في ذكرى نكسة 30 يونيه.. خبير تنمية غذائية : بيزنس “الجيش” وراء ارتفاع أسعار كل السلع الغذائية وحرمان الشعب من الأضاحي

- ‎فيتقارير

 

في ظل احتفالات السفيه السيسي وعصابته بذكري نكسة 30 يونيه، كشف خبير زراعي ان  عصابة الجيش وراء غلاء  كل السلع الغذائية في مصر، وفي مقدمتها اللحوم. 

وقال الخبير في التنمية الغذائية د. عبدالتواب بركات أن الجيش وشركاته هي من تقف وراء معاناة المصريين من الارتفاع غير المسبوق في أسعار اللحوم المحلية أو البلدية، والمستوردة بنوعيها المبردة والمجمدة.

وقال بركات: "رغم أن المعاناة مستمرة منذ سنوات، تضاعفت المعاناة هذا العام بتضاعف أسعار اللحوم عما كانت عليه قبل أشهر قليلة، وأثارت أزمة اللحوم في مصر دون غيرها من دول العالم اهتمام الصحف العالمية".

وأوضح في مقال بعنوان "حلول ممكنة لأزمة اللحوم الطاحنة في مصر" أن الأزمة تظهر بقوة عادة مع قدوم عيد الأضحى، وهو مناسبة دينية استثنائية عامة لاقتناء الموسرين الأضاحي والإقبال على شراء اللحوم لمن يقدر ومن لا يستطيع شراءها في أي وقت آخر طوال العام.

لماذا الجيش؟

وقال عبدالتواب بركات مستشار وزير التموين المصري سابقا، في مقاله: إن "إغراق سوق اللحوم البلدية باستيراد شركات تابعة للجيش كميات ضخمة من اللحوم المجمدة والدواجن، طمعا في الربح المضاعف، ولكنه حقق خسائر فادحة للمُربين المصريين".

وأشار إلى دراسة لمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي سنة 2022، أثبتت استيراد نحو 800 ألف طن من اللحوم المجمدة، بسعر دولار واحد للكيلوغرام".

وأضاف أن سيارات تابعة للجيش باعت اللحوم والدواجن على أرصفة الشوارع وفي عموم المدن والقرى والنجوع بأسعار مضاعفة، ولكنها ظلت أقل من أسعار اللحوم البلدية، والنتيجة أن توقف 70% تقريبا من الفلاحين عن تربية الماشية".

وقال: "أعرف مُربّين توقفوا تماما عن مهنتهم الأصلية في تربية المواشي منذ سنة 2017 بعد تكبدهم خسائر فاقت مئات الآلاف من الجنيهات".

وأبدى تعجبا كما تعجب العالم من استمرار استيراد الجيش وشركاته من البرازيل رغم ما حدث بها وقال: "مؤخرا، ظهر مرض جنون البقر في البرازيل، وحظرت الدول استيراد اللحوم البرازيلية، ورغم ذلك لم تحظرها مصر طمعا في الأسعار المنخفضة، وتساءلت (سي إن إن عربي) لماذا لم تُوقف مصر استيراد اللحوم من البرازيل بعد رصد إصابات بجنون البقر؟".

وأبان أنه "تطوع مسؤولون في وزارتي التموين والزراعة للدفاع عن جودة اللحوم البرازيلية وكأنها مصرية، وفي بداية سنة 2017، عاودت مصر لأول مرة استيراد اللحوم من أيرلندا بعد حظرها 20 سنة بسبب مرض جنون البقر".

وعن تخطي الاستيراد إلى لحوم فاسدة، لفت إلى أن السلطات في البرازيل كشفت عن أكبر شبكة لتصدير اللحوم الفاسدة، وأوقفت الدول -باستثناء مصر- الاستيراد لحين انتهاء التحقيق، وتطوع مسؤول في وزارة الزراعة المصرية بتأكيد سلامة اللحوم البرازيلية، رغم ثبوت فسادها في بلدها البرازيل".

أسعارالأعلاف

وعوضا عن تورط بيزنس الجيش، تورطت حكومة السيسي أيضا بحسب "بركات" وقال: إن "ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق المحلية رغم تراجعها دوليا، بسبب المافيا النافذة، وانخفاض قيمة الجنيه وشح الدولار، وصل سعر الذرة الصفراء إلى 18 ألف جنيه، رغم أن سعرها في السوق الدولية 9 آلاف جنيه فقط".

وربط بين هذا وهذه النتيجة وهي "خروج كثير من مزارع اللحوم والدواجن والأسماك من دولاب العمل وتراجع الإنتاج بسبب ارتفاع التكلفة، ورأينا كيف تخلص مُربو الدواجن من الكتاكيت بسبب غياب الأعلاف، وقد رصدت دراسة لمعهد الاقتصاد الزراعي انخفاض الإنتاج المحلي من اللحوم من 992 ألف طن في سنة 2018 إلى 512 ألف طن في سنة 2020".

حملات المقاطعة
وعلى عكس المرجو مما يرجوه بعض المشاركين فيها بالخطأ، من حجة محاربة جشع التجار، اعتبر عبدالتواب بركات أن تكرار حملات مقاطعة اللحوم البلدية، دون غيرها من المجمدة المستوردة، خلال السنوات الماضية، مثل “بلاها لحمة”، و”خليها تعفن”، ومؤخرا حملة “خليها تنعر”، سبب ثالث.

وضمنها أيضا "إشاعة أكذوبة بيع لحوم الحمير في الإعلام المصري التي تضطر المستهلك إلى العزوف عن شراء اللحوم البلدية لصالح المستوردة، والنتيجة وقف حال مُربي الماشية المصريين والتجار، حتى إن 30% من القصابين أغلقوا محالهم أو غيروا نشاطهم التجاري، وفق نائب رئيس شعبة القصابين بالغرف التجارية".

