اقتراض مصر بأعلى فائدة على الإطلاق لتمويل عجز الموازنة يفضح مناورات السيسي حول “التعويم”

- ‎فيتقارير

 

في دلالة واضحة على مدى الانهيار الاقتصادي الذي تعايشه مصر مع فشل السيسي في إدارة الاقتصاد المصري بفعالية.

رضخ البنك المركزي وزاد سعر الفائدة على أذون الخزانة لأجل سنة و6 أشهر.

ومؤخرا، اضطرت الحكومة للاقتراض من السوق المحلية بفائدة أكثر من 24% للمرة الأولى بعد عزوف البنوك المحلية عن شراء أذون الخزانة؛ بسبب المخاطر المرتبطة بخفض قيمة الجنيه، وارتفاع التضخم إلى معدلات قياسية جديدة.

وكانت الحكومة أخفقت في أبريل الماضي، لأول مرة، في بيع سندات محلية بعد أن رفض المستثمرون الشراء، ولم يتمكن البنك المركزي المصري إلا من بيع نحو 0.04%  من إجمالي قيمة السندات المطروحة لأجل ثلاث سنوات.

واستجابة لطلبات المستثمرين، رضخ البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية، الأحد الماضي، لزيادة سعر الفائدة على أذون الخزانة لأجل سنة و6 أشهر إلى رقم قياسي جديد تجاوز الـ24%، وباع بقيمة نحو 54.4 مليار جنيه.

وتستعمل السندات في سداد مصروفاتها وسد العجز بين الإيرادات والمصروفات.

وبحسب وزير المالية محمد معيط ، فإن زيادة 1% في سعر الفائدة على أذون الخزانة يزيد عجز الموازنة العامة للدولة بنحو 32 مليار جنيه بسبب عبء تكلفة تمويل الدين، فيما يرى خبير أسواق المال، الدكتور وائل النحاس، أن الحكومة اضطرت إلى القبول بأسعار فائدة مرتفعة بل وتاريخية؛ بسبب عدم تقديم البنوك والمستثمرين أسعار فائدة أقل، وبالتالي عدم قدرة البنك المركزي على جمع المبالغ المطلوبة لصالح وزارة المالية وتمويل احتياجاتها المالية.

مضيفا "البنوك طرحت شهادات بعائد يتراوح بين 20% و25% للمواطنين وهذه الأموال يعاد استثمارها لدى الدولة، فإذا استثمرتها بعائد أقل فسوف تحقق خسائر، والبنوك تحملت طوال فترة الأزمة أعباء رفع سعر الفائدة، لذلك كانت الحكومة تواجه صعوبة في تغطية طروحات أدوات الدين ولا تغطي الكثير منها.

 

ويسبب ارتفاع أسعار الفائدة زيادة عجز الموازنة، والمواطن هو الممول الأكبر للموزانة باعتبار أن أكثر من 75% من إيرادات الدولة ضرائب، وما يجري هو سداد القروض وفوائدها بديون وفوائد جديدة.

 

وخفضت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" تقييم الودائع البنكية طويلة الأجل لخمسة بنوك مصرية، هي البنك الأهلي المصري"، و"بنك مصر" و"بنك القاهرة" و"البنك التجاري الدولي" إلى "B3" بدلا من "B2"، ونزلت بتقييم "بنك الإسكندرية" إلى "B2" بدلا من "B1".

 

يعكس التصنيف المنخفض قدرة البنوك على سداد التزاماتها نحو الودائع البنكية بالعملة المحلية والأجنبية، كما أنه يعكس الخسائر المالية المتوقَّعة من التعثر في سداد الالتزامات.

ويحذر الحبراء من الدخول في دائرة خفض الجدارة الائتمانية للدولة والبنوك، خاصة أن هناك علاقة مطردة بين زيادة حجم الاقتراض وارتفاع أسعار الفائدة وأعباء الدين وخفض التصنيف الائتماني..

