أثارت قرارات حكومة الانقلاب بهدم مقابر شخصيات تاريخية بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي، بزعم تنفيذ مشروع تطوير وتوسعة شبكة الطرق، حالة من الغضب بين المصريين وخبراء الآثار، خاصة بعدما أعلنت محافظة القاهرة عن اعتزامها هدم نحو 2700 مقبرة بالمنطقة.
كما زاد من حالة الغضب قيام مسئولي الانقلاب بإلقاء رفات وجماجم الموتى في الشوارع في انتهاك بشع للموتى، مثلما يحدث مع الأحياء على يد عصابة العسكر.
في التقرير التالي نرصد الكوارث التي ارتكبها نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي في حق مصر وتاريخها.
مقابر الشهداء
في مقابر الشهداء أسفل كوبري متحف الحضارة بالبساتين، فوجئ الأهالي بوجود رفات موتى وبقايا هياكل عظمية على الأرض ؛ ما يصيب المارة بالغثيان والصدمة من هول المنظر، حيث بدت الهياكل العظمية أمام القاطنين بالأماكن المجاورة للمقابر رغم مرور فترة زمنية طويلة من وقت انتشال البلدوزر للجثامين في ظل تجاهل مسئولي الانقلاب للأمر.
وقال أحد أهالي المنطقة: إن "محافظة القاهرة أرسلت لأهالي الموتى بمقابر الشهداء لنقل رفات ذويهم، وأتى عدد منهم وحمل رفات ذويهم لدفنها بمقابر أخرى، وبعد انتهاء الأهالي من نقل رفات ذويهم دخل البلدوزر للحفر بهذه الأرض، وفوجئ المتواجدون بوجود جثث أخرى أسفل التراب بدأت في الظهور أثناء الحفر".
وأشار إلى أنه بالرغم من ذلك واصل البلدوزر الحفر ورغم إخطار محافظة القاهرة، إلا أن المحافظة لم تتدخل لنقل الرفات حتى الآن رغم مرور أكثر من عام على الحفر.
السفارة الباكستانية
وكشف أحد الأهالي عن تدخل السفارة الباكستانية لإيقاف هدم مقابر الشهداء في البساتين؛ نظرا لوجود ضحايا الطائرة الباكستانية التي انفجرت عام 1965، مشيرا إلى أن هناك نصبا تذكاريا يحمل أسماء ضحايا تحطم أول رحلة طيران إلى مصر قامت بها الخطوط الجوية الباكستانية يوم 20 مايو 1965، والتي راح ضحيتها 122 راكبا من أصل 128 حيث نجا منهم 6 ركاب.
وقال: إنه "كان من بين ضحايا الطائرة مصمم الطائرات الصينية هوانج تشيكيان الذي كان كبير مصممي الطائرة المقاتلة شنيانج جي8".
وكشفت باكستان بعد وقوع الحادث أنه تم العثور على راديو ترانزستور في حطام الطائرة مع مجوهرات بقيمة 120.000 دولار مخبأة فيه، إلا أن الحكومة المصرية حينها تحفظت عليها ولم تتسلمها باكستان.
وأوضح أحد الأهالي، أنه بعد تدخل السفارة الباكستانية تم إيقاف هدم مقبرة الشهداء، وأرسلت السفارة مندوبا قام بترميم المكان ووضع شاهدا بأسماء الضحايا.
وأكد أن المنطقة تضم أيضا مقابر ضحايا عدد من الحوادث التي هزت العالم، حيث تضم طاقم حادث طائرة مصر للطيران البوينج 767 رحلة رقم 990 وعدد من ركاب الطائرة التي انفجرت عام 1999 والتي كانت قادمة من نيويورك وعلى متنها 217 راكبا، من ضمنهم33 ضابطا بالجيش المصري كانوا عائدين من تدريب عسكري؛ من بينهم اثنان برتبة عميد، وعقيد ورائد، و4 ضباط قوات جوية.
وأشار إلى أنها تضم ضحايا قطار الصعيد رقم 832 المتجه من القاهرة لأسوان والذي أسفر عن مصرع 361 شخصا، وعدد من ضحايا أتوبيس العقبة وغيرهم من ضحايا الحوادث الشهيرة.
قاضي القضاة
ضريح شيخ الإسلام وقاضي القضاة الشيخ العز بن عبد السلام، وهو عالم وقاض لقب بـ«بائع الملوك» وشيخ الإسلام ولد بدمشق واعتلى منصب مفتي الشام وأتى لمصر واعتلى منصب قاضي القضاة.
اشتهر العز بن عبد السلام بمواقفه لنصرة الإسلام من ذلك موقفه في مهاجمة حاكم دمشق الصالح إسماعيل مع الصليبيين بخطبة الجمعة، وتم عزله واعتقاله بعد أن انتقد تحالفه وتنازله لهم عن بعض المواقع، وبعد الإفراج عنه توجه لمصر ورحب به الحاكم نجم الدين أيوب.
كما اشتهر بموقف بيعه أمراء المماليك الذين كان يستعملهم الملك نجم الدين في خدمته وجيشه وتصريف أمور الدولة.
