قررت نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس 72 مشجعا أهلاويا لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات بتهمة إحياء روابطة ألتراس "أهلاوي". ويأتي قرار النيابة في سياق خطة أجهزة النظام الأمنية لضرب القوى الشعبية والسياسية المناهضة للانقلاب والمعارضة للنظام العسكري ضمن الخطة المرسومة لتمرير مسرحية انتخابات الرئاسة والتي يتجه النظام إلى تبكيرها ثلاثة أشهر عن موعدها الدستوري.
وفي السياق نفسه، قرّرت نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس شاب مصري لرفعه علم فلسطين خلال مباراة ما بين الأهلي والرجاء المغربي، لمدّة 15 يوماً على ذمة القضية. وهو التجديد الصادر للمرة الرابعة. ووجّهت نيابة أمن الدولة العليا إلى الشاب المعني في القضية تهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية الغرض منها إثارة الفتن في داخل المجتمع المصري والسعي إلى إسقاط نظام الحكم".
وكانت أجهزة النظام الأمنية قد اعتقلت العشرات من مشجعي النادي الأهلي في أعقاب مباراة الفريق ضد نادي الرجاء المغربي يوم 22 إبريل 2023م بإستاد القاهرة ضمن مباريات دوري أبطال إفريقيا والتي فاز بها الأهلي مؤخرا بعد فوزه على الوداد البيضاوي المغربي. وجاء قرار النيابة باستمرار الحبس دون حضور الشباب المعتقلين لمقر نيابة أمن الدولة العليا، حيث جرى تجديد الحبس عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".
قرار الحبس صدر ضد مشجعي الأهلي في ثلاث قضايا: حيث تم تجديد حبس 21 شاباً على ذمة القضية رقم 708 لسنة 2023 حصر تحقيقات أمن الدولة العليا، كما تم تجديد حبس 5 شباب آخرين على ذمة القضية رقم 508 لسنة 2023 حصر تحقيق أمن الدولة العليا، وكذلك تجديد حبس 46 شاباً على ذمة القضية 744 لسنة 2023 حصر تحقيقات أمن الدولة العليا.
وتنوعت الاتهامات في القضايا الثلاث بين أن "عدداً من المقبوض عليهم لم يكن معهم "تذكرة دخول" أو "فان أي دي أو التذاكر"، وحيازة "شماريخ" ومحاولة إدخالها إلى الاستاد بعد إخفائها بطرق مختلفة، وإنشاء مجموعات محظورة لمحاولة إحياء رابطة مشجعي النادي الأهلي المعروفة باسم (الأولتراس الأهلاوي). وكذلك قيام البعض بنشر فيديوهات وصور لقيامهم بحرق "الفان أي دي" و"التذاكر"، وتضمنت عبارات سب وقذف لمسؤولين بالدولة والتحريض ضدهم وضد مؤسسات الدولة، وحيازة ورفع علم "فلسطين"، ما يعد من الأنشطة السياسية، من دون أخذ تصريح أمني بذلك.
وشملت الاتهامات الانضمام لجماعة إرهابية والسعي لتحقيق أغراضها، وذلك من خلال الانضمام والمشاركة في مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وتحديدا "واتساب" و"تلغرام"، تضمنت تحريضاً ضد الدولة المصرية وقياداتها ومؤسساتها المختلفة، ودعوات إلى التظاهرات عقب مباريات كرة القدم، والدعوة لجمع أموال بغرض تمويل إحياء رابطة مشجعي النادي الأهلي، ما يندرج تحت بند "تمويل الإرهاب".
وكان المحامي بالنقض محمد رشوان، المستشار والممثل القانوني للنادي الأهلي، ودفاع مشجعي النادي المحبوسين على ذمة التحقيقات، تقدم بالتماس إلى النائب العام حمادة الصاوي، لبيان أن الشباب المقبوض عليهم صغار السن و"غرر بهم"، وجرت إضافتهم على مجموعات خاصة من دون العلم بمن وراءها وأهدافها، خاصة أن أكثر من 50 شاباً قبض عليهم من منازلهم ومن أماكن متفرقة عقب انتهاء المباراة.
