صدَّق الجنرال عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري في 2013م، الذي اغتصب به منصب رئيس الجمهورية، الثلاثاء غرة أغسطس 2023م، على القانون رقم 159 لسنة 2023م، والذي ينص على إلغاء الإعفاءات الضريبية المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، والذي يقضي بالمساواة بين القطاع الخاص وأجهزة الدولة ومؤسساتها وهيئاتها وكياناتها وشركاتها، من خلال سريان الأصل العام المنصوص عليه في تشريعات الضرائب والرسوم على كلتا الطائفتين من دون تمييز؛ لكنه في نفس الوقت يستثني شركات الجيش وأنشطتها الاقتصادية بما يعد استمرار للامتيازات التي تحظى بها شركات الجيش دون غيرها من شركات الدولة والقطاع الخاص.
وألغى القانون جميع الإعفاءات الضريبية أو الرسوم التي كانت مقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية، في أيٍّ من القوانين أو اللوائح المنظمة لها، سواء كان الإعفاء كلياً أو جزئياً، غير أنه نصّ على استمرار تمتع الأعمال والمهام المتعلقة بمقتضيات حماية الأمن القومي بجميع الإعفاءات المقررة لها، حتى تنفيذ هذه التعاقدات وفقاً للقوانين التي أبرمت في ظل سريانها. واستثنى القانون من جميع أحكامه الإعفاءات الضريبية المقررة للأعمال والمهام المتعلقة بمقتضيات الدفاع عن الدولة وحماية الأمن القومي، وكذلك أنشطة تقديم خدمات المرافق الأساسية.
وبموجب القانون، تعفى الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية التي تتولى شركات الجيش تنفيذها أو الإشراف عليها من أحكامه كافة، في تكريس لهيمنة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد في البلاد، من خلال استمرار تمتع شركاتها بالإعفاءات من الضرائب والرسوم، ومنحها ميزة تفضيلية مقارنة بشركات الحكومة والقطاع الخاص.
وتوسعت الحكومة في منح الاستثمارات الجديدة لشركات مملوكة للجيش، بالشراكة مع صندوق مصر السيادي، بدلاً من القطاع الخاص، على الرغم من حديثها المتكرر عن أهمية هذا القطاع، والتزامها بإفساح المجال لتعزيز دوره في النشاط الاقتصادي. وتعهدت مصر لصندوق النقد الدولي بتقليص دور الجيش في الاقتصاد بصورة تدريجية، في إطار بنود اتفاقها مع الصندوق للحصول على حزمة إنقاذ مالي بقيمة 3 مليارات دولار. ويحظى صندوق مصر السيادي، الذي تأسس في عام 2018، بصلاحيات واسعة في ما يخص نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة أو المستغلة المملوكة للدولة إليه، بالإضافة إلى إعفاء المعاملات البينية للصندوق، والكيانات المملوكة له، من جميع الضرائب والرسوم، على غرار شركات الجيش.
وكان صندوق النقد الدولي قد طالب حكومة السيسي بتجريد الشركات المملوكة للجيش من الإعفاءات الضريبية، وغيرها من الامتيازات، بما يسمح للشركات الخاصة بالمنافسة. وتعهدت الحكومة في خطاب نيّات، للحصول على حزمة إنقاذ مالي من الصندوق بقيمة ثلاثة مليارات دولار، بإبطاء وتيرة الاستثمار في المشروعات العامة، بما في ذلك المشروعات القومية، للحد من الضغوط على سوق الصرف الأجنبي والتضخم. وأنفقت حكومة السيسي في مليارات الدولارات على مشاريع عملاقة، مثل العاصمة الجديدة والطرق السريعة والجسور والقصور الرئاسية، معلنة أنها ضرورية للتنمية، وهي التي تُموَّل أساساً من الديون، إذ زادت من نفوذ الشركات المملوكة للجيش دون أن تنتج وظائف مجدية أو إسكاناً أو مكاسب أخرى.
وفي 13 إبريل 2023م، قالت مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجييفا، إن برنامج التمويل الذي أقره الصندوق مع مصر يرتكز على 3 محددات رئيسية، هي تحرير سعر صرف العملة المحلية (الجنيه)، ومنح الفرصة للقطاع الخاص لقيادة الاقتصاد، ومراقبة الإنفاق على المشاريع الضخمة طويلة الأجل، التي قد تقوض استقرار الاقتصاد الكلي في الظروف المشددة الحالية، ولا سيما مع السرعة التي صممت بها في ظل ظروف مختلفة. وما زالت حكومة السيسي تنتظر صرف الشريحة الثانية من قرض الصندوق بقيمة 347 مليون دولار، بسبب إرجاء المراجعة الأولى لخبراء الصندوق بشأن برنامجها للإصلاح الاقتصادي، ضمن الاتفاق الذي يتيح تمويلاً تحفيزياً إضافياً بحوالى 14 مليار دولار من شركاء مصر الدوليين والإقليميين.
بيزنس الجيش 60%
ويحظى الجيش بامتيازات واسعة وله شركات في جميع قطاعات الدولة وتدور نسبة حصة الجيش في الاقتصاد المصري عن نحو 60% حسب تقديرات مستقلة، وتتمثل في إنتاج السلع كالحديد والأسمنت ومواد البناء والمحاجر، والسلع الاستهلاكية المعمرة والملابس، والمواد، والأغذية والمشروبات والتبغ، والسيارات وقطع الغيار، والبيع بالتجزئة. وكذلك الإعلام والترفيه، وأشباه الموصلات ومعدّات أنظمة النقل الذكية، والمعدّات الصلبة والتجهيزات التكنولوجية، وذلك وفقا لتقرير أصدره البنك الدولي، في ديسمبر 2020م.
ويمتلك الجيش 3 كيانات عسكرية تعمل بالمجالين العسكري والمدني، هي وزارة الإنتاج الحربي ولديها 20 مصنعا، والهيئة العربية للتصنيع ولديها 12 مصنعا، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية ويدير 13 مصنعا، وفق مواقع الهيئات العسكرية على الإنترنت. ويعمل آلاف الضباط واللواءات المتقاعدين بشركات ومصانع الجيش لتصنيع الإلكترونيات، والأجهزة المنزلية، والسيارات، واللحوم والدواجن، والأسماك، والمواد الغذائية والطرق والأسمنت، والمقاولات، والسكك الحديد، وقطاع التعدين، والاستصلاح الزراعي وغيرها. وتتمتع مشروعات الجيش بإعفاء من ضريبة القيمة المضافة التي تم فرضها بقانون عام 2016، ومن الضريبة العقارية بقرار وزير الدفاع عام 2015، ومن ضريبة الدخل حسب قانون بعام 2005، ومن رسوم الاستيراد وفقا لقانون بعام 1986م.