وأمر بعقد مجلس ليباعوا فيه ويرد ثمنهم إلي بيت مال المسلمين، ثم يتم عتقهم بطريق شرعي، الأمر الذي أثارغضب الملك نجم الدين أيوب من هذه الفتوى، ولما علم العز بذلك تنحي عن القضاء وقرر العودة إلى الشام وتبعه العلماء والصلحاء والتجار والنساء والصبيان، فخشي الملك من زوال ملكه ولحق به وترضاه ووعده بتنفيذ حكم بيع المماليك فرجع العز لمصرونفذ الحكم.
توفي العز بن عبد السلام عام 660 هجرية عن عمر يقارب 83 عاما، ودفن بمقابرمنطقة البساتين بالقرب من جبانة التونسي والإمام الليث بن سعد رضي الله عنه.
ورغم مكانة الرجل في التاريخ الإسلامي، إلا أن قبره التاريخي العريق لم يتبق منه سوى حجارة متهالكة ومتساقطة، دون اهتمام من الجهات المسئولة بحكومة الانقلاب بترميم المدفن والذي تحرص على زيارته العديد من البعثات والأفواج الإسلامية من باكستان وماليزيا وكازاخستان، إلا أن حال المدفن على ماهو عليه حاليا يثير شفقة زائريه، مستنكرين إهمال دولة العسكر لمدفن شخصية دينية وعلمية وتاريخية يبجلها ويحترمها كل المسلمين.
ورغم الزيارات الضخمة التي يستقبلها قبر العز بن عبد السلام، إلا أن وزارة سياحة الانقلاب لم تسجل القبر كأثر إسلامي.
حفيدة الرسول
يقع قبر السيدة أم كلثوم بنت القاسم بن محمد بن جعفر الصادق محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حفيدة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بمقابر قريش بجوار مسجد الإمام الشافعي بمنطقة عين الصيرة.
ويحاول الأهالي الحفاظ على مقام حفيدة الرسول، إلا أن عوامل الجو والأمطار أكبر من إمكانيات الأهالي.
ويضطر الأهالي إلى غلق المقام ويتم فتحه أمام الزائرين ثم إغلاقه مرة أخرى حفاظا عليه.
والغريب أن هناك عصفورة لا تغادر مقام السيدة أم كلثوم أبدا وتمكث داخل المقام مزقزقة بصوت جميل، وكأنها ترحب بزائري حفيدة الرسول، وحين يقترب الزائرون من العصفورة تحاول الاختفاء حول مقام السيدة أم كلثوم وترفض الخروج من المقام ويتم غلق المقام عليها.
ويعاني مقام السيدة أم كلثوم من تجاهل مسئولي الانقلاب بجانب عدم الترويج له باستقبال زائريه.
شقيقة السيدة نفسية
بجوار مسجد عقبة بن عامر الجهيني، يقع ضريح الشريفة فاطمة حسن الأنور شقيقة السيدة نفيسة، حيث يوجد مقامها قبل دخول المسجد بمقبرة صغيرة مربعة الشكل بها مقصورة مصنوعة من الألومنيوم بها ضريح كتب عليه هذا مقام السيدة فاطمة حسن الأنور -رضي الله تعالى عنها-، ويتم النزول للضريح بعدة درجات ولها باب من الشارع ويعلوها قبة صغيرة.
وكان حوش السيدة فاطمة بنت السيد الحسن الأنور مكان تجمع الحجيج والمحمل، حيث كان ينته المطاف بحجيج أهل مصر وحجيج الشمال الإفريقي فيقفون زائرين للسيدة فاطمة بنت السيد الحسن الأنور، ثم يعبرون بوابة الدخول عقبة بن عامر، فيكون آخر من زار أهل مصر من الأولياء قبل عبورهم الصحراء إلى سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ومكة المكرمة هم أهل بيته وصحابته، وكان الحجيج يجتمعون أمام مقامها بعد أخذ المحمل الشريف المتوجه للحجاز وذلك بعد زيارة مقام سيدنا الحسين رضي الله عنه وانتهاء زفة محمل الحسين وقراءة الفاتحة، ثم يغادر المحمل الشريف إلى مكان تجمع الحجيج أمام السيدة فاطمة بنت السيد الحسن الأنور رضي الله عنهما.
الصحابة وآل البيت
يقع ضريح الصحابي عمرو بن العاص بمدخل مسجد سيدي عقبة بن عامر الجهيني على سفح المقطم وهو عبارة عن بناء بسيط طابعه أيوبي تعلوه قبة محززة، تحتها ضريح عمرو بن العاص فاتح مصر.
وكان الحجاج المغاربة وغيرهم يتوجهون لزيارة مسجد عقبة بن عامر الجهيني قبل التوجه الى السعودية لأداء فريضة الحج.
وكشف حارس مسجد عقبة بن عامر الجهيني، أن هناك جزءا من الحجر الأسود داخل المسجد ملصق أمام ضريح عقبة بن عامر الجهيني، بينما يدعى سدنة الضريح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وضع قدمه عليه، فيما يرى آخرون أنه ليس من أحجار الأرض وغير مشابه في خواصه أي أحجار موجودة بالكرة الأرضية.
وأشار إلى أن هناك ثلاث مقامات كبيرة داخل المسجد، أولهم من اليسار مقام السيدة رابعة العدوية ثم يليه ضريح ذي النون المصري على اليمين ويليه ضريح محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب.