قالت مؤسسة «بوميد» الدولية إن العاصمة الإدارية التي يبينها زعيم عصابة الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي في الصحراء شرق القاهرة ما هي إلا "فقاعة" على وشك الانفجار، كلفت الدولة نحو 58 مليار دولار، دفعت من أموال الشعب المصري ومن خزينة الدولة، بخلاف ما كان يروجه السيسي أن هذه المدينة الجديدة لم تكلف خزينة الدولة جنيها واحدا.
جاء ذلك في تقرير موسع من حوالي "120" صفحة، أصدره «مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط» المعروف اختصارا باسم «بوميد»، وهي مؤسسة دولية حيث تناول التقرير حجم التكلفة الهائل لمشروع العاصمة الإدارية التي يبينها نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي في الصحراء شرق القاهرة، مقابل الجدوى الاقتصادية المرجوة من المشروع. وحسب التقرير فإن المشروع الذي تأخر تسليم المرحلة الأولى منه ثلاث سنوات حين كان من المفترض أن يتم نقل الوزارات الحكومية إلى مقراتها الجديدة في يونيو 2020م، والأهم ـ حسب التقريرـ أن المشروع أثقل كاهل خزينة الدولة وجيوب المصريين بالديون الباهظة.
التقرير يسلط الضوء على تفشي الواسطة والمحسوبية في المشروع بين ضباط القوات المسلحة الذين يشرفون على تنفيذه ويتحكمون في بيع الأراضي بصفقات مليارية، و يستفردون في منح العطاءات للشركات والجهات التي تربطهم بها صلات. وحسب الإعلامي أسامة جاويش في تعليقه على التقرير في برنامجه "آخر كلام"، على قناة الحوار التي تبث من لندن، فإن مشروع العاصمة سطا على قروض هيئة المجتمعات العمرانية التي منحت للمشروع والتي بلغت مليارات الدولارات بين 2018 حتى 2022، مشيرا إلى أن الإنفاق العام من قبل المؤسسات المالية المصرية يتضاءل مقابل ارتفاع نسبة الديون التي تسبب بها المشروع، فالدولة تتحمل العبء المالي، فيما يجني الجيش الأرباح في معادلة قال عنها جاويش إنها "غريبة جدا".
كما لفت التقرير إلى المياه التي ستصل العاصمة الإدارية والجهة التي ستتحمل تكلفتها، كاشفا أن هيئة المجتمعات العمرانية ستمول مشروع إيصال المياه عبر موارد مختلفة، فيما ستكلف خطوط توصيلها إلى نحو 93 ميلا، نحو 10 مليارات جنيه، وسيسمح للعاصمة الإدارية بالسحب مباشرة من مياه النيل.
عاصمة أم وحدة عسكرية؟!
وتضم مدونة السلوك مجموعة من القواعد للعمل في العاصمة الإدارية، تجعلها أقرب إلى وحدة عسكرية منها إلى عاصمة سياسية إدارية للبلاد؛ منها تخصيص أماكن للتدخين ولتناول الطعام، وذلك في أوقات محددة، فضلًا عن الالتزام بالأماكن المخصصة لكل موظف وعدم الوجود بالممرات والأماكن غير المخصصة للموظفين.
جميع الموظفين المنتقلين إلى العاصمة، بلغوا من وزارتهم بوجود قواعد خاصة تحكم العمل بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتسلموا منذ عدة أشهر نسخة من مدونة السلوك التي تتضمن قواعد لآلية تنظيم يوم العمل والاستراحة خلاله وأخلاقيات العمل، فضلًا عن قواعد المظهر العام، التي تلزم بزي رسمي للموظفين كافة. ويفترض أن كل موظف سيوقع على تلك المدونة ويسلمها للجهة التي يعمل بها على أن يتم الالتزام بها مع انتهاء إجراءات الانتقال إلى العاصمة، وبدء العمل الرسمي من هناك في أول من يوليو المقبل.
وحسب موظف بوزارة «الشباب والرياضة»، أنه قبل انتقاله إلى العاصمة في بداية مارس الماضي"2023"، حصل على دورات تدريبية ركز خلالها المدربون على التشديد على الطبيعة الخاصة للعمل بالحي الحكومي في العاصمة الإدارية كمكان منضبط مثل الجيش. وتتضمن مدونة السلوك بعض المحظورات تحت عنوان «قواعد أخلاقيات العمل»، مثل حظر نشر أي سياسات أو إجراءات عمل أو تعليمات أو قرارات داخلية أو معوقات تخص العمل على مواقع التواصل الاجتماعي، وحظر الحديث عن السياسة أو الدين أو الرياضة خلال أوقات العمل الرسمية، وغيرها.
زي موحد
ورغم التكلفة الباهظة للمشروع مع عدم جدواه أصلا، تصر الحكومة على المزيد من السفه والإنفاق غير الضروري؛ حيث طالبت وزارة الصحة موظفيها المنقولين إلى العاصمة بالتوقيع على مدونة سلوك تتضمن إلزامهم بقواعد للعمل من العاصمة، والتي من بينها ارتداء زي رسمي للرجال والنساء تتحمل الوزارة تكلفته، من الأحد إلى الأربعاء، على أن يسمح بالزي غير الرسمي يوم الخميس فقط من كل أسبوع. واتفقت مدونة سلوك وزارة الصحة، مع ما أكده عدد من موظفي وزارات أخرى موضحين أنها تشمل جميع الوزارات، وستطبق أول يوليو المقبل.
الزي الموحد للعاملين المنتقلين إلى العاصمة الإدارية هو اقتراح من إدارة المهمات بالقوات المسلحة، وهو الاقتراح الذي أخذت به وزارة الصحة على الفور وشرعت في تنفيذه، ويتضمن بالنسبة للرجال بدلة رسمية كاملة، حددت ألوانها في الأسود أو الكحلي أو الرمادي أو البني، إضافة إلى رابطة عنق مناسبة، مع حظر ارتداء الكوتشي والأكسسوارات. وبالنسبة للنساء، بدلة أو تايير، على أن تكون ألوانهم إما أبيض أو أسود أو بني أو رمادي أو كحلي. وبالنسبة للحجاب، تضمن المقترح أن يكون بلون واحد من الألوان الهادئة بنقش بسيط، متجنبًا الألوان الصاخبة، مع التشديد على عدم ارتداء الموظفات للأكسسوارات «المبالغ فيها»، وعدم الزخرفة بشكل لافت.
ولا ندري هل يتم تعميم هذا الزي أم يكون لكل وزارة حرية تحديد الزي الرسمي الخاص بها. كما لا ندري هل تتكفل الوزارات الأخرى بتكلفة الزي الرسمي مثل وزارة الصحة أم سيتم تحميل الموظفين هذه التكلفة الإضافية. لكن المؤكد أن جميع الموظفين والموظفات المنتقلين للعاصمة، سيكونون ملزمون بالزي الرسمي فور تحديد موعد لتطبيقه، غير أن باقي الوزارات لم تعلن عن تحملها تكلفته حتى اليوم.