رغم  تسببها بالأزمة الاقتصادية…السيسي يمنح الجيش مزيدا من الإعفاءات الضريبية  للهيمنة على المشاريع

- ‎فيتقارير

 

على عكس كافة النصائح والتوصيات الاقتصادية الصادرة من كبريات المؤسسات الاقتصادية الدولية والمانحين الدوليين، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وصناديق الاستثمارات الخليجية، بضرورة تقليص دور الجيش في الاقتصاد، وتوفير فرص تنافسية لشركات القطاع الخاص وتقليص دور الجيش والدولة في الاقتصاد.

فقد وافق مجلس الوزراء ، أمس الأربعاء، على مشروع قانون يقضي بإلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، وذلك بهدف تحسين مناخ الاستثمار، ودعم مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وترسيخ التوجه الخاص بكفالة فرص عادلة للأنشطة الاستثمارية والاقتصادية في المعاملات المالية المنظمة لها.

غير أن مشروع القانون استثنى من جميع أحكامه الإعفاءات الضريبية المرتبطة بالاتفاقيات الدولية المعمول بها في مصر، وكذلك المقررة للأعمال والمهام المتعلقة بمقتضيات الدفاع عن الدولة وحماية الأمن القومي، والإعفاءات المقررة لأنشطة تقديم خدمات المرافق الأساسية.

وبذلك تكون جميع الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية التي يتولى الجيش تنفيذها أو الإشراف عليها معفاة من أحكام القانون، في تكريس لهيمنة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد في البلاد.

إلا الجيش

وكفلت مواد القانون المساواة بين القطاع الخاص وأجهزة الدولة ومؤسساتها وهيئاتها وكياناتها وشركاتها كافة، أو الشركات التي تساهم في ملكيتها عند ممارسة أنشطة استثمارية أو اقتصادية، من خلال سريان الأصل العام المنصوص عليه في تشريعات الضرائب والرسوم على كلتا الطائفتين من دون تمييز، وإلغاء جميع الإعفاءات الضريبية أو الرسوم التي كانت مقررة في أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لها، سواء كان الإعفاء كليا أو جزئيا ، إلا شركات الجيش فتتمتع بكافة الامتيازات والإعفاءات.

رأي الصندوق

وكان صندوق النقد الدولي قد طالب مصر بتجريد الشركات المملوكة للجيش من الإعفاءات الضريبية، وغيرها من الامتيازات، بما يسمح للشركات الخاصة بالمنافسة، وتعهدت الحكومة في خطاب نيّات، للحصول على حزمة إنقاذ مالي من الصندوق بقيمة ثلاثة مليارات دولار، بإبطاء وتيرة الاستثمار في المشروعات العامة، بما في ذلك المشروعات القومية، للحد من الضغوط على سوق الصرف الأجنبي والتضخم.

وأنفقت مصر في عهد السيسي مليارات الدولارات على مشاريع عملاقة، مثل العاصمة الجديدة والطرق السريعة والجسور والقصور الرئاسية، معلنة أنها ضرورية للتنمية، وهي التي تُموَّل أساسا من الديون، إذ زادت من نفوذ الشركات المملوكة للجيش دون أن تنتج وظائف مجدية أو إسكانا أو مكاسب أخرى.

مزيد من المشاريع للعسكر

وفي سياق متصل، كشفت التقارير الدولية، عن توسع الحكومة أخيرا،  في منح الاستثمارات الجديدة لشركات مملوكة للجيش، بالشراكة مع صندوق مصر السيادي، بدلا من القطاع الخاص، على الرغم من حديث الحكومة المتكرر عن أهمية هذا القطاع والتزامها بإفساح المجال لتعزيز دوره في النشاط الاقتصادي.

 

وقال مصدر بارز في لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب في تصريحات إعلامية: إن "منح شركات الجيش بعض الاستثمارات يكون في قطاعات بعينها، وبنظام الإسناد بالأمر المباشر لأهميتها الاستراتيجية، وذلك استجابة لتوجيهات السيسي، الذي دعا القطاع الخاص أكثر من مرة للشراكة مع أجهزة الجيش في تنفيذ المشاريع التنموية الجديدة".