وأصبحت تكلفة الاقتراض مرتفعة للغاية، حتى بات من الصعب على الحكومة الوصول لأسواق الدين الخارجية بسبب ارتفاع تكلفة القروض وتأمينها، وأصبحت مصر على بعد خطوة من النزول بجدارتها الائتمانية إلى درجة (C) وهي عدم الجدارة الائتمانية.

كوارث بالجملة ومناورات السيسي تهديد للامن القومي المصري

 

ورغم تلك الكوارث الاقتصادية، وصف السيسي، خلال كلمته في مؤتمر الشباب الوطني في برج العرب، أن سعر صرف الدولار أمام الجنيه قضية "أمن قومي"، ولطالما حذرت بنوك مالية عالمية من تداعيات استمرار خفض الجنيه على الاستقرار المجتمعي في مصر.

وكشف السيسي أن الحكومة تدخلت في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار، ولكنه أقر بأنه عجز عن حلها، وقال: "طب إحنا عملنا إيه السنوات اللي فاتت، كنا بننزل نشتري الدولار من الأسواق، إحنا حلينها لغاية مبقناش قادرين نحل".

 

التعويم

وفيما يتعلق بتعويم الجنيه مجددا، أضاف: "نحن نتمتع بمرونة في سعر الصرف، لكن عندما يتعرض الأمر لأمن مصر القومي والشعب المصري يضيع فيها لأ، عندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين وممكن يضيعهم إحنا منقعدش في مكاننا".

لكن حكومات السيسي قامت بتعويم الجنيه أكثر من مرة منذ نهاية عام 2016، ورغم تداعيات ذلك السلبية على المواطنين والإضرار بهم، إلا أنها أعادت الكرة مرة تلو المرة منذ مارس 2022، وزادت الأسعار أكثر من 500% منذ بدء التعويم.

وذهبت كل وعود السيسي السابقة للمصريين سواء بعدم ارتفاع الأسعار مهما ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه، أو بعدم ارتفاع سعر الدولار، أدراج الرياح.

فيما تجاهل السيسي أصل الأزمة، وهي الديون الطائلة التي اقترضتها مصر في عهده، وبلغت نحو 5 أضعاف ما كانت عليه قبل توليه الحكم من أجل تمويل مشروعات عملاقة، مؤكدين أن تحجيم الاستيراد يضر بالصناعات والمصانع والأسواق، ويؤدي إلى سلسلة سلبيات من بينها الاحتكار، وزيادة الأسعار، وتراجع الإنتاج.

وتحتاج مصر ما يقرب من 90 مليار دولار سنويا أو أكثر بقليل لسداد فواتير الاستيراد، ورأى السيسي  أن الحل يكمن في تقليل فاتورة الاستيراد، وقال؛ إن "مصر لن تتقدم خطوة إلا بالعمل على تقليل الفجوة الدولارية، وهو ما يجب العمل عليه خلال الفترة المقبلة".

ويكشف حديث السيسي أن وصول الدولار إلى 50 و60 و 100 جنيه أمر طبيعي، ولكنه سوف يضر بالمواطن، لكن الواقع يؤكد أن الإجراءات الاقتصادية كافة؛ كتحرير سعر صرف الجنيه وإلغاء الدعم ورفع أسعار الخدمات والسلع والمشتقات البترولية والكهرباء والمواصلات وغيرها، التي أشرف عليها مجموعة البنك الدولي طوال نحو 10 سنوات مضت، أضرت ضررا بالغا بالمواطنين".

وتأتي مناورة السيسي بالحديث عن عدم التعويم، لمحاولة ضرب السوق الموازية الممولة للاستيراد والسياحة والصناعات بعد إعراض البنوك عن توفير العملة لمن يحتاجها فقط، دون تحرك اقتصادي فعلي لحل الأزمة فعليا وعلى أرض الواقع.