علاج الأزمة 

ولعلاج أزمة اللحوم في مصر، طالب د. عبدالتواب بركات بنحو 4 خطوات كفيلة بتوفير اللحوم البلدية، وذلك بمقاله الذي نشرته "الجزيرة مباشر": 

أولا: تنفيذ برنامج قومي لتحسين سلالات الأبقار والجاموس المصرية، وهي التي تميزت عن السلالات الأجنبية بمقاومتها للأمراض وتأقلمت مع المناخ المصري، ووقف محاولات الخلاص منها بحجة أنها منخفضة الإنتاجية، خاصة الجاموس المصري الذي يتميز بصفات فريدة عن غيره من ماشية اللبن، فيطول عمره الإنتاجي حتى 20 سنة.

واستشهد ببحث ل"الدكتور حسن جبر، أستاذ الإنتاج الحيواني، أن مشروعا قوميا لتحسين الصفات الإنتاجية لقطعان الجاموسي المصري بدأ في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، ولكن وزير الزراعة المثير للجدل، يوسف والي، قتله في مهده".

وكشف أن "المشروع نُقل إلى إسرائيل، ونجح هناك بعد عشرين سنة في إنتاج تراكيب وراثية وسلالات من الجاموس المصري مقاومة للأمراض، وعالية في إدرار الحليب حتى 20 كيلوغراما في اليوم من خلال برامج التهجين والانتخاب الوراثي".

واستعرض كيف أن السيسي قال: "الجاموس بتاعنا ده دولة خدته عملت ليه تعديل وراثي كان بيطلع 5 و6 كيلوغرام لبن، رجعته بيجيب 25 كيلوغرام لبن" متحفظا "على طريقة التعديل الوراثي، لأنها لا تصلح في هذا المجال"، بحسب الكاتب.

ثانيا: العودة إلى تنفيذ المشروع القومي للبتلو الذي بدأ في الثمانينيات كاملا دون اجتزاء، فتوفر وزارة الزراعة العجول المحسنة للمُربين، والأعلاف المحلية، وخاصة كسبة بذرة القطن، والأدوية البيطرية والأمصال بأسعار معقولة دون تربح، والإشراف البيطري، ثم تشتري وزارة التموين العجول من الفلاحين بعد تسمينها إلى وزن 500 كيلوغرام بأسعار تحقق هامش ربح حقيقيا للفلاح ويناسب المستهلك أيضا، وكان الاكتفاء الذاتي من اللحوم البلدية بأسعار مناسبة للمواطن وتشغيل الشباب وزيادة دخل الفلاحين من مكاسب مشروع البتلو.

وحذر مستشار د. باسم عودة من أن "عودة مشروع البتلو الحالي، واختصاره في قرض يحصل عليه المُربي بفائدة من البنك الزراعي، الذي تحول من بنك تسليف الفلاحين إلى بنك تجاري، ليتولى عملية التسمين في ظل غلاء الأعلاف الفاحش، وإغراق السوق باللحوم والدواجن المجمدة، وغياب الإشراف البيطري، وانعدام الرقابة على الأدوية واللقاحات، كل ذلك أدى إلى فشل المشروع في حل أزمة اللحوم خلال السنوات الماضية، وتسبب في خراب بيوت المُربّين بعد عجزهم عن سداد القروض البنكية وفوائدها".

ثالثا: حماية المنتج الوطني من الإغراق باللحوم المستوردة والدواجن المنتهية الصلاحية، والكف عن تشويه سمعة المنتج الوطني لصالح المستورد، وتوفير الأعلاف المحلية، الذرة الصفراء وكسبة بذرة القطن، من خلال مشروع قومي للاكتفاء الذاتي من الذرة الصفراء، وهو المشروع الذي وضع لبنته الأولى وزير التموين السابق الدكتور باسم عودة، ونقيب الفلاحين الحاج عبد الرحمن شكري، بالاشتراك مع وزارة الزراعة واتحاد منتجي الدواجن.

وعلق قائلا: "صحيح أن مصر لا تتمتع بالمراعي الطبيعية، ولكن الفلاحين المصرين نجحوا في الماضي في تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم رغم غياب المراعي، بفضل وفرة كسبة بذرة القطن".

رابعا: دعم المُربي المصري، كما تفعل كل دول العالم، ويجدر هنا التأكيد أنه لا يمكن أن تكتفي دولة ما ذاتيّا من اللحوم دون دعم من الدولة غير مباشر بتوفير السلالات والأعلاف والأدوية والإشراف البيطري بأسعار اقتصادية، ومباشر بدفع تحويلات مالية مباشرة عن كل رأس تصل إلى وزن 500 كيلوغرام عند الذبح، وقد زرت دولة أوربية ليست متقدمة، وسألت عن حجم الدعم المباشر الذي تقدمه الحكومة لمُربي الماشية، فوجدته يعادل 40% من التكلفة.

واعتبر أن الدعم السالف يُمثل صافي ربح المُربي الذي لا يستطيع أن يحقق هامش ربح من دونه، وبفضل هذا الدعم المتواضع بالنسبة لما تقدمه دول أوربا المتقدمة، أصبحت لهذه الدولة مكانة وعلامة تجارية في أوربا في إنتاج اللحوم والألبان، حتى إن مواطني ألمانيا والدول المجاورة يزورونها بالسيارات من أجل شراء اللحوم فقط، ورغم أن مذاق اللحم هناك يُضرب به المثل في الجودة، فإني وجدت أن مذاق اللحم المصري ما زال يتفوق عليه.