أسعار الكتب الخارجية في مستوى اللصوص.. زيادة 50% والأهالي في ورطة

- ‎فيتقارير

تتفجر الأزمات يوما بعد يوم في وجه المصريين، وهي الأزمات التي اعتبرها البعض مستهدفة لوأد أي فرص متاحة أمام الشعب للتطور والرقي، ولعل ما يشهده المجال التعليمي في مراحله المختلفة يبرهن على ذلك بوضوح، ودون مواربة، فتعج المدارس الحكومية بالكثير من المشاكل والأزمات ، من ضيق الفصول الدراسية، ونقص الكتب وعجز المعلمين الذي تقدره الوزارة نفسها بأنه يتجاوز 450 ألف معلم، وعدم توافر الوسائل التعليمية، وتحويل الكثير من المدارس لنظام الثلاث فترات يوميا، لاستيعاب الأعداد، وتقصير زمن الحصص الدراسية لنحو 30 دقيقة، لا يستطيع المعلم توصيل أية معلومات في ظل الزحام وتكدس الفصول الدراسية، وهو ما يضطر التلاميذ للاعتماد على الدروس الخصوصية التي ترهق الأهالي  وتعجزهم ماديا، بجانب تسرب آلاف الطلاب من التعليم، والذهاب للعمل مبكرا، لكي يساعدوا أهاليهم على غلاء المعيشة، الذي يكاد يقتل ملايين المصريين وسط عجز النظام على توفير بدائل.

وأمام تلك المأساة، ابتكر النظام العسكري بدائل كارثية تزيد جهل الجهلاء وبلادة البلداء، حيث صدرت تعليمات شفهية لمديري الإدارات التعليمية وصلت المدارس، بضرورة نجاح كل الطلاب وبنسبة  لا تقل عن 99% ، بل وإجبار المعلمين على استخدام القلم الأزرق لكتابة الإجابات للطلاب لرفع درجاتهم كي يتمكنوا من النجاح، رغم ضحالة تحصيلهم العلمي، ووصل الأمر أن يقوم مسئولو الكنترولات التعليمية على كتابة درجة النجاح على مراية ورقة الإجابة، والطلب من المعلمين توزيعها بداخل الورقة حتى ولو لم يكن الطالب  كاتبا لأي إجابة، وهو ما رصدته سابقا "الحرية والعدالة"..

 

جنون أسعار الكتب الخارجية

وشهدت أسعار الكتب الخارجية للعام الدراسي الجديد ارتفاعا جنونيا، تجاوزت نسبته 50% مقارنة بأسعار بيعها العام الماضي، ما أثار حالة من الغضب الواسع بين أولياء الأمور، الذين يعانون في الأصل من التضخم الجامح وغلاء الأسعار، والزيادة المطردة في أسعار المواد الغذائية، وغيرها من المواد والخدمات الأساسية، مثل فواتير استهلاك الكهرباء والغاز والمياه.

ووفق رصد ميداني،  بلغت القيمة الإجمالية للكتب الخارجية 1250 جنيها في المتوسط للتلميذ في المرحلة الابتدائية، و1700 جنيه في المرحلة الإعدادية، و2950 جنيها في المرحلة الثانوية، أي نحو 6 آلاف جنيه تقريبا للأسرة المكونة من 3 أطفال، بخلاف تكاليف الدراسة الأخرى من مصاريف المدارس والأدوات المكتبية والدروس الخاصة.

في المرحلة الابتدائية، تراوح سعر كل كتاب -بعد الزيادة- ما بين 245 و255 جنيها لإجمالي 5 مواد أساسية، والمرحلة الإعدادية ما بين 265 و295 جنيها لإجمالي 6 مواد أساسية.

أما للصف الثالث الثانوي (الثانوية العامة)، فارتفع سعر كتاب "الأضواء" لمادة اللغة العربية إلى 670 جنيها، ومجموعة "المعاصر" لمادة الرياضة (4 كتب) إلى 830 جنيها، بالإضافة إلى متوسط 295 جنيها للكتاب في 5 مواد أساسية أخرى.

وبجسب عضو شعبة الأدوات المكتبية التابعة لاتحاد الغرف التجارية، بركات صفا، الزيادة الكبيرة في أسعار الكتب الخارجية للتلاميذ في مراحل التعليم الأساسي، بقوله: إن "ذلك يعود إلى التضخم، وارتفاع أسعار الورق والطباعة والأحبار، فضلا عن شح الدولار اللازم للاستيراد، وتدبيره بسعر أعلى من الرسمي في البنوك من السوق الموازية".

وأضاف صفا في تصريحات متلفزة، أن "أسعار الكتب الخارجية لا تخضع للعرض والطلب فقط، لكنها مرتبطة أيضا بتكاليف استيراد الورق والطباعة المرتفعة".

 

الأسعار في مستوى اللصوص!

وتجاوزت أسعار ورق الطباعة المستورد في مصر 50 ألف جنيه للطن، مقارنة بنحو 17 ألف جنيه في مارس 2022، أي بزيادة تقترب من 200%، على خلفية تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار بنسبة تزيد عن 50% خلال العام الجاري، وتأخر البنوك في تدبير النقد الأجنبي للمستوردين وفتح الاعتمادات المستندية.

ويبلغ حجم استهلاك مصر من الورق نحو 500 ألف طن سنويا، تنتج منها قرابة 210 آلاف طن محليا، من خلال شركة قنا لصناعة الورق، وشركة إدفو في محافظة أسوان وكيانات أخرى صغيرة، ويتم استيراد الكمية المتبقية من دول أبرزها فنلندا والبرازيل، لتعويض الفجوة ما بين الإنتاج والاستهلاك.

ولعل معاناة المصريين مع التعليم والناجمة اساسا عن تقليص مخصصات  التعليم والصحة  في الموازنة العامة، في مقبل رفع مخصصات الشرطة والقضاء والبرلمان، وهو ما يمكن إدراكه في ضوء أهداف النظام العسكري،  الذي يرى تأمين كرسي الحاكم ومصالحه على حساب الشعب، الذي عليه أن يواجه الجهل والجوع والفقر والأمراض وحده، لينشغل في همومه الخاصة عن هموم المجتمع وحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ولعل زيادة جهل الطلاب والشباب والمجتمع يسهل على السيسي وإعلامي البغال، مهمتهم في الترويج لأوهام السيسي وشغل المجتمع عن مهام الإصلاح والتغيير من أجل مصالح الكبار الذين ينعم أبناؤهم بالتعليم في المدارس الدولية والخاصة  ويترقون اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ويضمنون لأسرهم استمرار الرفاهة والترقي، بينما عموم المصريين في القاع يقبعون بلا أي مستقبل.