قال مسؤولون فلسطينيون: إن “عدة آلاف من الفلسطينيين فروا من منازلهم في مخيم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلة بعد بدء أكبر عملية عسكرية إسرائيلية في المنطقة منذ عقدين” بحسب ما أفادت صحيفة “الجارديان”.
وقال نائب محافظ جنين، كمال أبو الروب، لوكالة فرانس برس يوم الثلاثاء: “هناك حوالي 3000 شخص غادروا المخيم حتى الآن”، مضيفا أنه يجري اتخاذ الترتيبات لإيواء اللاجئين في المدارس والملاجئ الأخرى في مدينة جنين.
وأعطت خدمة الإنقاذ التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني نفس الرقم وقالت إنها “تتوقع استمرار النزوح وسط تلميحات من سلطات الاحتلال بأن عملية البيت والحديقة، التي بدأت في الساعات الأولى من صباح الاثنين، قد تستمر عدة أيام”.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) إن “الكثير من الناس في المخيم يحتاجون إلى الطعام ومياه الشرب ومسحوق الحليب مع احتدام القتال لليوم الثاني”.
واستمرت طوابير الانتظار لساعات عند نقاط التفتيش على الطريق السريع 60 – الطريق الرئيسي بين الشمال والجنوب في الضفة الغربية، حيث أجبر أولئك الذين يحاولون الوصول إلى جنين أو مغادرتها، بما في ذلك سيارة إسعاف واحدة على الأقل، على السير على طرق جبلية غير معبدة في بعض الأحيان.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن “10 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 100 شخص، 20 منهم في حالة خطيرة، منذ أن شنت سلطات الاحتلال سلسلة من الضربات بطائرات بدون طيار وأرسلت ما يصل إلى 2000 جندي بري، مدعومين بجرافات مدرعة وقناصة على أسطح المنازل، إلى المدينة ومخيمها للاجئين”.
ومع استنفار سلطات الاحتلال من هجمات انتقامية، قالت الشرطة الإسرائيلية يوم الثلاثاء: إن “سائق سيارة تسبب في سقوط ستة أشخاص في حادث دهس في تل أبيب، بعد تنفيذه هجوم طعن مشتبه به، وقالوا إنه هجوم إرهابي، وقتل المهاجم المزعوم في مكان الحادث على يد مدني مسلح” بحسب ما قالته الشرطة لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت لاحق، قال قائد شرطة تل أبيب إن المشتبه به فلسطيني من الضفة الغربية.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي: إن “عملية جنين تستهدف مركزا رئيسيا لقيادة النشطاء الفلسطينيين، حيث نفذت سلطات الاحتلال غارة جوية بعد ظهر يوم الاثنين بالقرب من مسجد في المخيم قال جيش الاحتلال إن مسلحين فلسطينيين يستخدمونه”.
وأقيم مخيم جنين في عام 1950 لإيواء اللاجئين الفارين من ديارهم في عام 1948 بعد إنشاء دولة الاحتلال، ولطالما كانت المنطقة الشبيهة بالغيتو، التي تعاني من الفقر، مرتعا لما يعتبره الفلسطينيون مقاومة مسلحة.
وقال روب: إن “نحو 18 ألف فلسطيني يعيشون في المخيم المكتظ، لكن الرقم الدقيق غير معروف، وتقدر وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين العدد ب 14,000 شخص، في حين تقول البيانات الفلسطينية الرسمية لعام 2020 إنها موطن ل 12,000 شخص”.
ويتمركز هناك مئات المسلحين من جماعات من بينها حماس والجهاد الإسلامي وفتح، كما أن السلطة الفلسطينية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي والتي يعتبرها كثير من الفلسطينيين مقاولا من الباطن للأمن الإسرائيلي ليس لها وجود يذكر.
وألقي باللوم على كتائب جنين، وهي وحدة من رجال مسلحين من فصائل مختلفة، في عدة هجمات ضد الإسرائيليين مع تدهور الحالة الأمنية في جميع أنحاء دولة الاحتلال والضفة الغربية، وشهدت الأشهر ال 18 الماضية أسوأ إراقة للدماء في المنطقتين منذ انتهاء الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2005.
وأثارت عملية “البيت والحديقة” مقارنات مع التكتيكات العسكرية الإسرائيلية التي استخدمت خلال تلك الحرب وتأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط السياسية من أجل رد صارم على الهجمات الأخيرة على المستوطنين الإسرائيليين، بما في ذلك إطلاق النار الشهر الماضي الذي أسفر عن مقتل أربعة إسرائيليين.
وترفع أحداث يوم الاثنين عدد القتلى الفلسطينيين الذين قتلوا في الضفة الغربية هذا العام إلى 133 وقتل ما مجموعه 24 إسرائيليا، وأسفرت عملية إسرائيلية مفاجئة استمرت خمسة أيام في قطاع غزة المحاصر عن مقتل 34 فلسطينيا آخرين وإسرائيلي واحد.
وأدان الفلسطينيون وثلاث دول عربية تربطها علاقات طبيعية مع دولة الاحتلال، وهي الأردن ومصر والإمارات، التوغل، وكذلك فعلت منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة.
وقال البيت الأبيض: إنه “يدافع عن حق دولة الاحتلال في الأمن ويراقب الوضع في الضفة الغربية عن كثب”.
وفي المملكة المتحدة، دعت وزيرة الخارجية آن ماري تريفلين دولة الاحتلال إلى إظهار التناسب وضبط النفس، لكنها لم تحثها على وقف العملية، ردا على سؤال عاجل في مجلس العموم، وقالت: إن “الحكومة البريطانية تشعر بقلق عميق من دورة العنف في المنطقة، وأضافت أنه سيتم السعي إلى خفض التصعيد في اجتماع مع السفير الإسرائيلي”.
وحذرت أليسيا كيرنز رئيسة لجنة الشؤون الخارجية المختارة من حزب المحافظين من أن العالم يقف على شفا انتفاضة ثالثة، ودعت إلى دعم المبادرات الدبلوماسية لإنهاء العنف.
وعقدت القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية اجتماعا طارئا في وقت متأخر يوم الاثنين وقالت: إنها “ستوقف اتصالاتها المحدودة بالفعل مع سلطات الاحتلال”. وقال القادة: إن “تجميد التنسيق الأمني سيظل قائما، وتعهدوا بتصعيد النشاط ضد إسرائيل في الأمم المتحدة والهيئات الدولية. كما خططوا لتقليل الاتصالات مع الولايات المتحدة”.
وقال مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط تور وينسلاند إن “التصعيد في الضفة الغربية خطير للغاية، وسئل المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق عن هجمات الطائرات الإسرائيلية بدون طيار على المناطق السكنية، فقال إن الهجمات على المناطق المكتظة بالسكان هي انتهاكات للقانون الإنساني الدولي”.
وكانت جنين ونابلس المجاورة الهدفين الرئيسيين لعملية كاسر الأمواج الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام والتي شملت غارات شبه ليلية وبعض أعنف المعارك في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية. كما أن هجمات القصاص الأهلية التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون المتمركزون في الضفة الغربية ضد القرى الفلسطينية آخذة في الازدياد من حيث الحجم والنطاق.
وعلى الرغم من تصعيد النشاط العسكري، تدهورت الحالة الأمنية وأصبحت الهجمات الفلسطينية أكثر فتكا، فقد قتل أربعة إسرائيليين في محطة بنزين في الضفة الغربية الشهر الماضي.
https://www.theguardian.com/world/2023/jul/04/jenin-refugee-camp-west-bank-israel-military-operation