎فيعربي ودولي
 

شهدت نتائج انتخابات الكويت 2023 فوز الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين بأربعة مقاعد، كما فاز المقربون منها بأربعة مقاعد أخرى ليصبح نصيب الإسلاميين 8 مقاعد من 50 أي فازوا بنسبة 16% تقريبا من المقاعد.

حيث فاز النواب الإسلاميون، أسامة الشاهين، وحمد المطر، وعبد العزيز الصقعبي، فلاح الهاجري.

وكان من الفائزين المؤيدين للتيار الإسلامي، عبد الله الأنبعي وبدر نشمي العنزي وحمد العليان وعبد الله فهاد العنزي.

وكانت المعارضة التي تضم في غالبيتها سياسيين إسلاميين، فازت بـ 24 مقعدا في الانتخابات السابقة، علما أنها كانت حصلت على انتصار تاريخي عام 2012 حين حازت على أكثر من نصف مقاعد البرلمان قبل أن يجري حل مجلس الأمة بعد فترة وجيزة.

كانت أهم نتيجة لهذه الانتخابات عام 2012 هي فوز جماعة الإخوان المسلمين ممثله في الحركة الدستورية الإسلامية وأنصارها بستة مقاع، ثم احتفظت بمقاعدها الثلاثة في انتخابات (2020) وفاز ثلاثة مقربون منها أيضا دعمتهم وفي انتخابات 2022 ثم عادت لترتفع إلى 4 مقاعد في انتخابات 2023 بخلاف 4 مقاعد للموالين لها.

أهمية هذا الفوز أنه صفع الحالمين بنهاية جماعة الإخوان المسلمين والمروجين لمزاعم انحسار نفوذها وانتهاء دورها في أعقاب حملات القمع التي نشطت عقب الانقلاب العسكري في مصر، وما تلاه من انتعاش لمعسكر الثورة المضادة المدعوم من ثلاثة دول خليجية (الإمارات والسعودية والبحرين).

وحصل القبليون على نصيب الأسد من مقاعد البرلمان بواقع 28 مقعدا من أصل 50، مثل معظم الانتخابات الكويتية خلال العقود الثلاثة الماضية، والجزء الأكبر من هؤلاء خاضوا الانتخابات كأفراد مستقلين لا ينتمون إلى تيارات سياسية.

حيث فاز المحافظون القبليون المعارضون بـ 19 مقعدا والمحافظون الوطنيون القريبون من المعارضة أيضا على 9 مقاعد، في الانتخابات التي تجري للمرة الثالثة خلال عامين ونصف العام فقط بعد حل المجلسين المنتخبين 2021 و2022.

وارتفعت مقاعد التيار السلفي إلى 6، حيث حصل "التيار السلفي التقليدي" على مقعد واحد والتيار السلفي المعارض 2 ومؤيدو التيار السلفي 3 مقاعد، وفق مصادر كويتية، أما الكتلة الشيعية فخسرت مقعدين ليصبح لها 7 مقاعد بدل 9 في أخر برلمان.

واستطاع "التجمع السلفي"، رفع عدد مقاعده من مقعد واحد في 2020 ومقعدين في 2022 إلى ثلاثة مقاعد في مجلس الأمة 2023.

وشهدت الكويت أزمات سياسية متتالية وحل للبرلمان قرابة 15 مرة وإجراء انتخابات متتالية وصراعات بين البرلمان والحكومة، وأعلن الأمير مشعل أنه سيواكب الانتخابات المقبلة إصدار جملة من الإصلاحات السياسية والقانونية المستحقة لنقل الدولة إلى مرحلة جديدة من الانضباط والمرجعية القانونية، منعا للخلاف.

فوز تاريخي للمعارضة

وبشكل عام حققت المعارضة رقما تاريخيا هو وصول 34 معارضا لمقاعد البرلمان، ما يشكل تحديا للسلطة وفقدت الحكومة بالتالي شرعيتها التقليدية بهزيمة أنصارها، ما يعني أنه ليس أمامها خيارا سوى التنسيق مع المعارضة والإسلاميين، بحسب عضو بالحركة الدستورية الإسلامية لـ "الاستقلال".