وأصدر السيسي قرارا جمهوريا في 29 يناير الماضي بـتخصيص الأراضي الصحراوية الواقعة بعمق كيلومترين كاملين على جانبي 31 طريقا رئيسيا لصالح الجيش، وهو ما يحول الأخير فعليا إلى أكبر مالك للأراضي القابلة للتنمية والترفيق والتطوير والاستثمار في البلاد، ويمنحه ميزة تنافسية على حساب الحكومة وهيئاتها المدنية والمستثمرين.

كما منحت الحكومة للجيش عقد إنشاء 6 مخازن استراتيجية لتخزين الأدوية والمستلزمات الطبية، بين هيئة التسليح للقوات المسلحة (الجيش) نيابة عن شركة المخازن الاستراتيجية، وتحالف "أوراسكوم وايتز" تحت إشراف مكتب الاستشارات الهندسية بالكلية الفنية العسكرية.

 

وشركة المخازن الاستراتيجية أنشئت بالشراكة بين هيئة الشراء الموحد والصندوق السيادي وجهاز مشروعات أراضي الجيش، استجابة لتوجيهات السيسي بشأن تنفيذ مخازن استراتيجية لتخزين الأدوية والمستلزمات الطبية، موزعة جغرافيا في 6 محافظات هي القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية والدقهلية والمنيا وقنا.

 

وصدق السيسي على قانون إنشاء هيئة الشراء الموحد في عام 2019، وسط اعتراضات واسعة من نقابة الصيادلة على مواد القانون، الذي نقل سلطات واختصاصات ومهام وزارة الصحة، المتعلقة بقطاع الدواء والإشراف الصيدلي، إلى الهيئة التي عين لواء في الجيش رئيسا لها.

 

ومنح القانون الهيئة -دون غيرها- الحق في تولي عمليات الشراء التي كانت تبرمها الدولة لشراء المستحضرات والمستلزمات والأجهزة الطبية، وتوفيرها لجميع الجهات والهيئات والشركات الحكومية، بما في ذلك وزارة الصحة وهيئاتها ومستشفياتها، والجامعات الحكومية ومستشفياتها، وأي مستشفيات تابعة للوزارات أو الجهات والمؤسسات التعليمية والمعاهد البحثية.

وقبل أيام قليلة، وقع رئيس الهيئة العربية للتصنيع اللواء أركان حرب مختار عبد اللطيف، ووزيرة التخطيط، عقدا تتولى بموجبه الهيئة تأثيث وفرش المقر الجديد لمجلس النواب في العاصمة الإدارية الجديدة، تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية بـتعزيز التعاون البناء بين مؤسسات الدولة، باعتباره الطريق الأمثل لتحقيق التنمية الشاملة، بحسب بيان رسمي صادر عن مجلس الوزراء.

 

وتتولى الهيئة أيضاً تأثيث وفرش الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية، وهي جهة رسمية ذات طابع خاص يتولى إدارتها عسكريون سابقون وحاليون، بما يتعارض مع بنود وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تقضي بـتوفير فرص متنوعة للقطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، بما يساعد في رفع نسبة مساهمته الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي.

 

تلك الممارسات وغيرها من المشاريع التي يستولي عليها الجيش بالأمر المباشر ، تسببت عبر سنوات الانقلاب العسكري في هروب الاستثمارات من مصر إلى دول أخرى ، لعدم قدرة أي شركة مهما كانت قوتها على منافسة الجيش الذي يتمتع بالإعفاءات ضريبية والرسوم والجمارك والأراضي المجانية وجنود السخرة الذين يعملون بلا أجور.

وبسبب تلك الممارسات وقعت مصر في فخ الديون والإنفاق الترفي في المشايع الكبرى ، وانهار الاقتصاد المصري.

ومؤخرا، توقع بنك "كريدي سويس"، الأكبر في سويسرا، ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 45 جنيها مصريا خلال مدة زمنية قصيرة هي ثلاثة أشهر، أي بتراجع حاد نسبته 30%  عن السعر الحالي المتداول في السوق، وسط توقعات أسوأ في الفترة المقبلة.