وتشن الدولة منذ عقود طويلة حربا ضارية على كل تنظيمات المجتمع المدني (أحزاب وحركات إسلامية ــ روابط رياضية ـ حركات سياسية وثورية ـ منظمات حقوقية)، وذلك بهدف إضعاف المجتمع على الدوام لحساب قوة السلطة، وهي الفلسفة الدائمة للسلطة منذ إنشاء الدولة المصرية الحديثة في عهد محمد علي باشا (1805 ـ1849)، وهي ذات الفلسفة التي تحكم مصر حاليا منذ تأسيس جمهورية الضباط بعد انقلاب 23 يوليو 1952م، وتصاعدت حدة هذه الحرب في أعقاب انقلاب 3 يوليو 2013م.
ويتخذ نظام العسكري مواقفا عدائيا من روابط الألتراس بسبب مشاركتها في فعاليات ثورة يناير2011م بداية من جمعة الغضب، ثم مشاركتها في باقي فعاليات الثورة خلال الفترة الانتقالية ورفضها لانقلاب الجنرالات في يوليو 2013م. ودبر نظام العسكر مذبحتين شهيرتين الأولى في فبراير 2012م ضد ألتراس أهلاوي والتي راح ضحيتها نحو 74 من مشجعي الأهلي. وفي فبراير 2015م تم تنفيذ مذبحة ثانية مروحة ضد أللتراس الزمالك "وايت نايتس" والتي راح ضحيتها أكثر من عشرين مشجعا.
وأصدرت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة، السبت 16 مايو 2015م، قرارا بقبول الاستئناف المقدم من رئيس نادى الزمالك مرتضى منصور، على حكم محكمة أول درجة بعدم الاختصاص وقضت المحكمة فى جلستها بحظر روابط الالتراس على مستوى الجمهورية واعتبارها جماعة إرهابية. وفي فبراير 2016م أعلن السيسي في مداخلة هاتفية لأحد البرامج الفضائية استعداده للنقاش مع ألتراس أهلاوي لكن الرابطة رفضت الدعوة وطالبت بعودة حق الدم والقصاص من كل من شارك في المذبحة "والتحقيق مع كل الأطراف، ومنها القيادات الأمنية التي تورطت في تلك المذبحة، وذكرت أسماء العديد منها في تحقيقات النيابة سواء بالتخطيط أو التدبير أو الإهمال أو إخفاء أي دليل خاص بالقضية". الأمر الذي استفز السيسي فاتخذ مواقف صارمة ضد الألتراس أجبرت الروابط على حل نفسها في إبريل 2018م، بعد ضغوط أمنية شديدة وملاحقة المئات من عناصر الرابطة والزج بهم في السجون بتهم سياسية ملفقة على قضايا إرهاب.
وفي 2019 ألقي القبض على عدد من أعضاء رابطة ألتراس أهلاوي من منازلهم في مدينة الإسكندرية، وعُرضوا على النيابة بعد نحو شهر في 23 مايو/ أيار، ليُحبسوا على ذمّة القضية رقم 770 لسنة 2019 حصر أمن دولة، المعروفة إعلامياً باسم "قضية ألتراس أهلاوي"، وذلك بتدابير احترازية. وفي عام 2016، ألقت قوات الأمن في الإسكندرية القبض على عشرات من شباب ألتراس النادي الأهلي في محطة القطار، في أثناء الاستعداد لمباراة الأهلي و"يانغ أفريكانز".
وتم اعتقال سيد مشاغب كابو ألتراس الوايت نايتس "الفرسان البيض" الخاص بمشجعي نادي الزمالك؛ المحبوس والمحكوم عليه على ذمة القضية رقم 1107 لسنة 2015، مع آخرين. وقد اتُّهموا بحرق استاد القاهرة وقاعة المؤتمرات بمدينة نصر واستاد الهدف بمدينة السادس من أكتوبر بالإضافة إلى الشروع في القتل، فيما يواجه ثلاثة أشخاص اتهاماً بتخريب ممتلكات عامة بلغت خسائرها نحو ستة ملايين و100 ألف جنيه مصري. وعاقبت محكمة جنايات القاهرة في سبتمبر 2017 سيد مشاغب وأربعة آخرين بالسجن المشدّد لمدّة سبع سنوات، كما عاقبت متّهمَين اثنَين بالسجن المؤبد، وثلاثة آخرين بالسجن 10 سنوات، وكذلك ثلاثة آخرين بالسجن ثلاث سنوات، ومتهماً آخر بالسجن سنتَين، فيما قضت ببراءة متّهمَين اثنَين، وذلك في اتهامهم بالقضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث الدفاع الجوي". وأُيّدت الأحكام في النقض.