ومن الملاحظات الهامة أن تيار المجالس المسئول عن الفترة التاريخية من الصراع السياسي في الكويت (2012-2022) مني بخسارة كبيرة إذ لم ينجح منه سوى 3 نواب.

وبلغت نسبة تغيير في المجلس الجديد عن السابق نسبة 24%، حيث دخل 12 عضوا جديدا إلى تركيبة البرلمان مع اختراق جديد حققته المعارضة بحصولها على 34 مقعدا، وهو عدد يقترب مما حصلت عليه في مجلس الأغلبية في فبراير 2012.

وفاز أحمد السعدون، الذي من المُرجح أن يعاد معه سيناريو التزكية على منصب رئيس مجلس الأمة، كما في المجلس الأخير بعد ترشحه وحيدا، بفضل الإجماع الذي ما زال قائما عليه من قِبل المعارضة.

ونجح رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، العائد بقوة إلى المشهد السياسي، بعدما اتخذ قرارا مرحليا بعدم الترشح في الدورة الماضية، عقب تشكيله تحالفا مع رئيس مجلس الوزراء السابق، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، وكان حل مجلس 2020 فضا رسميا له.

وعلى الرغم من أن حظوظ مرزوق الغانم في منصب رئيس مجلس الأمة مقابل أحمد السعدون شبه منعدمة، إلا أن مشروعه هذه المرة بعدما رمى بثقله في هذه الانتخابات لا يهدف إلى رئاسة البرلمان، حيث من المتوقع أن يُشكل كتلة معارضة من عشرة أعضاء على الأقل، ما يمكنه، بحسب الصلاحيات الممنوحة، وفق القانون لهذا العدد، من تشكيل جبهة صلبة ضد المعارضة.

وتعاني الكويت من أزمات سياسية مستمرة بين الحكومة ومجلس الأمة نتج عنها حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة قرابة 10 مرات منذ 1976، أخرها 22 يونيو 2022 عقب اعتصام 23 نائبا في البرلمان وشلل الحكومة والمجلس.

تضخمت الأزمة حين اعتصم النواب وعددهم أكثر من نصف البرلمان الذي يضم 50 نائبا، بداخله منذ يوم 14 يونيو 2022 احتجاجا على عدم تشكيل حكومة جديدة، وعدم وجود من يمكن للبرلمان مسائلته عن أعمال السلطة.

وتزامن هذا مع صراع خاضه النواب المعارضين مع رئيس البرلمان مرزوق الغانم الموالي للحكومة والصدام معه منذ انتخابه نهاية 2021، ما عطل عمل المجلس.

حيث عززت المعارضة الكويتية موقعها في الانتخابات التشريعية التي جرت 5 ديسمبر 2020 بفوز 24 نائبا لها بمقاعد في مجلس الأمة المؤلف من 50 مقعدا، ما زاد الخلاف بين مجلس الأمة والحكومة.

وتحولت المعارضة عبر كتلتها القوية في البرلمان إلى جهة ضغط مستمر على الحكومة لإجراء إصلاحات تقدمت بها سابقا، أغلبها متعلق بمعالجة ملفات الفساد وطلب العفو الشامل عن معارضي الخارج، ولم تتجاوب الحكومة فوقع الصدام.

وتدخل أمير الكويت حينئذ ونزع فتيل الأزمة باستعمال حقه الدستوري في المادة (107) من الدستور، وحل البرلمان ودعا لانتخابات جديدة، وهو ما استقبله المعارضون بالترحاب.

وتعد آلية اختيار الوزراء وتشكيل الحكومة من أهم مسببات الأزمات السياسية في الكويت، إذ يتم الاختيار بناء على نظام المحاصصة من الأسرة الحاكمة والشخصيات ورجال القبائل البارزين، دون إشراك للتيارات السياسية الفائزة في الانتخابات.

وبحسب دراسة لمركز الفكر الاستراتيجي للدراسات في 5 مايو 2021، يؤدي هذا إلى صدام مستمر بين البرلمان، والحكومة التي لا تعبر عنه.

ماذا تعني نتائج الانتخابات؟ هل تمثل انطلاقه للتجربة الديمقراطية، وتتعاون السلطة معها أم تستمر نفس عجلة الصراع وحل البرلمان؟